أخي الحبيب بن ناصر
ما شاء الله تبارك الله يا أبا فيصل على هذه الذاكرة الصّافية وهذه الحافظة النّاصعة وهذا البيان الحصيف المتّزن وإنّني أغبطك على ذلك كلّه فقد أمتعتنا وملأت أمتعتنا بتلك الذّكريات اللتي تبيّن كفاح الرّجال الأبطال الّذين عركتهم الحياه وعركوها بصبرهم ! واصطلوا بحرقة الفقر والفاقة والعوز في زَمَنٍ لا تجد فيه للكسول مكاناً ولا للمتسوّل عِنواناً ! فإن لم تجدّ وتجتهد في طلب الرّزق وتبحث عنه هنا وهناك فلن تجد مَن ينجدك بكسرة خبز تسدّ رمقك خصوصاً وأن أولئك الأبطال لهم مِن عزّة النّفس وعفافها وكرامتها ما يجعلهم يبيتون وبطونهم خاوية وبالذّات في ديرة الغربة أمّا وإن كانوا بين ربوعهم وعزوتهم فالحاجة مقضيّة والأمر هيّن والشّهامة موجودة والضعيف بينهم قويّ والمحتاج مستور لأنّ الشّيمة في الرؤوس تلعب دورها ، وكما علمت مِن قصصهم أنّهم يتقاسمون اللّقمة وشربة الماء فيما بينهم ويؤثرون بعضهم بعضاً فرحم الله مَن مات ومعه تلك الخِلال المجيدة والصّفات الحميدة ومتّعنا الله بحياة مَن بقي مِنهم نستأنس برأيه ونستفيد مِن خبراته ونعتبر مِن كلّ مجريات حياته . { فاعتبروا يا أولي الألباب } .
الحبيب أبو فيصل لا تحرمنا مِن هذه الدّرر وهذه الذّكريات فوالله إنّني أعتبرها بمثابة الزّاد الدّنيوي للتّخلّص مِن هموم هذه الحياة وطبعاً لا أقدّمه على الزّاد الدّيني الرّوحي ( التّقوى ) { وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى }
شكري وتقديري للجميع بهذه الزّاوية وفي مقدّمتهم أبو ياسر واللتي أحيت فينا الأمل وذكّرتنا بالماضي الجميل رغم كلّ ما حصل .