عرض مشاركة واحدة
قديم 07-19-2010, 01:38 AM   رقم المشاركة : 4
سمو الهدف


 

سمو الهدف

قد منّ الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة في كل زمان برجال أذلة على المؤمنين رحماء بهم، وأعزة على المشركين والمنافقين وبالمرصاد لهم، منهم من قض نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، فكان من كرم الله عليهم أن خلد ذكراهم وبارك في سيرتهم، فكانت نبراساً لكل من أراد أن يسير على دربهم ويقتفي أثرهم.

ونحن إذ نطرق أبوابهم ونباشر أعمالهم نسعى لنقتدي بهم ونتشبه بأمثالهم، ونعيد ذكر تلك النماذج التي روتها موائد القرآن وسير الصحابة رضوان الله عليهم:



فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح






نور الدين محمود الشهيد بن الشهيد عماد الدين زنكي رحمهما الله.


حيث أن لنور الدين الشهيد مكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي ويكفي أن نعرف أن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله كان من قادة هذا البطل المغوار الذي يعده المؤرخون الخليفة السادس بعد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ويقولون أن العدل في زمن الدولة الإسلامية لم يبلغ مداه بعد الخلافة الراشدة إلا في زمن عمر بن العزيز ونور الدين الشهيد رحمهما الله، ولا يسعنا المقام لذكر بطولات هذا البطل، وإنما سنمر على زهرة واحدة من بستان هذا الرجل تكون معبرة عن باقي أشجار هذا البستان، ونقطفها من كتاب الدولة الزنكية للدكتور علي الصلابي:
(تطلبت حياة نور الدين محمود الحافلة بالعمل المتواصل والجهاد المضني جسداً قوياً قادراً على تحمل الأعباء والمشقات، ولا يتم بناء الجسم القوي إلا بممارسة الرياضة، ولذلك كان نور الدين مواظباً على ممارسة الألعاب الرياضية المعروفة في زمانه بما يتعلق بالفروسية وأعمال القتال، وكان بشكل خاص مولعاً بلعبة الكرة أو الصولجة التي تدعى في هذه الأيام بلعبة "البولو"، ويصفه ابن الأثير بقوله: من أحسن الناس لعباً بالكرة وأقدرهم عليها.

وعندما احتج عليه أحد الزاهدين من أصحابه، لأنه يلهو ويعذب الخيل لغير فائدة دينية قال: والله ما حملني على اللعب بالكرة اللهو والبطر، وإنما نحن في ثغر، والعدو قريب منا، وبينما نحن جلوس إذ يقع صوت فنركب في الطلب، ولا يمكننا أيضاً ملازمة الجهاد ليلاً ونهاراً شتاء وصيف، إذ لابد من الراحة للجند، ومتى تركنا الخيل على مرابطها صارت جماماً لا قدرة لها على إدمان السير في الطلب، ولا معرفة لها أيضاً بسرعة الانعطاف في الكر والفر في المعركة فنحن نركبها ونروضها بهذا اللعب فيذهب جمامها وتتعود على سرعة الانعطاف والطاعة لراكبها في الحرب، فهذا والله الذي يبعثني على اللعب بالكرة.



فنور الدين الشهيد رحمه الله لايلعب الكرة للعبث وإهدار الوقت، وإنما لتحقيق العديد من الفوائد التي هي في الحقيقة استعداد وتحضير للجهاد، تحضير لأجسام اللاعبين ولأجسام خيولهم.

وإن من أسباب ضياع الأمة وضعفها، وانهزامها أمام أعدائها فقدها لشرط مهم من شروط النهوض والتمكين ألا وهو: تحقيق العبودية لله بمفهومها الشامل الصحيح).

وفي موضع آخر يصف لنا الدكتور الصلابي كيف هو نور الدين في ساحات الجهاد :
(وفي ساحات الحرب حيث الموت على بعد خطوات وحيث لقاء الله آت، كان نور الدين يذوب تواضعا وإشفاقاً وتضعه تقواه العميقة في حضور مؤثر أمام الله حيث تتمزق في أعماق وعيه بقايا الستائر والحجب التي ظل يكافح من أجل تمزيقها لكي يقف نقياً. فعندما ألتقت قواته في حارم بالصليبيين الذين كانوا يفوقونهم عدة وعددا انفرد نور الدين تحت تل حارم وسجد لربه عز وجل ومرغ وجهه وتضرع وقال: يارب هؤلاء عبيدك وهم أولياؤك، وهؤلاء عبيدك وهم أعداؤك، فانصر أولياءك على أعدائك. وإيشى فضول محمود في الوسط؟
يقول أبوشامة: يشير نور الدين إلى أنك يارب إن نصرت المسلمين فدينك نصرت، فلا تمنعهم النصر بسبب محمود إن كان غير مستحق للنصر. وبلغني أنه قال: اللهم انصر دينك ولاتنصر محموداً مَن الكلب محمود.. حتى ينصر؟)


فلله دره من قائد رباني رسم لنا صفحة مشرقة من صفحات الإسلام الخالدة، في زمن يشبه إلى حد كبير الزمن الذي نعيش فيه، وكم نحن بحاجة لنماذج كهذا النموذج الفريد:


ولا يفوتني وضع هذه ألصوره التي بإذن الله سوف نسرد لكم قصتها بالقريب العاجل
صورة منبر نور الدين زنكي الذي أحضرة القائد صلاح الدين للأقصى


 

 
























التوقيع

كتبت وقد أيقنت يوم كتابتي
بأن يدي تفنى ويبقى كتابها
فإن كتبت خيراً ستُجزى بمثله
وإن كتبت شراً عليها حسابه
(المقياس الأسمى لشعورك بالسعادة هو: كم إنساناً أسعدت)

   

رد مع اقتباس