ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   دواوين الشعراء (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=94)
-   -   ديوان الشاعر ( محمد ملاسي ) (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=7609)

محمد عجير 07-01-2009 01:32 AM

ديوان الشاعر ( محمد ملاسي )
 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي أنعم علينا بالعيش في هذه الحياة وسهل لنا نعمة العلم والتعلم فحفظنا بها سير من كان قبلنا وسنسعى إلى إيصالها لمن سيأتي بعدنا ، نحمد الله الذي سخر الناس بعضهم لبعض وميّز بعضهم على بعض فحفظ بذلك تاريخ من مضى وربطه بعيش من حضر ، أعطى سبحانه ومنع ، ابتلى وعافى ، رفع وخفض ، فنشأ عن كل ذلك تموّجات من المشاعر في النفس البشرية بعضها محمود وكثير منها تمجّه التربية التي جاءت بها شريعة الله فبلّغها رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم لأتباعه ونقلت إلينا وإلى من سيرث الأرض من بعدنا حتى تقوم الساعة ( إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون ) يقول الله تعالى في محكم التنزيل ( والشعراء يتبعهم الغاوون ، الم تر أنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون مالا يفعلون ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) وتفسير الآية كما جاء في منتدى ( إسلام أون لاين ) هو التالي :

تفسير الآية(والشعراء يتبعهم الغاوون) ؟
يقول الله تعالى: (والشُّعراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ . ألَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ . وأَنَّهُمْ يَقولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ) (سورة الشعراء : 224 ـ 226) نُريد شرح الآية مع ملاحظة أن الرسول كان له شاعِر يمدحُه هو حسّان بن ثابت؟

هذه الآية نزلت كما يقول المفسِّرون في عبد الله بن الزِّبَعْرَى ونافع بن عبد مناف وأميّة بن أبي الصَّلت، وقيل نزلت في أبي عزة الجُمَحِيّ. والذين استثناهم الله بعد هاتين الآيتين في قوله: (إِلّا الذِينَ آَمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وسَيَعْلَمُ الذِين ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبونَ) هم حسّان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وكعب بن زهير ومَن على شاكلتهم ممّن يقولون الحقّ، وجاء في كتب التفسير أنّ حسان بن ثابت لما نزلت هذه الآية أذِنَ له النبيُّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ بالرّد على المشركين فقال "انتصروا ولا تقولوا إلا حَقًّا، ولا تَذكُروا الآباءَ والأمَّهَاتِ" كما أذِن لكعب فيه وقال: "إن المؤمِن يجاهِد بنفسِه وسيفِه ولسانِه، والذي نفسي بيده لكأنّ ما تَرمونَهم به نَضْحُ النَّبْلِ". أ.هـ
إن الشعر كلامٌ حَسَنُه حَسَنٌ وقَبيحُه قبيحٌ، والحُسْن والقُبْح يتّبعان الغرض من إنشادِه، والمعاني التي يحتويها، والمُلابسات التي تحوطه والآثار التي تترتّب عليه. فالآيات ذمّت عدم ثبات الشعراء على مبدأ واحد، وتكسُّبهم بالشعر دون اهتمام بصِدق ما يقولون وكذِبه، ومدَحت الآية الأخيرة من يتّقُون الله في أقوالهم واستهدفوا الدّفاع عن الحقّ والتبرئة مما يُنسَب إليهم من باطل.
وثبت في صحيح مسلم أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ سمِع أبياتًا كثيرة من شعر أميّة بن أبي الصّلت، وقال: "كاد أميّة بن أبي الصّلت أن يُسْلِم"َ وروى البغوي في معجم الصحابة وابن عبد البَرِّ في الاستيعاب بإسناد ضعيف من حديث النابِغة، واسمه قيس بن عبد الله . أنه أنشد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدَعا له بقوله "لا يُفضِّض اللهَ فاكَ" وروى الحاكم أنه قال ذلك للعباس عندما استأذنَه في مدحه.
وكان الرسول إلى جانب سماع الشعر والثناء على قائله يُثيب عليه ويُجازِي عند الاقتضاء. فقد روى مسلم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمّا قسَّم الغنائم يوم حنين، ولم يُعط العباسَ بن مِرداس مثل ما أعطى أبا سفيانَ بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن ـ قال شِعرا يمدح به نفسَه ويبين استحقاقه كغيرِه، أتَمّ له الرسول مائةً من الإبل، وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: إن زيادة "اقطعوا عنِّي لسانَه" ليست في شيء من الكتب المشهورة. وذكر السفاريني في كتابه "غذاء الألباب " ج 1 ص 151 هديّة الرسول إلى كعب بن زهير على قصيدته "بانت سعاد" عندما سَمِعَ قوله:
إنَّ الرّسولَ لَنُورٌ يُستضَاءُ بِهِ
مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ مَسْلولُ
وهي بُردة لم يستطع معاوية أن يشتريَها منه، فاشتراها من ورثتِه، ثم قال: وأما خبر"الشِّعر مزامير الشّيطانِ" وخبر "إنّه جعل له كالقرآن" فواهيان. وعلى فرض ثبوت ذلك فالمراد به الشعر المحرّم… وأن عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت أعلم بالشعر والفريضة من غيرها، وأن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ قال في حسّان "والله لشِعركَ عليهم أشدُّ من وقْع السّهام في غَلَس الظلام وتحفظ بيتي فيهم" فقال: والذي بعثك بالحقِّ نَبيًّا لأَسُلَّنَّكَ منهم كل تسلُّ الشَّعرةُ من العجين، ثم أخرجَ لسانَه فضرب به أرْنبةَ أنفه وقال والله يا رسول الله إنه ليتخيَّل لي أنه لو وضعته على حجر لفلقتُه، أو على شَعر لحلقتُه فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أَيَّدَ اللهُ حسّانًا بروح القُدُس" سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشِّعر من وفْد بني تميم وردّ حسّان عليهم
ويُمكن الرجوع إلى إجابتين سابقتين عن الشِّعر وعن شعر الغَزَل لتكمُلَ الصورةُ عن الشِّعر.أ.هـ



أنعم الله سبحانه على بعض خلقه بنعم لم يعطها آخرين ومن بينها نعمة ( قرض الشعر ) فكثير ممن لم يعط هذه النعمة ليس بكاره لما يقوله الشعراء أو بعضهم بل قد تجد من بينهم من يحب الشعر ويتلذذ بترديده ويتمنى لوأنّه يستطيع قول بيت واحد يعبر به عما يختلج في نفسه من مشاعر متباينة في كثير من المواقف فكيف به لو أُعطى الملَكة وأظهر ما كَمُن وقبل ذلك وبعده تم تخليد ذكراه بما يقول ..... إذا..... فقرض الشعر نعمة كباقي النعم قد ترفع صاحبها وقد تهوى به في مكان سحيق .

قصيدة وربما بيت من قصيدة ينطوي على ( مَثَل ) أو ( حكمة ) ينشر اسم القائل ويذيع صيته بل ويحفظ له اسمه بعد موته حتى عند من لا يعرفه .

فملاسي مثلا رجل أمي مغمور فقير لكنه غني بالذكر عند الملأ والسبب مقولته المشهورة ( من رضي ما غبن ) و ( كلا برشده يعيش ) حيث جعلت منه أسطورة تتردد ذكراها بين القبائل وتتداولها الألسن جيلا بعد جيل مترحمة عليه رغم أن أغلب أصحابها لا يعرفونه بل وأكثر من ذلك فقد دفعت بمعجب مثلي إلى البحث عن موروثه الشعري وتدوينه وإظهاره ليس ليزيده شهرة على شهرته فهوغني عن كل ذلك لكنّه تدبير من الله لكي يترحم عليه كثير ممّن يمرعلى ذكراه بعد أن طويت صفحته وانقطع عمله ! فكم هم المحضوضون من أمثاله ياترى ؟!

أعطى محمد ملاسي أو( ابن جهاد ) قدرة فائقة على نظم شعر ( الحكمة ) و ( تخليد الأحداث ) و (نقل صور الماضي وترسيخها ) من دون تقنية أو تدريب أو تعلم أوشهادة فنال من الشهرة ما لم ينله كثير ممن حظي بكل ذلك وحرم من نعمة قرض الشعر أو رسم لوحات بمفرداته خالدة .

الملاسي يقل فكّرت ياهل العقول
ِلنّ من حب نفسه يكرهه صاحبه
ويضللي كما الشيطان ماله رفيق


فمن أوحى لملاسي بمثل هذا ؟ ! أليست هذه مفردات يعرفها كل أحد ؟! لكن هل من الممكن لأي شخص أن يصوغها ويخرجها لنا كهذا الإخراج البديع ؟! إنها حكمة الله بلا أدنى شك أراد أن يظهر بها تميز شخص عن شخص لتتجلى بذلك قدرته جل جلاله فيتوقف عندها الإنسان مشدوها معترفا بعجزه مهما كان مقتدرا .


http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1246399872.jpg


ولد محمد بن أحمد جهاد والمشهور ( بملاسي ) في العام 1333 هـ في قرية العبالة إحدى قرى وادي العلي بمنطقة الباحة ونشأ أمّيا مزارعا يكافح كغيره من أجل لقمة العيش ، وقد كانت الأجواء المحيطة به داخل الوادي أجواء شعراء مرموقين لايقبلون بينهم من لم يكن قادرا على مجاراتهم ( عبد الله الزبير ، سعد بن عبد الرحمن ، علي طويش ، علي دغسان ) وغيرهم من فحول الشعراء ، ولو لم يكن ملاسي من النوابغ لتاهت به الخطى وتعثر في سيره بمحاذاتهم فإما أن تزل قدمه فيهوي إلى القاع وإمّا أن تتسمر في مكانها فلا يتقدم ولا يتأخر , ولم تكن لتشفع له صلة القرابة التي تربطه بابن أخته دغسان لنيل شرف المكانة التي تمتع بها نتيجة لقوة شاعريته فالشرف هنا يكتسب بالجد ومقارعة الأنداد وليس بالمودة في القربى والتستر خلف أقنعة الوهم ومنخال الوقاية من شمس الظهيرة .
شق محمد ملاسي طريقه في الشعر بين أمواج عاتية يقود فيها قاربه بحكمة ومهارة أفضت به في نهاية المطاف إلى الجانب الآخر من ضفة النهر متقلدا وشاح العبور من الدرجة الأولى مع أنه ليس بشاعر (عرضة ) في الغالب وهذا لايعيبه فالمجالسي أكثر صعوبة في بعض الأحيان مما يظنه الآخرون فعلى الرغم من أنّه أقل جمهورا إلا أنّه أعمق نقدا وأوسع رحابة في توضيح عيوب الشاعر وإظهارعدم تمكنه من مجاراة من يبادله مقارعة البيان وخاصة عندما تكون الحلبة التي تجمعه بخصمه تعجّ بعدد من متذوقي الشعر وناقديه كالتي تعودت جمع ملاسي بدغسان وما أكثر ما اجتمع الاثنان في هكذا ظروف .


قبل وفاة محمد ملاسي بشهرين فقط وبالتحديد في 3 /10 /1385هـ حضر حفل زواج الشيخ يحي بن سعيد العفاس من قرية الحلّة وكانت العروس ( أم محمد ) من قرية محضرة وأهالي محضرة شركاء لأهل وادي العلي في وادي يسمى ( فلاحة ) والشراكة لا تخلو في العادة من المشاكل فلما بدأت العرضة استفتح ملاسي المحفل بهذه الحدوّة :

مرحبا بك ياشريكا نحبّه * * * مثل حب المصطفى في عمر
ــــــــــــــــــــــــــــ
عند من يلقى رصاص أم حبّة * * * راس ريعا والمحاجي عمر


فانظروا إلى قدرته الفائقه في الجمع بين النقيضين، وبضدّها تتميز الأشياء !! ( ترحيب وتحذير ) ، ثم انظروا إلى شموخ هامته وعلو همّته , فشموخ هامته يتمثل في حديثه باسم أهالي الوادي رغم أنّه لم يكن مخولا بالحديث عنهم فهناك من هو أحق منه بذلك ، أمّا علو همّته فيظهر من تحذيره الوارد في قوله ( عند من يلقى رصاص أم حبّة ) وقوله ( والمحاجي عمر ) فقد أوصل بذلك رسالة لم يعترض عليها أحد وهي أننا نرحب بكم أيها الشركاء ( ونحن هنا في مقام الترحيب ) أما في مقام الخلاف والتجاوز فليس لكم منا إلا ( المحاجي والرصاص ) .

هكذا هو محمد ملاسي عند من عرفه ،عزيزة عليه نفسه ، شاهقة الارتفاع هِمَّته ، صعبة المنال آماله ، عصية السبر تطلعاته ، بحقه ينطبق قول الشاعر:

إذا غامرت في شرف مروم * * * فلا تقنع بما دون النجوم

وهو ما أتعبه واستنزف جهده فوفّق أحيانا ولم يوفق في أحيان كثيرة ولذا جاءت كلماته معبرة صادقة شأنها شأن كلمات المتنبي التي نبعت من قلب مفعم بالآلام، وكاهل مثقل بالهموم.....فهو المنشد وقد استبطأً تبدل الأحوال وضاق به رحب الأفق..........

متى تفيّق وترضى يا ملاسي متى ؟!
ومتى بعد ينتهي ذا الشر ومتى نطيب ؟
. . . إلى أن يقول :
وعلّتي ما يجي الدكتور بدوايها .


لن أفسد عليكم متعة تذوق مفردات ديوانه بكثرة ثرثرتي فدونكم ما أنتم عنه باحثون :

القصيدة الأولى

يقل محمد ملاسي يارقيب ويا عتيد
جعلكم الله في الدنيا كِراماً كاتبين
بقدرة الله جميع أعمالنا تحصونها
الحسنه يوم نعملها بعشر أمثالها
والسيِّه لا تاب راعيها كِتب غفرانها


....... صدح ملاسي بهذا البدع و تركه فترة من الزمن من غير رد وكأنّه يختبر بذلك قدرة الآخرين على التصدي له والرد عليه فانتشر النّص بين الناس حتى تناهى إلى مسامع رئيس محكمة الباحة آنذاك وهو من متذوقي الشعر النبطي ويدعى ( ابن صقر ) وبالمناسبة فابن صقر هذا لا تربطه صلة بشيخ القبيلة المعروف؛ أقول أعجب به وسأل عن قائله فأخبر باسم الشاعر وقيل له بأنه من مرتادي سوق الخميس بالباحة فكلّف أحد الأخويا بالبحث عنه في السوق وإحضاره إلى المحكمة ، ولما هبط ملاسي إلى السوق محتزماً بجنبيَّته سأل عنه ( الخويّ ) حتى دُلّ عليه ، فسأله هل أنت محمد ملاسي ؟ فاجابه ملاسي : نعم . قال الخوي ، أنت مطلوب لدى رئيس المحكمة ، فبهت محمد ملاسي من هول المفاجأة وانعقد لسانه لكنّه لم يجد مفرّاً من إجابة الطلب ومرافقة الخوي إلى حيث يريد ، وفي الطريق إلى المحكمة بدأ يسائل نفسه . . . ما الذنب الذي اقترفته ياترى ؟! ومن ذا الذي ابتلاني وأوقع بي في هذا الصباح ؟! وكيف استدل عليّ الخوي من بين مرتادي السوق ؟ وما ردّة فعل الحسّاد إذا ما علموا بالأمر؟ ! وهل سأعود إلى أهلي ؟ ومتى ؟ و ... و... و ... ؟!

وصل صاحبنا إلى المحكمة ففوجئ بعدم طلب أحد منه ترك جنبيَّته خارج المبنى كما جرت به العادة فخفف ذلك من روعه ، ولما أُدخل على الشيخ واستقبله ببشاشة وطلب منه الجلوس هدأت نفسه ، فلما أمر له الشيخ بفنجال من القهوة تهللت أساريره وعندها تمت مساءلته عن القصيدة فذكر أنها له، فأبدى الشيخ إعجابه بها وطلب ردّها منه فأجابه ملاسي قائلا : لم أرد عليها حتى الآن وسأدع لك محاولة الرد عليها طالما انك من متذوقي الشعر يافضيلة الشيخ . . . فما كان من القاضي إلا أن ودّعه ممتنا له حضوره ومعتذرا منه عن التعطيل وعاد ملاسي أدراجه بعدها إلى السوق منتشيا وسط ذهول من شهد عملية استدعائه ومن أرشد إليه الخوي بادئ الأمر .

في الحلقة القادمة بإذن الله نورد ردّ الشاعر على القصيدة والأسباب التي دفعته للرد عليها . . . فإلى ذلك الحين استودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

علي بن جاهمه 07-01-2009 02:03 AM

الله يعطيك العافية ياسيادة اللواء
صراحة اهنيك على الاسلوب والطرح والفكرة والشخصية المختارة
ولاول مرة بالنسبة لي اشاهد صورة محمد ملاسي
وكما اتضح لي بانك متكفل تماما بالديوان وسوف تسرده لنا قصصا وشعرا ونثرا
وهذا قمة الوفاء منك يابو عبدالله
طبعا انا اعرف وفائك في مواقف كثييييييرة
بس هذا موقف لن ينسى لك
وملاسي وقصائدة .. حكاية تروى.. وفكر يموج..
وفقك الله ونحن مستعدون للدعم والمساندة لاخراج هذا الديوان اللائق
بهذه الشخصية العبالية المبدعة
اللهم ارحم محمد ملاسي واهله واهلنا والمسلمين اجمعين

علي بن حسن 07-01-2009 06:01 AM

أحسنت يا أبا عبد الله وأجدت بل وأبدعت في المقدمة والتمهيد والشرح والوصف لشاعرنا الكبير الأمي الموهوب محمد بن أحمد بن جهاد [ملاسي] رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ...وفقك الله في أكمال ديوانه ..وأرجوا من مشرف ساحة الموروث تثبيته بجوار دواوين من سبقوه من أبناء الوادي والذين قام بجمعها الأستاذ عبد الله رمزي جزاه الله كل خير ..أكرر دعواتي لك بالتوفيق في أكماله ولك عاطر التحية .

محبك : علي بن حسن

سعيد راشد 07-01-2009 07:22 AM

http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1246421853.gif


أخي الكريم

محمد عجير


ســــــــــــلم بنانك ، وعلا شــــــــــــأنك


أغبطك أخي على هذا الإبداع والتجلي في دراستك النقدية لتلك الشخصية الحكيمة - محمد ملاسي ( يرحمه الله ) - من خلال شعره.
كما أغبطك على الاستهلالية الدينية القيّمة ؛ التي جعلتنا نحلِّق في أجوائها الروحانية لتسمو بنا إلى هدفك المقصود ( محمد ملاسي ) لتبرزه لنا بهامته الشعرية العالية.
ثم إني أغبطك على الأسلوب الأدبي الراقي الذي طوّعته كمطيَّةً لدراستك النقدية الخلابة، فها أنت تنتقي من قواميس البلاغة المفردات البليغة بكل سلاسة ومهارة لتصوغها في قالبٍ أدبيٍ راقٍ ؛ وهذا دليل ما تتمتع به من تمكّن واقتدار ، وقد لفت نظري أيضاً خلو دراستك من الأخطاء الإملائية والنحوية إلم تخني معلوماتي اللغوية المتواضعة.

الشيء الممتع أيضاً هو ذكرمناسبة القصيدة وشرحها لنا بكل وضوح ، لترسخ في أذهان متذوقي الشعر والأدب عموماً ، ولتبقى عالقة في أذهان الأجيال في تتابع مستمر إلى ما شاء الله.

ساحاتنا تفتخر بك وبأمثالك ( كعبد الله رمزي ، ونايف بن عوضه ، وغيرهما ) وتشكرك على انبرائك لإبراز هذا الموروث الشعري الجنوبي الذي نعتزَّ به ونتباهى ؛ ليظل متوارثاً جيلاً بعد جيل للتغنَّي به والاستهداء والاتّعاظ ، وللدعاء لمن قاله ومن وثَّقه وخلَّفه بالرحمات وسكون الجنات.

رحم الله ملاسي رحمة الأبرار ، وأسكنه الفردوس الأعلى دار قرار ، مع الشهداء والصالحين الأخيار ، ورحم والدَييّ ووالديك والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ، إنه سميع مجيب الدعاء ، والقادر على ما يشاء.

متمنياً لفكرك وقلمك التألق المستمر ، متّعك الله بالصحة وطول العمر.

ولك مني أطيب السلام، وأزكى التقدير والاحترام.

موضوع يستحق التثبيت . فليكن يامشرف

أحمد بن فيصل 07-01-2009 11:17 AM

محمد ملاسي اسم دائما يتردد في أسماعنا
ومن حسن حظنا أنه لا زال يعيش بيننا من يحفظ الكثير من إنتاجه الشعري
أدرك كما يدرك غيري أن التصدي لجمع تراث هذا الشاعر يعد مهمة صعبة وصعبة جدا
ذلك أن أكثره محفوظ في الصدور وقلما تجد من يكتبه.
يحضرني الآن قصة عن الشاعر ولعل كاتبنا يوردها ومفادها أنه استاء ذات مرة عندما
سمع من يردد شعره على غير ما قاله رحمه الله ويتمثل ذلك في قوله
لا تعذلون العرب كلا برشده يعيش
فقد سمعها
لا تنصحون العرب.................
فقال كيف يكون هذا؟!
النصيحة واجبة وأنا ما قلت لا تنصحون!!
أنا أقول لا تعذلون
هنا يتمثل الوعي في القول والإدراك لما يترتب على شيوع وانتشار الشعر بمعاني خاطئة...
آسف على الإطالة
أشكر من كل قلبي أبا عبدالله على هذه السياحة الأدبية التي يتحفنا بها بين الفينة والأخرى
ولعلنا هنا محظوظون بوجوده بيننا
دمت وفيا ودام لك الوفاء

حمود احمد 07-01-2009 12:35 PM

عمل متكامل مقدمه وفصل اول جمال في الطرح وغنى في المبنى احد ثمار منتدانا الجميل وارف الضلال والثمار كثير الجداول والمروج وانا اقراء الموضوع واحتسي الشاي في داري نعمه كبيره وخدمه ممتعه ان تجد هذا كله بين يديك اشكر الابن الاخ الزميل الجار ذي القربى ابو عبد الله واثني بالشكر على القايمين على المنتدى والجنود المجهولون

بن ناصر 07-01-2009 01:23 PM



ما سطره الأخ محمد يعتبر عملا أدبيا.. بمواصفات البحث العلمي المميز

بدأ بالموضوع والمقدمة .. والتحليل اللغوي لمعنى الشعر .. والفرق بين الحلال والمنهي منه

مع الإستدلال بالأدلة من الكتاب والسنة .. ودرجة الحديث الذي استدل به .. حتى لا يكون قولا قاطع الدلالة

أما نص الموضوع فمن الواضح التسلسل المنطقي للتعريف بالشاعر والبيئة التى عاش فيها

ونماذج مختصرة من أهم مقولاته التى ذاع صيتها

ونماذج أخرى من مواقفه وقدراته على تطويع اللفظ لصالح الحدث


********* ****************** *********


التوثيق لمثل هذا الأدب الشعري عمل جليل

يقوم به أبو عبد الله.. وفق تحليل رائع .. لا يقل روعة عن الشاعر المعني بالأمر

وكأنني أتخيل القادم ممثلا في نماذج من الأحداث والمواقف التي تخرج لنا شعرا رصينا

يصور ويطوع المعنى لصالح الحدث .. والبيئة .. والمعاناة .. التي عايشها الشاعر

ولا شك أن أبو عبدالله لن يتأخر في شرح الألفاظ والمقاصد المصاحبة

لتزيد من قيمة وروعة وشمولية الموضوع

شكرا يابو عبدالله .. ونحن بإنتظار القادم .. والله يحفظك

علي ابوعلامه 07-01-2009 01:48 PM

نعم الشاعر والشخصية المُقدمة محمد ملاسي رحمة الله عليه ...

ونعم المُقدِمُ له / سعادة اللواء ابا عبد الله محمد بن عجير ..

استهلال بديع آسرت به العقول وهذه براعة تتقنها ابا عبد الله نغبطك ولا نحسدك ونتمنى لك المزيد من فضله ..
ايراد للآية مع تفسيرها وسبب نزولها التي يتلكأ بها ويوردها البعض ظنا منهم انها تحرم قول الشعر ( المحمود) والتغني به وبيان ذلك باسلوب شيق ..

اختيار موفق لشخصية ذاعت شهرته واصبحت مقولاته امثلة يتداولها الناس لحكمتها رغم عدم معرفة البعض من القائل ..

تسليط الضوء على حياة هذا الرجل والبيئة التي عاشها في سرد ادبي ظهرت براعتك في توثيق حقبة زمنيه عاشها مكافحا صامدا يجاري من حوله شعرا وبحثا عن لقمة عيش حلال .... .

ابا عبد الله ابدعت والابداع حليفك ...

وفاء منك والوفاء طبعك وهذا ما تعودناه منك ولا غرابة في ذلك

لتكمل المسيرة مع من بدأ هذا المشوار

من حفظ للموروث وتوثيقه ابا سامي عبد الله بن رمزي

فلكما كل الشكر والتقدير ..


اسال الله ان يثقل ميزانك بما كتبت ويعلي شأنك ويرفع قدرك

ويجزيك خير الجزاء بايراد هذه السيرة العطرة لرجل حل بالقلوب

لنترحم عليه وندعو الله ان يسكنه فسيح جناته مغفورا له وان يجمعنا

به في الفردوس الاعلى من الجنة ..

دمت بخير ابا عبد الله .

د. سعيد عطيه أبوعالي 07-01-2009 02:13 PM

ديوان الشاعر محمد ملاسي
هذا الصباح .. صباح الأربعاء الثامن من شهر رجب الحرام جلست احتسي قهوة الصباح .. تجولت في ثنايا صحيفتين أفضل الإطلاع عليهما كل يوم ، عرجت على الساحات . شد انتباهي العنوان أعلاه للأسباب الآتية :
1 ـ الشاعر عندي أثير بالتقدير والاحترام لقوة إبداعه وتفرده بشعر الحكمة وقد كان لي شرف الذكرى بأن ودعته في ( قهوة بن قبا ) في حي الخريق بمكة المكرمة بعد حج عام 1385هـ مباشرة ولأعطيه رسائل تهنئة بالعيد لامي ولابن عمي علي دغسان ولابن عمي عبد الله عجير ولعمي سعيد أبو ريشة ولرحيمي علي بن محمد ( كلبان ) بن قسقس . صافحته وكانت يده حارة ، قلت له بأدب ، عم محمد ، يدك حارة أنت مريض ؟؟ قال : تعبت في الحج يا سعيد .. سافر الديرة واشتد عليه المرض وبعد وصوله توفي . أرسلت لابنه احمد الثابت رسالة عزاء قال لي احمد بعد عشرات السنين : رسالتك لي تعزيني في والدي هي عندي محفوظة .. وكانت قطعة رثاء اعتز بها ( والكلام لأحمد ) وقلت عنه باختصار إن العربان والرعاة في الأودية والجبال والشعاب يتغنون بحكمته في شعره .. وليت احمد يتحفنا بما ثرثرت به ( حقا ) في رسالتي إليه .
2 ـ الكاتب ابني محمد ابن أخي وابن عمي عبد الله بن سعد ( عجير ) أبو عالي هو من شق طريقه إلى النجاح بنفسه . فأعطانا الله بتوفيقه سبحانه ثم بجهود محمد ابنا بارا لأسرته عموما ولوالديه ( ولي شخصيا ) ولوطنه . والله اسأل أن يزيد محمدا من توفيقه وأن يصلح ويحفظ له ابنه عبد الله إنه سبحانه بالإجابة جدير .
3 ـ أسلوب محمد بليغ ورائع وحصيف . وكعادته أمتعنا بمقدمة غاية في جمال الأسلوب وبلاغة العبارة .. وبقدر ما كان ملاسي حكيما فإن محمد بن عجير أوتي بلاغة يغبط عليها ويستضاء بها ويقتبس منها .
أخذنا محمد في جولة تؤصل للشعر السليم وتحتفي بالشاعر الصادق ، وما وجدت ملاسي إلا صادقا .
لعلي اخرج عن الموضوع وأقول لأهل الساحات ( إدارة الساحات ) إذا وصلتكم مساهمة مني أو من غيري وفيها سرد لسيرة أحد القامات الاجتماعية والعلمية والأدبية . فأعطوها محمد . نعم أعطوها محمد وسلموها لمحمد عجير كي يتفضل علينا ويساعدنا بتنقيحها وتوخي مضان ومواطن ومواقع الصدق فيها ، فالسيرة للإنسان هي كما قال شاعري احمد شوقي : ( والذكر للإنسان عمر ثاني ) .
شكرا يا محمد وشكرا يا إدارة الساحات وشكرا جزيلا يا عبد الحميد بن حسن بن صوهد ( يا أبا ياسر ) على صبرك علي وطباعة مثرثراتي ( من ثرثر ) ومراجعتها وتقديمها للساحات .
سعيد بن عطية أبو عالي
8/7/1430هـ

أبوناهل 07-01-2009 03:26 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قلت لنفسي مواسياً أي مأزق وقعت فيه ؟
أن أتداخل في هذه القطعة الأدبية التي نثر مكنونها سعادة اللواء :محمدأبوعالي
وأطرجمالياتها ورونقها سعادة الدكتور : سعيدأبوعالي فهي مغامرة محسومة العواقب .
عشنا معهما في ثراء لغوي ومعرفي فأنى لمثلي في بقاء أجواءه ؟
لكنه الواجب يحتم علي الإشادة بمن هو أهل لها والمشاركة في الإحتفاء بشاعر حكيم
قال عنه الشاعر المالكي عيضه بن طوير (ومحمدحكيم ومدير) لأنه محمدملاسي
ولأنه الشعر فقد أقدمت على هذه المغامرة ..
أباعبدالله : لك منا الشكر والدعاء على هذا الوفاء وعلى هذه المساحة من الحب
التي أحطتنا بها من خلال هذه المقدمة الرائعة والسيرة العطرة للشاعر : محمدملاسي ..
وكاني بك تتمثل قول المتنبي : على قدرأهل العزم تاتي العزائم
وتاتي على قدر الكرام المكارم

ماأروع ان تنقل لنا حواس (محمد) عن أحاسيس (محمد) أن نستشف وإياك
مناقب مبدع متجاوز أراه من قلة متألقة لخصت لنا سيرة مرحلة ذهبية من
تاريخ منطقتنا الشعري فأسرج ومجايليه (الشعراء) بنور هم عتمتها ..
نطق عن وجد العمر وعن ليالي حبلى بالشجو شاغبها هجير الوجع فأضحى
يبصم على إحتفال طرق قريته بنغمات المطر فجسد لنا اللحظة المثقلة بالبوح
والوجوم الغرائبي وسار بخطىً واثقة لمقصلة الشدو غيرآبه بنتواءات النقد
فشع نورالحكمة من بين شفتيه وأطربنا كصافي الغناء وأصدقه .
ملاسي لم يستمله الإدعاء الزائف والتبجيل المقنن فكان يتدثر بالوجع
ويتوهج بالدمع وبآهات دفينة بل ويفتح نافذة للريح والجرح في آن .
ملاسي يشرع القلب للحب ويتحسس في الأرض بوح الندى ليروي
به ظمأ من أحبهم وأحبوه فالله نسال له الرحمة والغفران والله نرجو
أن يحقق اباعبدالله آمالنا بتوثيق سيرة هذا الرجل الفذ وإبداعاته التي لاتضاهى

علي بن جاهمه 07-01-2009 04:57 PM

اخي الحبيب
اعتقد ان تاريخ ميلاده غير دقيق
اعتقد ان ولادته قبل 1325هـ لان دغسان يرحمهما الله مواليد 1327هـ
والذي اعرفه ان ملاسي اكبر سنا من دغسان
وفقك الله يا ابوعبدالله

عبدالحميد بن حسن 07-01-2009 11:01 PM

اخي الفاضل محمد بن عجير :
منحك الله موهبة لغوية فذة استثمرتها احسن استثمار ووظفتها احسن توظيف واحسنت الاختيار عندما كتبت عن الشاعر الحكيم محمد ملاسي والذي يستحق شعره التدوين والتوضيح ، ولدى الأستاذ احمد الثابت كثير من شعر والده وايضا الاستاذ عبد الله رمزي وانا على يقين انك ستعطي هذا الشاعر الفذ ما يستحق اسأل الله ان يكلل جهودك بالنجاح وتقبل خالص تحياتي .
وقبل ان اختم مداخلتي اود ان اتقدم بخالص الشكر وعظيم الاحترام لاستاذي سعادة الدكتور سعيد ابو عالي الذي شرفني بكتابة مداخلاته ومواضيعه خاصة وانه شرفني بشكر خاص حيث قال :
( وشكرا جزيلا يا عبد الحميد بن حسن بن صوهد ( يا أبا ياسر ) على صبرك علي وطباعة مثرثراتي ( من ثرثر ) ومراجعتها وتقديمها للساحات ) .
حماك الله يا ابا محمد من الثرثرة بل درر وحكم نادرة وثقافة عالية اكتسبتها بجهدك وعرقك وكفاحك طوال سنوات طوال واتمنى ان تبعث لي بواسطة الفاكس اي موضوع تود طرحه او مداخلة ترغب تدوينها فذلك يسعدني ويشرفني وتقبل خاص تحياتي وتقديري .

عبدالله رمزي 07-02-2009 06:25 PM

لن أتكلم عن الشاعر ولا عن الكاتب .. ولن أصل إلى مستوى الشاعر شعرياً ولا مستوى الكاتب في النقد والتحليل ..
لكنّها مشاركة بسيطة ..

محمد ملاسي .. رجل غير عادي عاش مثله مثل بقية أقرانه آنذاك في ذلك الزمن الصعب .. لكنّه استطاع بحكمته وحنكته أن يخلد ذكراه في قلوب الكثير من أبناء المنطقة بل وتعدى ذلك إلى المناطق الأخرى فكلماته وقصائده خلدت اسمه .

فكم من أناس يتغنون بقصائده ويستشهدون بأجزاء منها في كثير من الأحيان ..

( كلا برشده يعيش )
سمعتها من العديد من الناس .

أستطاع أن يثبت للآخرين قوة كلماته والتزامه بالشقر والمعنى والهدف الذي يرسمه له الشاعر الأخر .. حتى وإن كان الرد فيه نوع من الإحراج له .. وأحياناً يكون الرد يوضح شيئاً من خصوصيات الشاعر .. لكن محمد ملاسي عليه من الله الرحمة كسر تلك الحواجز ليضع النقاط على الحروف .

وهذه من المميزات التي جعلت قصائده تحفظ رغم أنه مقل وجعلت شهرته تنتشر .

الشاعر محمد ملاسي علم من أعلام الشعر وليس بحاجة لمثلي في الكتابة عنه فما أنا إلا هاوي لشعره وحافظ له .

كثير من القصائد أحفظها للشاعر ولكن حرصاً منّي على ظهور هذه القصائد برونق جذاب وشرح مفصل عن القصيدة وأسبابها فلن أشارك بها في هذه الصفحة .. ساترك القوس للرامي وليعفيني أخي وصديقي محمد أبو عالي في عدم كتابة اللواء أمام اسمه وماذاك إلا لأني أعرف أن هذه الألقاب لا تعني له شيئاً خصوصاً في هذا المجال .. فهو كاتب مميز ومحللل رائع ..
وما كتاباتي السابقة واللاحقة في هذا المجال إلا شخابيط في جدران الموروث . فهناك العديد من المغمورين الذين لديهم مخزون ضخم في مجال الشعر والموروث ومن بينهم أخي الفاضل محمد أبو عالي .. وليعتبرني مرجعاً له في تزويده ببعض القصائد للشاعر إن لم تكن في ذاكرته ..

وأنا اعرف أن بعض القصص قد تسبب حرجاً في نشرها إما للكاتب أو للشاعر .
ولكن كاتبنا يستطيع بلباقته أن يخرج لنا تلك القصائد بشكل آخر وعندي يقين أن القارئ سيستمتع بما يقرأه .

اسأل الله الرحمة للشاعر والتوفيق للكاتب ..
وأنا في أتم الاستعداد للمساهمة مع أخي محمد بما يريد ..


همسة .. أخي الفاضل / احمد الثابت .. الكرة في مرماك وأوراقك المبعثرة كثيرة ومتناثرة وفكرك يتسع للعديد من قصائد والدك .. حان الوقت للبحث واستعادة الذاكرة ..
لك حبي وتقديري ..

محمد عجير 07-04-2009 12:01 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن أبدأ بالرّد على مداخلات أساتذتي وإخواني الأعزاء التي عطّروا بها هذه النافذة المشرعة على حياة وديوان شاعر الحكمة أود التطرق إلى أمرين :
الأول : حادثة طريفة رواها لي والدي - رحمه الله - ذكر فيها أن الشاعر محمد ملاسي اشتكى له منّي لأنني أسلت الدّم ( وأنا طفل ) من رأسه مرتين فكان يقول ( والله إني ما أخاف إلا من ولد مع عجير، حذفته ما تخطي ) وما وقع في خلده أن ذاك الطفل سيكون أحد أشد المعجبين بشعره .
والثاني : أن الفضل بعد الله في خروج هذا العمل ليرى النور ينسب لأخي وصديقي وأستاذي عبد الله رمزي لأنه هو الذي فتح لنا الباب على مصراعيه لتتبع سير شعراء وادينا الحبيب وما أنا إلا مقتفيا لأثره ومتتلمذا على يديه فلا يغرّنكم صمته فإن سكوته حكمة ونطقه حكمة وحاله فيما بين هاتين الحالتين حكمة فله مني جزيل الشكر وعظيم الامتنان وليت شعري هل أصل إلى بعض ما وصل إليه أم يصدق بحقي قول الشاعر ( بعض التغبّا خير من بدوات السوق وأنا علي ) .


أعود لمداخلات أساتذتي وإخواني

أخي الفاضل / علي بن جاهمة
(هذا الشبل من ذاك الأسد )
تفضلك بالاستعداد للمساهمة في إخراج ديوان الشاعر محمد ملاسي شيء يحسب لك كما حسب لوالدك ووالدتك رحمهما الله وقوفهما إلى جانب الشاعر نفسه في المشاعر المقدسة في حج عام 1385هـ وخصوصا في عرفة عندما كانا يشرفان على تمريضه وهو يصارع الموت في ألايام الأخيرة من حياته حيث لفظ أنفاسه بعدها في 15 /12 /1385هـ ولم ينس لهما التاريخ هذا الموقف النبيل والذي لا يعرفه كثير من الناس وربما أنت منهم ، تحياتي لك يا أبا حمدان ولوفائك أما بخصوص تاريخ ميلاد الشاعر فربما كان الحق معك لكنني أود الإشارة إلى أنني حصلت عليه من واقع حفيظة نفوسه والتي كانت تسمى آنذاك ( بطاقة العربان ) ولعلمك فإن تاريخ ميلادي ومن هم في سِنّي أيضاً كان بالتخمين ونحن جئنا إلى الدنيا بعد محمد ملاسي رحمه الله بأكثر من نصف قرن.


أخي الأكبر / علي بن حسن
شكرا لمرورك ومداخلتك يا أبا حسن ودمت في خير .

أستاذي الحبيب / سعيد راشد
غمرتني بثنائك ونسيت أني لازلت أمامك تلميذاً، دمت يا أبا محمد لي ولمحبيك ولمن تحب
.


أخي العزيز / أحمد بن فيصل
أشكرك على مداخلتك التي أضافت للموضوع بعدا آخر ربما سنحت لي الظروف للتطرق إليه . تقبل تحياتي .


أستاذي الفاضل / أبوعبد العزيز
لك مني خالص الودّ أستاذي وأخي وجاري العزيز .


عزيزي / بن ناصر
ذائقتك وأمثالك الأدبية تجعلني مترددا في الكتابة أغلب الأحيان فأخشى أن أكون ممّن يستبضع التمر إلى هجر!


الصديق الحميم / أبو أديب
تشجيعك لي ولغيري يدفعنا وساحاتنا للأمام، شكرا لك ولكل من يقف خلف هذا المنتدى الذي أعاد تجمعنا بعد طول شتات


سيدي وأستاذي وقدوتي سعادة الدكتور / سعيد عطيّة أبوعالي حفظه الله
مشاعري تجاهك يا أبا محمد لا يمكن إخفاؤها وقد سطرت بعضا منها في رسالة جوال بعثتها لك يوم المشاركة، كلماتك بقدر ما أسعدتني أحرجتني، أثقل كاهلي ترشيحك لي كاتبا لسير أعلام الوادي وأنت منهم فالعين لا تعلو - كما يقول إخواننا في مصر- على الحاجب، وأنت العين ونونها وأهدابها فكيف لي رؤيتك وبعين من أيها الوالد الحنون ؟!


ابني الغالي / أبو ناهل
لاعدمتك يا بني ولا عدمتك توهجك الذي يضيء ليس لمن حوله فقط ! تحياتي وتقديري لك ولأسرتك .


أخي الحبيب / جبل الشعبة
شكرا لمرورك العاطر ومداخلتك القيمة تقبل تحياتي .


الأستاذ والأخ والصديق / عبد الله رمزي
لا عطر بعد عروس

رفيق الدرب 07-04-2009 03:54 PM

إضافة رد
 
بسم الرحمن الرحيم
قرأت متأخرا ماكتبه أبو عبدالله محمد بن عجير عن المرحوم الشاعر محمد ملاسي واعتزامه كتابة ديوانه وإخراجه في ساحة الموروث الشعري فشكرا جزيلا يا أبا عبدالله إنها بادرة كريمة من رجل كريم وأنت تتحفنا بين حين وآخر بروائع من مخزونك الثقافي والمعرفي ، بارك الله فيك وفي كل ماتسطره أناملك .
لكن لي مداخلة بسيطة بل هي مداعبة ومزاح أردت منها كسر الرتابة وصرامة الرسميات وسأوردها حسبما تتوارد على الذهن وتداعيات الخاطر بدون ترتيبات ولامقدمات أو تنميقات مع حفظ الألقاب والمقامات وسأذبح هذه المرة سيبويه من الوريد إلى الوريد ومن رقيب إلى عتيد
فأقول : لقد أعجب أبو محمد بما سطرت يا محمد كما راق لنا جميعا وأقترح أن يعرض عليك مايتوارد إلى الساحات من الكتابة عن السير الذاتية وأنت أهل لكل ذلك .
وإذا كان حق الرد مكفولا أدبا وعرفا لكل المستهدفين من أعضاء الساحات وأنا بزعمي أحدهم
فأقول : الأمر أهون من ذلك يادكتور بكثير ، نحن نكتب على سجيتنا مانعتقد صوابه وجميع كتاب الساحات من الجنسين وروادها ومشرفيها هم نخب ممتازة وبإمكانهم أن يثروا ويضيفوا ويصححوا وينقدوا مايكتب من معلومات أو سيرة ترد عن شخص ما ، ويجب علينا ألا نتبرم من النقد الهادف البناء ، وضعوا تحت هذه العبارة ماتشاؤون من الخطوط ، لأن من يكتب هو المستفيد الأكبر من النقد .
اما السيرة الكاملة لشخص ما فلا يحيط بها إلا علام الغيوب (عالم السر وأخفى) ثم الشخص نفسه ، وإذا كتبنا عن شخصية ما فنحن نكتب نبذا مختصرة ونطلب من الإخوة في الساحات إثراء الموضوع .
ولكني أرجع وأقول : إننا لانحتاج إلى فلترة جديدة لما نكتب ، الثوابت لن تمس بإذن الله وكرامات الآخرين محفوظة إن شاء الله .
وقد أحسن أبو عبدالله عندما رفض الإقتراح بكل أدب واحترام ورد الشأن إلى أصحابه ، ولو قبل ذلك لكن فيه افتئات على المؤسسين (وهم أصحاب الفضل) ومساعديهم وأعضاء الساحات لانرضاه على الإطلاق ولو حدث هذا لاسمح الله فإننا سنقول :
( الشرود الشرود - أنج سعد فقد هلك سعيد) .
لايرتقي الحرف والأبواب موصدة *** من دونه فارفعوا الأستار والحجبا
آخر الكلام نقول لدكتورنا العزيز: نحن نحبك في الله ولكن الله يسعدك ويبعدك ودمتم سالمين.
.

محمد عجير 07-05-2009 01:32 AM



أشرنا في الحلقة الماضية إلى إعجاب رئيس المحكمة بقصيدة الشاعر محمد ملاسي فماسرّ ذلك ياترى ؟! ولماذا خصها هي بالذّات بإعجابه ؟ وهل كان حجم الإعجاب بالقدر الذي يستدعي جلب الشاعر بتلك الطريقة لمجرد التأكد من أنه هو القائل ؟!

والجواب : أن رئيس المحكمة بالطبع قاضي والقضاة تخصصهم في الأساس علوم شرعيّة بحته وبُنيَةِ القصيدة تناولت أمراًَ شرعياً صِِرفاً فكانت تتحدث عن الملكين المكلّفين بإحصاء أعمال العباد في الحياة الدنيا والذين ورد ذكرهما في قول الله تعالى في سورة ( ق ) ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) وقد خاطب الشاعر مجازاً هذين الملكين خطاب المؤمن الواثق من إيمانه فلم يوجه لهما سؤالا استنكاريا أو استفساريا عن طبيعة عملهما بل أكد على أنهما مسؤولان عن إحصاء أقوال وأفعال العباد في ( الحياة الدنيا ) كما أشارت إليه الآية ثم أتبع ذلك بوصفهما ب( كرام كاتبين ) مستوحيا ذلك من سورة أخرى في القرآن الكريم وهي سورة الانفطار ( وإن عليكم لحافظين ، كراما كاتبين ، يعلمون ماتفعلون ) وأضاف شيئا آخر وهو أن ( الحسنة تكتب لصاحبها إذا عملها بعشر أمثالها ) ودليله قول الله تعالى في سورة الأنعام ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) وقول النبي صلى الله عليه وسلّم عند البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيما يرويه عن ربه - عز وجل - قال: " إن الله - عز وجل - كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، ثم هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة ".وأضاف مسلم حدثنا يحيى بن يحيى، ثنا جعفر بن سليمان، عن الجعد أبي عثمان في هذا (الحديث) بمعنى حديث عبد الوارث وزاد: " ومحاها الله ولا يهلك على الله إلا هالك ". وحديث أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عفان، ثنا جعفر بن سليمان بهذا الإسناد قال: قال رسول الله : " إن ربكم رحيم، من هم بحسنة فلم يعملها كتب له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له واحدة، أو يمحوها الله،ولا يهلك على الله إلا هالك " أ.هـ
أما التائب من الذنب فيقول ملاسي بحقه ( والسيّه لا تاب راعيها كتب غفرانها ) فما هو دليله على ذلك ؟
يقول الله تعالى في سورة الفرقان ( والذين لايدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما (68 ) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ( 69 ) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما
( 70 ) ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا )
فمن علّم ملاسي وهو الرجل الأميّ كل هذا ؟! أليس هذا مثار إعجاب يستدعي مقابلته والتعرّف عليه ؟! لقد كان القاضي محقا فيما فعل ولو كنت مكانه لفعلت ما فعله ولكن الأهم من ذلك معرفة أسباب هذا البدع الغريب العجيب وهل يحمل في طياته توريةَ لأمر ما والمعنى الحقيقي في بطن الشاعر كما يقول المثل المعروف ؟!


لقد كان بيت محمد ملاسي يحوي فناءً أمامه ليس له سورٌ يحميه ( لقلة ذات اليد ) وكان القادمون من خارج القرية لطحن حبوبهم لدى صاحب البابور الوحيد في الوادي العمّ صالح بن فرحة -رحمه الله- يربطون حميرهم في فناء منزل محمد ملاسي ظنا منهم بأن ذلك لايؤذيه فعمد في إحدى المرات لفكّ رباط بهائم أشخاص أتوا من قرية العطاردة وهي بالمناسبة ليست من قرى الوادي فعادت البهائم من حيث أتت دون علم أصحابها ومع أن ملاسي مشهور بالحكمة فقد جانبته الحكمة هذه المرّة وليس محقا فيما فعل مهما كان عذره خصوصا وأن أصحاب البهائم من قرية أجنبية لهم ولبهائمهم حق الحماية كما تقضي به الأعراف القبليّة المتداولة آنذاك، فاشتكى أصحاب البهائم ملاسي لعريفة القرية وموامين الجماعة فأصدروا حكما تعزيرياً يقضي بأن يدفع المعني أربعين ريالا لصندوق الجماعة مع أن العامل وقتئذٍ يتقاضى ريالين ونصف الريال عن كل يوم عمل يمتد من وقت طلوع الشمس إلى وقت غروبها لكن هذه هي الأحكام القبليّة التي في حال صدرت أصبحت قطعية واجبة النّفاذ وليس هناك مجال لاستئنافها .

شَعُرَ محمد ملاسي بأن الحكم مجحف بحقه ومع ذلك لم يكن له مفرٌ من تنفيذه فأنشأ هذا البدع الذي هرب فيه من مخاطبة بني البشر وخاطب الملائكة على سبيل التورية وكأني به يقول ( يا أبناء جنسي انظروا إلى الملائكة يحصون الحسنات والسيئات فما بالكم أنتم لاتحصون إلا السيئات فقط ؟! ثم إن الحسنة عند الملائكة ومن أرسل الملائكة بعشر أمثالها والسيئة لا تكتب إلا واحدة وفي حال أقلع صاحبها وتاب كتب له الغفران فلماذا أنتم تتناسون حسنات المخطئ ولا تغفرون ذنبه وتتجاوزون عنه طالما اعترف وأقلع عن زَلّته ) .

هكذا كان محمد ملاسي شديد البأس قوي الشكيمة عزيز النفس لا يقبل الخنوع والاستجداء رغم فقره وقلة حيلته فقد دفع الأربعين ريالا وخاطب الملائكة مستعيضا بهم عن بني جنسه .

أما الرد على القصيدة فلم ينبر له أحد من شعراء الوادي المتواجدين على قيد الحياة في ذلك الحين وخاصة دغسان ( عريفة القرية ) فلديه من الفطنة ما يجعله ينأى بنفسه عن جدل لاخاسر فيه ولا منتصر لكنّه مع ذلك بقي يراقب الموقف عن بعد ويترقّب رد ملاسي فلما استبطأ الرد بعث له برسالة شفهية بطريقة غير مباشرة على لسان شقيقي ( علي ) والذي كان وقتها يعمل مع مجموعة من شباب القرية لدى محمد ملاسي في قطع ( ربض ) لجدار الفناء الذي قرر الشاعر بناءه بعد جرح الأربعين حيث امتنع الأخ (علي ) عن مزاولة عمله في صبيحة يوم من أيام العمل قارس البرد شديد القرّ كوسيلة ضغط على ملاسي حتى يرد على القصيدة فقال له ملاسي وهم متحلّقين من شدة البرد حول ( الصلل ) قبل طلوع الشمس ( لا لا وأنا عمك أنا أعرف ذا يحرّشونك لا توقف شغلك، هات ورقة وقلم واكتب الرد ).


الردّ

القلب لا عاد يعيا(1) علم طيب ياعت ايد
وان كان قدّام(2) عيني ما انكر الأنكات(3) بين
كم واحداً ولّع(4) الفتنه ومات حصونها(5)
من حكمته جنّب(6) الصاحب وعشرم(7) ثالها(8)
والبرّ موجود ما حد قال من غفرا(9) نهى(10)


معاني الكلمات :
1) يعيا ـ يفقه أو يدرك
2) قدّام ـ أمام
3) الأنكات ـ من التنّكيت أي غير الجآدّ
4) ولّع ـ أشعل
5) حصونها ـ لهبَها
6) جنّب ـ أبعد
7) عشرم ـ الأشرم مقطوع الشّفه
8) ثالها ـ نَشَرَها
9) غُفرا ـ إسم مكان مشهور بإنتاج البُرّ
10) نَهى ـ إنتهى


الشّرح :
لم يخرج الشاعر حتى في رده على القصيدة عن موضوع العقوبة التي صدرت بحقه وذاك يشير إلى أمرين :
أ ) مرارة المعاناة التي تجرّعها جرّاء العقوبة الصادرة بحقه وعدم قدرته على تناسيها رغم الوقت الطويل الذي أشرنا إلى أنه مرّ بين بدعه القصيدة ورده عليها .
ب) قمّة الإبداع الشعري لدى الشاعر وقدرته على تطويع المفردات واستخدامها للطرق على الموضوع ذاته مرتين ( في البدع والرد ) وذلك من غير تكرار ممل فماذا يقول .....؟
يقول على سبيل الإخبَار عن القلب أنه إذا وعى أمرا ما فإن اليَدَ تابعة له تعي ما يعي وتُنفِّذ ما يأمر به
( إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر ) وهذه دِقّة في التعبير أشار من خلالها إلى علاقة القلب بأعمال الجوارح وهو مايوافق قول الله تعالى ( لهم قلوب لايفقهون بها ) فالقلب ليس مضخة للدم فقط كما يشير إلى ذلك كثير من الأطباء بل إن له سُلطة على أعمال الجوارح وهناك العديد من الأدلّة ليس هنا مكان إيرادها .

نعود إلى مقصد الشاعر الذي ورّا ( من التورية ) فيه عن السلطة القضائية التي أصدرت الحكم عليه ( بالقلب ) وعن السلطة التنفيذية ( باليد ) فقال ـ القلب لاعاد يعيا علم طيِّب ياعت ايد ـ وجاء بكلمة ( طيِّب ) ولم يأت بغيرها،مع أن في وسعه أن يقول( صاحي ، صادق ، واكد ، جيّد .... الخ ) لكنّه قصد الكلمة بعينها .... لو كنتم طيبين ونويتم الطيب لم يأت حكمكم عليّ بهذه القسوة، أما في البيت الثاني ( وإن كان قدام عيني ما انكر الأنكات بين ) يقول وقع الجدل والنقاش على مرأى ومسمع مني وأنا القادرعلى تمييزالهزل من الجِدّ والصدق من الكذب ومن كان منكم معي ومن كان ضدي فكل ذلك واضح بيِّن .
في البيت الثالث صرّح بأن فيهم من يشعل نار الفتنة وهو القادر إذا نوى أن يطفئ لهبها الذي شبَّه علوه وارتفاعه بارتفاع الحصون ( جمع حصن ) وعلى سبيل التهكم يقول في البيت الرابع أن من حكمة مشعل نار الفتنة تجاهل الصاحب وعدم الوقوف إلى جانبه حتى أصبحت تلوكه الألسن ومنها لسان الأشرم الذي لا يُفهم كلامه، وعلى الرغم من كل حجم التشاؤم لدى الشاعر وعدم ثقته فيمن حوله كما هو واضح من سياق القصيدة إلا أنه ختمها ببيت فيه من التفاؤل الشئ الكثير حيث أشار إلى أنه لم يفقد الأمل وأن الخير لم ينقطع فقال ( والبر موجود ما حد قال من غفرا نهى )

حامل المسك 07-05-2009 07:05 AM

جميل ما نقرأ والأكثر جمالاً هو الاستدلال على أقوال الشاعر بآيات من القرآن وفي هذا دلالة واضحة أن الشاعر كان قوي الإيمان وعنده مخزون جيد من القرآن الكريم ..

شكراً لك يا أبا عبد الله .. ولتعذرني عن التفاصيل فلم تدع لنا شيئاً نكتبه واعتقد أنني سأشوه جمال القصيدة وتحليلها لو أضفت شيئاً ..

لك شكري واحترامي ..

علي بن حسن 07-05-2009 10:36 AM

واصل يا أبا عبد الله ....بارك الله فيك .

علي بن حسن





عبدالرحيم رمزي 07-05-2009 12:45 PM

أشكرالأخ محمد أبوعالي على ما بذله من جهد ووقت في جمع هذا التراث
الذي استغرق منه مراحل عدة
( كالبحث والاستقصاء والتدوين والتصحيح والتنقيح ثم توثيق المعلومة )
إضافة إلى ما أتحفنا به من مقدمة رائعة للديوان والتحليل النقدي والأدبي للقصائد
وسرد للأحداث المصاحبة في أسلوب جذّاب جديد في الطرح وجديد في العرض وجديد في الرواية
هذه الأساليب في الرواية والتقديم من الأسباب المهمة التي أدت إلى إقبال القرّاء الكرام
على الإدلاء بشهاداتهم وخصوصاً المعجبين الذي حاز أسلوب المؤلف على رضاهم
فعبروا عن ذلك عبر مداخلاتهم
وما ذلك كله إلاّ لإبراز هذا العمل المبارك إلى حيّز الوجود في ثوب جميل
فجزاه الله خير
والذي نتوخاه أن يضم ديوان الشاعر محمد ملاسي(يرحمه الله) بين دفتيه جميع قصائد الشاعر
بنفس الأسلوب الجميل للمؤلف كونه يسجل صفحات مهمة من تاريخ تلك الحقبة الزمنية التي عاش فيها الشاعر
وهو يوثق لنا وللأجيال القادمة ذلك التراث الشعبي الحقيقي الأصيل بجميع ألوانه
وخصوصاً لون المجالسي الذي تميز به الشاعر يرحمه الله والذي حوى على الكثير من الحكم الشعبية
التي ضمنّها الشاعر ضِمن قصائده والتي صاغها بسلاسة دون تكلف وعناء
لتصبح فيما بعد أمثلة تروى .
أكرر شكري وامتناني للأخ محمد لاهتمامه بالشاعر
متمنياً أن نقضي معه وقتاً ممتعاً في تصفح الديوان
وفقه الله لإتمام العمل .

علي ابوعلامه 07-05-2009 08:02 PM

جميل ما نقرأ ونستمتع بما سطرته اناملك الماسية

والاجمل توضيحك وشرح المفردات باسلوبك الأخاذ والاستدلال بشواهد من القرآن

ابا عبد الله

استمر .. دعواتنا لك بالتوفيق

أبوناهل 07-05-2009 08:26 PM

أي تعليق بعد هذه الدرر سيوقع كاتبه
في حرج لذلك سأكتفي بقول
شكراً لك ياأباعدالله فقد أتحت لنا
قراءة القصيدة بشكل مختلف فكم من
المفردات إستوقفتني بعد هذا الشرح
المميز فلاعدمنا هذاالتألق وكل ماأرجوه
الإستمراربذات النهج لاعدمناك ..

علي بن جاهمه 07-06-2009 01:18 AM

انا دااااااااااااايخ

محمد عجير 07-11-2009 04:02 PM


* ملاسي والغبن *

يقل محمد ملاسي من رضي ما غبن

هذا مطلع لقصيدة من أربعة أبيات فقط تغنى بها الركبان وذاع صيتها فبلغ الآفاق تقوم على ركيزتين أساسيتين ( من رضي ماغبن ) و ( كلا برشده يعيش ) اختصار لمجلدات من الإسهاب بطلها أمّي تخرّج من معترك أكاديمية الحياة فعلّق شهادة سارية المفعول لم تنته صلاحيتها بتقاعد صاحبها من الدنيا بأسرها، إنه محمد ملاسي فأي غبن تركه ؟! وأي غبن قصده في قصيدته ذائعة الصّيت ؟!

جاء في معجم لسان العرب لابن منظور عن الغبن :

الغَبْنُ، بالتسكين، في البيع، والغَبَنُ، بالتحريك، في الرأْي، وغَبِنْتَ رأْيَك أَي نَسِيته وضَيَّعْته. غَبِنَ الشيءَ وغَبِنَ فيه غَبْناً وغَبَناً: نسيه وأَغفله وجهله؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

غَبِنْتُمْ تَتابُعَ آلائِنـــــــــــــا * * * وحُسْنَ الجِوارِ، وقُرْبَ النَّسَب.


والغَبْنُ: النِّسيان. غَبِنْتُ كذا من حقي عند فلان أَي نسيته وغَلِطْتُ فيه.

وغَبَنَ الرجلَ يَغْبِنُه غَبْناً: مَرَّ به وهو مائلٌ فلم يره ولم يَفْطُنْ له.

والغَبْنُ: ضعف الرأْي، يقال في رأْيه غَبْنٌ. وغَبِنَ رَأْيَه( بالكسر) إذا نُقِصَه، فهو غَبِين أَي ضعيف الرأْي، وفيه غَبانَة أي: ضَعُف .

والغابِنُ: الفاتِرُ عن العمل.

والتَّغَابُن: أَن يَغْبِنَ القومُ بعضهم بعضاً، و من ذلك، يوم التَّغَابُن أي: يوم البعث وسئل الحسن عن قوله تعالى: ذلك يومُ التَّغابُنِ؛ فقال: غَبَنَ أَهلُ الجنة أَهلَ النار أَي اسْتَنْقَصُوا عقولَهم باختيارهم الكفر على الإِيمان. ونَظَر الحَسَنُ إلى رجل غَبَنَ آخر في بيع فقال: إن هذا يَغْبِنُ عقلَك أَي يَنْقُصه.

والغَبْنُ في البيع والشراء: الوَكْسُ، غَبَنَه يَغْبِنُه غَبْناً أَي خدَعه، وقد غُبِنَ فهو مَغْبُونٌ .

وجاء في فتوى للشيخ صالح الفوزان :


فإذا غبن في البيع غبنا يخرج عن العادة ؛ فيخير المغبون منهما بين الإمساك والرد ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : لا ضرر ولا ضرار ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه والمغبون لم تطب نفسه بالغبن ، فإن كان الغبن يسيرا قد جرت به العادة فلا خيار .

وخيار الغبن يثبت في ثلاث صور :


الصورة الأولى من صور خيار الغبن : تلقي الركبان ، والمراد بهم القادمون لجلب سلعهم في البلد ، فإذا تلقاهم ، واشترى منهم ، وتبين أنه قد غبنهم غبنا فاحشا ؛ فلهم الخيار ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تلقوا الجلب ، فمن تلقاه فاشترى منه ، فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار رواه مسلم ؛ فنهى صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب خارج السوق الذي تباع فيه السلع ، وأمر أنه إذا أتى البائع السوق الذي تعرف فيه قيم السلع ، وعرف ذلك فهو بالخيار بين أن يمضي البيع أو يفسخ .


الصورة الثانية من صور خيار الغبن : الغبن الذي يكون سببه زيادة الناجش في ثمن السلعة ، والناجش : هو الذي يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها ، وإنما يريد رفع ثمنها على المشتري ، وهذا عمل محرم ، قد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ولا تناجشوا لما في ذلك من تغرير المشتري وخديعته ، فهو في معنى الغش .

ومن صور النجش المحرم أن يقول صاحب السلعة : أعطيت بها كذا وكذا وهو كاذب ، أو يقول : اشتريتها بكذا وهو كاذب أو أن يقول : لا أبيعها إلا بكذا أو كذا ، لأجل أن يأخذها المشتري بقريب مما قال .


الصورة الثالثة من صور الغبن الذي يثبت به الخيار : غبن المسترسل، قال الإمام ابن القيم : " وفي الحديث : غبن المسترسل ربا والمسترسل : هو الذي يجهل القيمة ولا يحسن أن يناقص في الثمن ، بل يعتمد على صدق البائع لسلامة سريرته ، فإذا غبن غبنا فاحشا ؛ ثبت له الخيار " والغبن محرم ؛ لما فيه من التغرير للمشتري، إنتهى .

إذا فأي أنواع الغبن قصد ملاسي بقوله ( من رضي ما غبن ) ؟!

يقــل محــمد ملاسـي من رضي ما غبن
لا تعــذلون العــرب كــلاً برشـــده يعيـش


من الواضح أنه قصد ( الخديعة ) وهو يحوم حول الغبن اليسير غير الفاحش سواء أكان في التعاملات المالية أو غيرها وإلا فإن الغبن الجائر لايرتضيه هو ولاغيره وهو مايوافق القاعدة التي تنص على ( أن الغبن إذا كان يسيرا قد جرت به العادة فلا خيار ) وطالما أن الإنسان هنا قد اتخذ قراره بنفسه وبرضى منه والرضى سيد الأحكام إذا فلم يلومه الآخرون و يعذلونه ؟! أليس من حقه العيش وفق تفكيره وفهمه للأمور ؟! ( وكلا برشده يعيش ).



في البيتين ألأخيرين من رباعية ملاسي هذه يضرب مثلا من الواقع البيئي الذي عاش فيه ليؤكد على صحة توجهه فيقول :

مشيت في الأرض ماشي مثل حـزن الصدر
تطـــلـع فــواكـه و فـيـدتـها لغـيـر أهلـــها


فما علاقة حزن الصدر بالرضى والغبن ؟!

( حزن الصدر ) قرية صغيرة تقع في منتصف سلسلة جبال السروات المطلة على سهول تهامة وتشتهر بإنتاج الفواكه وخاصة ( الموز ) الذي قرر أصحابه تسويقه للآخرين رغم حاجتهم إليه ومع ذلك لم يعذلهم أو يلمهم أحد فكأن ملاسي بهذا يصوغ سؤالا استنكاريا لمن يعذل الناس على قراراتهم مفاده أليس لكم فيما يقوم به أصحاب تلك القرية مثالا حيا على حريّة الرّأي والجرأة على اتخاذ القرار ؟

اما في الرد فقد جاء ملاسي بما يغاير البدع من حيث البيئة فمن ( حزن الصدر ) إلى أم القرى وتحديدا ( شارع المدعى ) واستبدل حديثه عن الرضى والغبن في البدع بالحديث عن الحزن وجند الشيطان في الرد فماذا يقول :

فـي شــارع المـدعــى لامـرّ ضي ما غبن
يعـيونه الحضر واللي فالبر أشده يعي ايش
يا كـل محـزون ما صـيّرت حــزن الصـَدر
يـا كـم قـلـوبـاً عـيال إبليس غـيـره لـهــا


معاني الكلمات ـ

لامرّ : لاـ تأتي هنا بمعنى إذا؛ مرّ ـ تعدى وتجاوز
ضئ : ضوء مُشِعّ
ماغًبِن : عكس لم يُرَ أو لم يُفطن له
يعيونه : يشاهدونه
فالبر : أي من يعيش في البراري ويسكن بها ( كناية عن البدو الرّحل )
أشَــدَهَ : فلان شده شدها ويقال شُدِهَ : دُهش بالأمر وتحير، وأشْدَهَهُ : أدهشه
يعي أيش : استفهام استنكاري جاءت فيه أداة الاستفهام متأخرة بمعنى ماذا يعي ( إيش يعي ) أو ماذا يدرك ؟
حــزن : اغتم وانكسر، والحزن نقيض الفرح .
ما صيّرت : ما اطلعت .
الصدر : جمع صَدرَ ـ ما بين بطن الإنسان وترقوته .
عيال إبليس : جنود إبليس .
غيره لها : هدف لغاراتها .


بما أن ملاسي كان يتردد على مكة المكرمة كثيرا للبحث عن لقمة العيش ونظرا لأنه لم يكن محترفا مهنة يدوية فقد كان يعمل في تحميل البضائع ولهذا كان جُلّ تمركزه في شارع المدّعى، الشارع الحيويّ القريب من الحرم والذي كان يعج بالمتسوقين والتجار ومن أجل ذلك فهو الخبير بدقائق أمور ذلك الشارع وخفاياه وما يدور فيه فماذا يقول عنه ؟.

يقول عندما يمر ( ضوء ) في ( المدعى ) الشارع الذي يعج بالساكنين والتجار من أهل مكة ( والضوء هنا ربما كان على سبيل الحقيقة أو كان كناية عن الجميلة من النساء ) فإنه بالتأكيد لن يخفى على أهله والقاطنين فيه بعكس من جاء إليه من البادية الذين لم تتعود أبصارهم على الأضواء فتدهشهم وتبهرهم ويعشون بها .

وفي هذين البيتين وطّد لما يريد الوصول إليه في البيتين الأخيرين من القصيدة حيث يقول ( ياكل محزون ما صيّرت حزن الصدر ) فقد نادى على كل من يدّعي الحزن قائلا : هل اطلعت على أحزان الآخرين التي يحملونها في صدورهم ؟ وهل قارنتها بحزنك لتعلم أن هناك من يحمل في أعماقه أضعاف ماتحمله، سؤال استنكاري تهكمي آخر في القصيدة، جوابه معروف مسبقا ، إذا والخطاب موجه لمدعي الحزن إنما مَثَلُكَ كمثل بدوي دخل المُدَّعي فتاه بصره في خِضَمِّ الأنوار ولم يعيَ شيئا ، ثم يوجه له النصح في البيت الأخير قائلا كم من القلوب هدفا لغارات الشيطان وجنده فاحذر أن يكون قلبك من بين تلك القلوب .

سعيد راشد 07-11-2009 11:35 PM

أخي الفاضل :
محمد عجير
الإبداع والتميّز تجلّي وتخصّص وانفراد

أنت أهله

متمنياً لك الصحة وطول العمر
ولفكرك وقلمك التألق المستمر

وأهديك أطيب سلام ، وأزكى تقدير واحترام

علي بن جاهمه 07-13-2009 07:45 AM

يا ابن عجير
ماذا تفعل ...
وصف وشرح وعرض وتفصيل قمة في الاتقان والجاذبية
انا سمعت او قراات ان شكسبير مادرى عن عظمة اعماله وروياته!!
واعتقد انه بعد موته تم الاستفادة منها واصبحت قصصا ورويات عالمية ؟؟
واعتقد ان ذلك ينسحب على محمد ملاسي....؟
فانا لا عرف هل كان يعي انه داهية وانه حكيم وانه شاعر مختلف
( قد يفيدنا في ذلك بعضا ممن حضروا حياته مثل الريس علي والدكتور سعيد ابوعالي وغيرهم )
اما ان القضية بالنسبة له " شقر" وكلمات واحداث انية ساقتها ظروف الزمان والمكان...
لان هذا الانسان .. الانسان البسيط الامي تخرج منه مثل هذه المعاني الراقية
يجعل الانسان في حيرة فعلا.... من وجود مساعدين للشاعر قد نراهم او لا نراهم ....؟
يقول الجاحظ ان المعاني موجوده امام الجميع ولكن الشاعر لدية موهبة وقدرة في صياغتها وترتيبها بقالب جميل قد يحفظ لسنوات...
اما موضوع وجود والدي ووالدتي في مكة المكرمة سنة مرضه ووفاته ( 1385هـ) فانا ليس لدي علم بذلك واختي الصغرى رحمها الله ولدت في حج ذلك العام وسميت بما يدل على ذلك ولكنني لا اعرف بقية الاحداث ولم تذكر لي ، ووالدي يرحمه الله رغم عشقه الكبير لقصائد ملاسي وذكره المتكرر له واستناده على بعض قصائدة لمعالجة بعض القضايا مثل :
( من بغى الصاحب بلا عيب مات ماخذله صحيبا)
الا انه يرحمه الله لم يذكر شيئا من ذلك لي .
واكيد ان لديك مايؤكد ماذهبت اليه في روايتك .
رحم الله الجميع وجمعنا بهم في الفردوس الاعلى

أحمد بن قسقس 07-13-2009 10:51 AM

عبقريّ
 
عبقريٌّ يا أبا عبد الله ، نحن معك بهذا التحليل والشرح والتفصيل لديوان محمد ملاسي في عرسٍ بل في مهرجانٍ نقرأ و نستمتع و نتعلّم ونتثقّف و نغنّي و نحلل ونتذكر . نحن معك يا أبا عبد الله بهذا التحليل والشرح والتفصيل لديوان محمد ملاسي في رحلةٍ جميلةٍ مع الكلمة الموحية والعبارة الجميلة والنظرة الثاقبة والحكمة الصائبة والمعنى المبتكر والعاطفة المؤثرة والأسلوب البديع .
وإذا كان محمد ملاسي قد ضرب القمّة بشعره وفنّه فإنّك تضرب القمّة بإسلوبك الرائعِ والممتعِ في تصديك لشعره بالتحليل والتفصيل والشرح . وإذا كان محمد ملاسي قد فاز في شعره بالحكمة والمعاني الجميلة المبتكرة فإنّك تفوز في تصديك لشعره شرحا وتفصيلا وتحليلا بالأجر والثواب ومحبّة الناس و ثقتهم وإعجابهم وإعزازهم لما تقدّمه و تقوم به .
وأمّا ملاسي الشاعر رحمه الله فلو لم يقل إلا ذلك البيت ( لا تعذلون العرب كلاّ برشده يعيش ) لكان أشعر الشعراء فما بالك وقد سار على هذا النحو في كلّ قصائده ، لقد كان الإبداع في شعره قاعدة سار عليها في كلّ تراكيبه وكلماته وصوره وأبنيته ، و كانت الحكمة والمعاني المبتكرة مطيّة سار بها في كلّ معانيه وأفكاره و خيالاته وتصوراته .
ديوان ملاسي تأريخٌ لتلك الحقبة من الزمن ، وتأصيلٌ لذلك النوع من الشعر ، وتعريفٌ بتلك الأماكن التي عاش بها وسار فيها ، وتوثيقٌ لتلك الأعراف والتقاليد التي تمثلها في حياته وعمل لها وبها .
وتصديك لديوانه بالجمع والتحليل والتفصيل : جهدٌ مبارك ، وعملٌ رائق ، وانجازٌ عظيم . يستفيد منه الدارس ، والباحث ، والمتذوق ، والمبتدئ . ويرفع من مكانة الكلمة و الشعر والنقد والدراسة لذلك النوع من التراث الأدبي . واسمك بالساحات واختيارك لها لتكون المكان الأول لهذا العمل الأدبي زاد الساحات وزادنا ثقة وحيويّة ونشاطا. فشكر الله سعيك ، وأدامك على الخير ، وأعانك فيما تبقى .

رفيع الشان 07-13-2009 11:36 AM

سامحك الله يا أبا عبدالله
أذهبت ما تبقى لدي من رغبة في المحاولات الشعرية
فبالنظر إلى ما يزخر به شعر محمد ملاسي من معاني وحكم
وما يحويه شعره بصفة عامة من تورية يجعلني أعيد النظر المرة تلو المرة
في استكمال هذا الطريق.
قراءاتك النقدية والتحليلية لشعر محمد ملاسي رحمه الله يدعوني للتوقف عن ثرثرتي
في مجال شعر الشقر، فعند العودة إلى ديوان ملاسي كما قدمته يعني أن يكون لكل بيت هدف
ولكل كلمة معنى...
القضية عند ملاسي ومجايليه من الشعراء ليست وزناً فقط وليست شقراً فقط بل إني أكاد أجزم أن هذا الأمر لا يدور في أذهانهم
القضية هي ماذا تريد أن تقول؟ وأي معنى تريد أن توصله؟
ثم يأتي الوزن والشقر تبعا لذلك!!!
محمد ملاسي سجل مرحلة وهي بلا شك مرحلة عصيبة على جميع من عاشها لا يوجد تمايز في ذلك
إنما هناك من استطاع تسجيلها شعراً فرواها الأبناء عنهم
واصل أبا عبدالله فنحن جلوس في مدرج محاضراتك عن شعر الشقر ومحمد ملاسي نموذجاً

أبوناهل 07-13-2009 08:22 PM

هناك رؤية ثقافية تختص بمجال النقد
مفادها أن الناقد المميز شاعربالفطرة
وهذا ماأثبتته هذه الرؤية التحليلية التي تقدمها
أستاذي الفاضل عن شعرملاسي رحمه الله .
.. تاكيداً على كلام اخي رفيع الشأن بأن لكل كلمه هدف
وأن المعنى مهم وبمناسبة إفتتاح ديوان ملاسي بقصيدة
(يارقيب وياعتيد) فإن الشاعردغسان ابوعالي لم يرد على
القصيدة لأنه يرى أن البدع كان قمة في التميز ولذلك فإنه سيتفوق
على الرد مهما بلغ ..
ملاسي في وهمي انه شاعر بلغ قمة الذكاء ودليلي على ذلك
أن من يتأمل بدعه سيجد أنه أقوى من الرد فهو بذلك يقطع الطريق
على من يحاول أن يحضى بشرف الرد ..
بقي أن أؤكد رغبتي الملحة لك ياأباعبدالله في مواصلة مابدأت به
فكلنا شوق ولهفة .

محمد عجير 07-13-2009 11:44 PM



بسم الله الرحمن الرحيم

أخواني وأعزّائي /
حامل المسك

علي بن حسن

عبد الرحيم رمزي

علي أبو علامة

أبو ناهل

علي بن جاهمة

أستاذي القدير / سعيد بن راشد

أخي الحبيب / أحمد بن قسقس

أخي الفاضل / رفيع الشأن


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

مجرد تواجدكم في هذه الصفحة فضلا عن مداخلاتكم وقود يولد طاقة تدفع بالكاتب لمواصلة المشوار مهما كانت مفاجآت الطريق فشكرا لتشجيعكم ومؤازرتكم فبكم وأمثالكم نكون أو لانكون .

همسة
: مصدر معلوماتي يا أبا حمدان عن حج عام 1385هـ أخي العزيز أحمد الثابت وكفى به شاهدا من أهلها .

خاص
: اعتز بشهادتك أخي أحمد بن قسقس أيما اعتزاز فهي من خبير ومتخصص يحسب له ولإمثاله ألف حساب ، لاعدمتك يا أبا علي متذوقا وناقدا وموجها فمرحبا بك وبإطلالتك التي نترقبها فيعزّ مطلبها في كثير من الأحيان .

محمد عجير 07-15-2009 08:45 PM



منجى الدخيل



يقل محمد ملاسي وين منجى الدخيل
فاروق غادر وربي حوله من مصر
وولوا المحكمه بعده محمد نجيب
ضم أهل الاعقار واشرك من فدادينهم
كل معه عند نهر النيل مزرع وبيت
وقاهرة مصر ما نسمع تهاويلها


الدّخيل :
هو من ارتكب جنحة فاضطر لمغادرة عشيرته واللجوء إلى قبيلة أو عشيرة أخرى سواء برغبة منه أو أنه اجبر على ذلك.

والدّخيل في ظاهر قصيدة ملاسي هو الملك فاروق الذي أجبر على مغادرة بلاده بعد أن اطاحت به وبالملكيّة بأسرها ثورة الضباط الأحرار عام 1952م وفي هذا تورية من الشاعر فهو يقصد أمرا آخر لاعلاقة له بمصر وعاصمتها ولا حتى باشتراكيتها ، والقصيدة واضحة المعاني لا تحتاج إلى شرح أو تعليق قد يفسد جمالها .

الرد

قبل المواتر يجي للناس من جِدّه خيل
ما جابها إلا الدراهم والذهب من مصر
والا دعينا لدينك يا محمد نجيب
والعشرة ذا يحبونه فدا دينهم
واما انت يا ابو جهل جتك النصايح وابيت
والروح ذا ما تداري المنتهى ويلها


معاني الكلمات :

المواتر : جمع ـ موتر ـ وهي كلمة يطلقها العامة على السيارات .
من مصر : يقصد بها هنا العملة المصرورة من ( صرَّ ، يَصُرُّ فهو مصروراً ) أي المحفوظة سواء أكانت ورقيِّة كالدراهم أو معدنية كالذهب .
دُعينا : أي إذا تم طلبنا لقربة من قربات الله كالحج والعمرة والجهاد وما إلى ذلك فإننا نبادر بالإستجابة وتلبية النّداء لأن ( نا ) هنا ضمير للمتكلمين وهم مسلمون بالفطرة ، إذا فالمعنى ليس كما يضنه البعض أنا إذا دعينا للدخول في دين الأسلام نستجيب .
العشرة : يشير إلى العشرة المبشرين بالجنة .
فدا دينهم : أي افتدى دينهم ، والمقصد أنهم تركوا ملَّة الشرك ودخلوا في دين محمد صلى الله عليه وسلّم .
أبو جهل : عمرو بن هشام (ابو الحكم) خال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن أشد اعداء الرسول صلى الله عليه وسلم والذي أبى الدّخول في دينه .
تداري المنتهى : تداري العاقبة والحساب .

ألم اقل لكم إن في كلام الشاعر تورية في بدعه وردّه ! إنه يشير إلى إنتقال ( مشيخة القبيلة ) من مكان إلى آخر وتأييد الشاعر لذلك الإنتقال فمن أحشاء تلك الحقبة الزمنية البائدة تولدت هذه القصيدة الرمز .

بن ناصر 07-15-2009 11:28 PM





ما شاء الله يابو عبدالله

قبل فترة مشاغل العمل غيبتك عنا سنوات طويلة .. لم أتخيل يوما ما أن لديك هذا الحس الأدبي في الحفظ والنقد والتحليل الأدبي الرائع .. لإختلاف طبيعة العمل مقارنة بما نشاهده هنا .. ولقد زاد من شغفنا بتتبع الموضوع ما أضفت إليه من شرح للمفردات يوضح الكثير من غموض القصيدة .. وإخراجا ملونا يتيح للقارئ سهولة التتبع والفهم

لا أخفيك أنني معجب بهذا النوع من الشعر .. لكن يصعب علي فهم أغلب معانيه ومفرداته .. ويتعذر على فهم المقاصد التى يخفيها الشاعر .. هو يخفيها .. من الأدب والذوق .. لأن ما كل شئ يمكن أن يصرح به علانية .. ومتى ماعرف القارئ هدف الشاعر .. حصلت متعة التذوق الأدبي

إن المقاصد الشعرية للشاعر هي بيت القصيد .. وقمة المتعة الفنية ولا يجيد فك تلك الألغاز الدفينة في ذهن الشاعر .. إلا من كان لديه خبره في سبر أغوار الشاعر ومعرفة حياته وبيئته ونفسيته .. وبالتالي يدخل الناقد على نفس الخط .. ويساير الشاعر في مشاعره وآلامه .. وهذا ما وجدته لدى أبو عبدالله .. أتمنى أن نستمر معك لمتابعة هذا الفن الأدبي .. و تتحفنا بمثل هذه الدرر الرائعة



محمد عجير 07-17-2009 11:10 PM



{مصدر الجمال في نظر محمد ملاسي }

تزوج ملاسي امرأة جميلة من قرية تقع إلى الشرق، فأسَرَ جمالُها عقله لكن زواجه منها لم يدم طويلا لأن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن وقد ندم الشاعر على فراق زوجته أيما ندم حتى أحس به كثيرون ممن حوله من بينهم رفيق دربه دغسان الذي استغل زيارة للشيخ ( سعيد بن صقر ) لوادي العلي والتي طالما تردد عليها للاستمتاع بمساجلات الشاعرين وقفشاتهما فَبَدَعَ أي ـ دغسان بدعا رَحِّب فيه بالشيخ واستحث ملاسي من خلال ذلك البدع على تخليد ذكرى فقدان زوجته فقال :

حيا الله شيخا معه ظَنّه وراموسا { 1}
وينجد اللي يدور منه نجدية { 2 }
مثيل نوُّ(ن) غزيرا تاع منشأ ماء { 3 }
يحج ولد الملك ويحج وزياره { 4 }


معاني الكلمات :

( 1 ) ظنّه – أي ( تخمين )والمعنى أن ظنّه في الناس لايخيب وهو كناية عن قوة الفراسة والشيخ هنا يقصد به الشيخ سعيد بن صقر ( رحمه الله ) ، والراموس – يقال فلان يُرَمِّسُ الشئ أي يُميِّزه .
( 2 ) ينجد – يسعف ، والمقصود أن الشيخ لا يتخلّى عن طالب النجدة منه سواء أكانت مالا أو غير ذلك .
( 3 ) مَثَيل - تصغير مِثل ، نوّ(ن) أي سحاب ، تاع – ناض أو أقبل ، منشأ – مصدر ، والمقصود أن الشيخ في جوده وكرمه يشبه السحاب الذي يحمل غيثاً منشأه ( البحار والمحيطات ).ً
( 4 ) يحج – أي يحاجّ من المحاججة ، وزياره – أي وزرائه والمعنى أن الشيخ قوي الحجة وبإمكانه محاجّة ابن الملك والوزراء.

( الرد – من ملاسي )


ما جا نبيٍّ(ن) من المشرق ورا موسى { 1 }
إلا رياحٍٍ(ن) تهبَّ بها ونجديّه { 2 }
والانبيا ما يجونا غير من شاما { 3 }
أرض(ن) نظيفة وفيها حج وزيارة {4 }


معاني الكلمات :

( 1- 2 ) ورى – أي بعد ، ومع أن موسى -عليه السلام- لم يأت من المشرق وإنما جاء من فلسطين وفلسطين ليست شرق المملكة كما أنه أي ( موسى ) أرسل إلى فرعون وقومه في مصر ومصر تقع غرب المملكة فإن هذه لم تكن سقطة من ملاسي رحمه الله لكنه اضطرّ لقول ذلك عندما قيده دغسان في البيت الأول ( بموسى ) وفي البيت الثاني بالنجديّة، وهي الرياح التي لا تأتي إلا من جهة المشرق ( من نجد ) ولا تحمل أمطاراً في العادة لكنَّ دغسان كان ببدعه ذاك ينصب فخا لملاسي ويستدرجه ليأتي على ذكر موضوع زوجتة التي اشرنا إلى أنها قادمة من جهة المشرق .

( 3 ) من شا ما – أي من الشام ويقصد بها هنا فلسطين لأنها أرض الأنبياء
( 4 ) الحج والزيارة معروفة أماكنها لكنه هنا قصد ( بيت المقدس ) بعينه كونه احد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها .

قول الشاعر ( الأنبيا ما يجونا غير من شاما ) يوضح مدى قناعتة بأن الجمال موطنه الحقيقي بلاد الشام ( سوريا،ولبنان، وفلسطين ) وأن مجيئه هذه المرّة من المشرق يعد خرقا للعادة لأنه اكّد ـ أي الشاعر ـ أنه لم يره هو أو غيره بعد ذلك قادما من تلك الجهة { ما جا نبي (ن) من المشرق ورى موسى } ولعلّ الصواب جانب ملاسي فيما ذهب إليه لكنّه لا يلام فهو عاشق مكلوم يرى محبوبته بغير العين التي يراها بها الآخرون وقد سبقه إلى هذا الأمر قيس بن الملوّح حيث سأله رجل عن سبب حبه لليلى مع أنها لاتملك من الجمال مايجعله يهيم بها فرد عليه قائلا إذا رأيتها بعيني علمت سبب عشقي لها، ثم أنشد :

إليكَ عَنِّيَ إنِّي هائِمٌ وَصِبٌ **** أمَا تَرَى الْجِسْمَ قد أودَى به الْعَطَبُ
لِلّه قلبِيَ ماذا قد أُتِيحَ له **** حر الصبابة والأوجاع والوصب
ضاقت علي بلاد الله ما رحبت **** ياللرجال فهل في الأرض مضطرب
البين يؤلمني والشوق يجرحني **** والدار نازحة والشمل منشعب
كيف السَّبيلُ إلى ليلى وقد حُجِبَتْ **** عَهْدي بها زَمَناً ما دُونَهَا حُجُبُ


فهل يلام ملاسي على أن رأى البقعة التي جاءت منها معشوقته بالعين التي يرى بها الناس أرض الأنبياء ؟! أنا شخصيا لا الومه. ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد كان في إحدى عينيه حولٌ عُيّر به ذات مرة فقيل له ( اندر ياشتيح اندر ) فدوّنها ملاسي في ذاكرة الزمن بقصيدة خالدة نقش حروفها على حناجر رعاة الماشية كثرة ترديدهم لها في غدّوهم والرواح كما يتضح لكم من قِصَّة هذه القصيدة أدناه :


يا شتيح اندر

ألقت الحرب العالمية الثانية بظلالها على معظم الدول العربية ومن بينها المملكة حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية آنذاك وقل تواجدها في الأسواق ودخل الفقر معظم البيوت إن لم نقل كلها . . هذا في المدن فكيف الحال بالقرى النائية التي لم تكن تصل إليها السيارات لعدم وجود الطرق وإنعدام وسائل المواصلات إلا ما ندر، والدولة السعودية في تلك ألآونة لم تلتقط أنفاسها بعد فهي في طور البناء وما زالت تتعامل بالريال الفرنسي إلى جانب عملتها المحلية حيث لم يكن الريال السعودي قد غطى كل مناطق المملكة، ومما زاد من معاناة الناس شح الأمطار في كثير من أجزاء البلاد وخصوصا المنطقة الجنوبية التي جفَّت ارضها وقلَّت مؤن سكانها فأصبحت لقمة العيش فيها صعبة المنال عسيرة المآل، فنتج عن تلك الأجواء المفعمة بالمآسي ارتفاع سعر المُدَّ من القمح إلى أربعة ريالات فرنسيه (أي ما يعادل مائة وستين ريالا عربيا ) حتى سُمّي ذلك العصر ب( عصر سعر ربع ) والمدُّ لمن لا يعرفه ( أداة من أدوات الكيل يعادل وزن محتواه بضعة كيلو جرامات فقط )

في تلك الظروف العصيبة كان الرجل ذو المنعة والقوة غير قادر على توفير قوت أبنائه ليوم أو يومين فكيف له أن يستقبل أحدا في بيته ويقوم بتقديم واجب الضيافة له ؟!
وهذا ما دعى دغسان رحمه الله لتدوين تهرب الناس من ضيافة بعضهم البعض في تلك الحقبة فقال :-


ماعاد ودي نضيًف حد ولا ودي نِضيْف
ماعد فالاسواق يوجد لا دهان ولا تمر
والبن ماعد يباع إلا ريال الرابعه
عليّ ع اهل السخا وعن الرجال المستحين
كلافــة الضيــف معــدومة وكيــف نقـل بهــا


ولهذا لم يكن للناس إلا تقاسم ما هو متوفر لديهم ليعيشوا يومهم . ويوكِلون أمر غدهم إلى الله .
هكذا كانت الحالة السائدة في معظم القرى ولأن وادي العلي لم تكن قراه في معزل عن قرى الآخرين ولم تكن الظروف تختلف كثيرا من مكان إلى آخر فالفقر عامّاً وضرب بأطنابه في كل بيت لذا فقد كان السؤال :-


من للمسكين والأرملة ؟
ماذا بوسع الفقير أن يفعل إذا كان ميسور الحال لا يجد ما يسد به رمقه ورمق أبنائه ؟
كيف يمكن لامرأة فقدت زوجها أثناء تلك الظروف أو قبلها بقليل أن توفر لزغب الحواصل ماء أو شجرا ؟!


كانت بالفعل مأساة لم يشعر بمرارتها إلا من اكتوى بنارها أو بنار مثيلاتها فالنار على رأي المثل ( ما تحرق إلا رجل واطيها )

في خضم تلك الأمواج المتلاطمة والعواصف العاتية كان شبح مركب لأرملة مسكينة يطل بمقدمته بين الفينة والأخرى متلمسا طريقه بصعوبة بين الأمواج للبحث عن مؤنة تكفيها وأبنائها حتى يأتي الفرج الذي وعد الله به عباده الصابرين .

وفجأة لاح لتلك الأرملة في الأفق بارقة أمل لملمت قواها الخائرة لتدفع بمركبها المتهالك باتجاهه علّها تجد ضالتها لديه وكأني بلسان حالها يردد في تلك اللحظة ( الله كريم برق يلوح . .. اليوم أبا اغسل هالجروح ) لكن ذلك البارق لم يكن سوى سحابة صيف عابرة أو سرابا حسبته ماءً حتى إذا جاءته لم تجده شيئا .

الفرج ( السراب ) تمثل في مُزَارع جاء من قرية مجاورة إلى الوادي على دابته ليسوّق منتوج بلاده من (حُنْطة ) احتفظ بها قبل الكارثة بسنوات وكأنه تعلم من درس نبي الله يوسف لأهل مصر عندما قال لهم ( فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ) فأصبحت سلعة ذلك الرجل رائجة وبالثمن الذي يريد .
لكن ألم أقل لكم بأنه كان بالنسبة لتلك الأرملة سرابا ؟! فقد امتنع المزارع عن تزويدها بما تحتاجه لأنها لم تكن تمتلك الثمن ولم يكن هو يعرفها أو يتعامل معها من قبل فماذا ستفعل ؟ !


هل تدعه يذهب دون أن ينقذها وهي غرقى ترى بأم عينيها طوق النجاة متدليا بين يديه يقلِّبه كيف يشاء ؟ أم انها تتشبث به حتى وإن تكبدت في سبيل ذلك شتى أنواع المشاق ؟!

أُسقط في يد تلك المرأة العصاميِّة بعدأن رفض المزارع طلبها لكنها لم تستسلم ولم تكن لتدع أطفالها يتضورون جوعا وفيها رمق من حياة . . ولذا لم تيأس من روح الله وازدادت إصرارا على تحقيق ما تصبو إليه فأخذت تفاوض الرجل وتجادله حتى وافق على مضض أن يبيعها ما تحتاجه من مؤنة شريطة أن تحضر له كفيلا غارما معروفا لديه وتحدد له الفترة الزمنية التي يمكن أن تسدد خلالها ثمن ما تشتريه، فوافقت المسكينة على شرط الرجل ثم ذهبت على عجل غير مصدقة نفسها لتبحث عن كفيل غارم قبل أن يغادر البائع القرية فتفقد ما بقى لها ولأبنائها من أمل ، لكنها اصطدمت بشي آخر لم يدر بخلدها إلا بعد أن أعطت لساقيها العنان في طرقات القرية الضيقة والتي خلت من المارة وهي تجوبها على غير هدى إذ قفز إلى ذهنها سؤال منطقي . .يقول . . من سيكفل أرملة لا حول لها ولا قوة ؟ من سَيَمُد لها يد العون من جيرانها وهم انفسهم لا يملكون لأنفسهم نفعا وليست أحوالهم بأحسن من حالها ؟! . .

تزاحمت الأفكار في ذهنها وتواردت عليها الخواطر من كل حدب وصوب ومع ذلك لم يسعفها أيٌّ من تلك الخواطر والافكار بإسم الشخص القادر على السداد عنها في حال حان وقت الدفع ولم تستطع الوفاء بما هو مطلوب منها . . مضت في طريقها بين البيوت تقلب أفكارها ذات اليمين وذات الشمال ولم يخطر ببالها اسم محمد ملاسي لأداء ذلك الدور الذي تنشده مع أنه نسيب زوجها ورجل يعرفه البعيد قبل القريب بحكم شهرته وذلك لأنها أعرف الناس بأحوال محمد ملاسي المادية والتي لم تكن تؤهله لكفالتها أو دفع قيمة ما تشتريه . . لكن لعل قدرها وقدره ساقاها إليه فلم تشعر بنفسها إلا وهي واقفة ببابه فلم يخذلها بحكم شهامتة ومروءته وانطلق معها إلى تاجر الحنطة الذي اتضح أنه ( أي التاجر ) على معرفة بملاسي فنالت ما كانت تصبو إليه .

عندما حان موعد السداد.. لم تكن الظروف قد تعدلت بعد ولم تكن الأيام قد جادت بما هو متأمل ولذا لم تجد تلك المرأة ما تدفعه لدائنها ولم يستجب هو لقول الله تعالى ( فنظرة إلى ميسره ) ومن أجل هذا بقى ( الدائن ) يتردد على الكفيل للمطالبة بحقه والكفيل يزيد من ضغوطه على الأرملة لنفس الغرض،

وفي يوم من الأيام قابل الدائن الكفيل في أحد الأسواق وهو يرتدي جُبَّةٌ له تقيه من برد الشتاء فأخذ جٌبَّته مقابل دينه ولما عاد الكفيل إلى بيته والبرد يكاد يفتك به ذهب مباشرة إلى تلك المرأة ولعلّه كان منفعلا حينها فألح عليها في طلب تسديد ماعليها وطال بينهما النقاش حتى ضاقت به ذرعا لعدم تقديره لظروفها فعيَّرته بِحَوَلٍ في عينه اليسرى قائلة له ( أندر من فوق بيتي يا شتيح ! ) وعندها لم يجد ( شتيح ) بدا من النزول عن ظهر البيت والعودة أدراجه إلى منزله وكل امله عدم وصول الخبر إلى دغسان حتى لا ينصب له الأخير فخا يخلد من خلاله أحداث تلك الواقعة فما في ملاسي يكفيه من ذهاب جبَّتة وتجرعه مرارة برد الشتاء . . لكن الخبر سرعان ما انتقل حتى انتهى إلى دغسان لأن الناس لم يكن لهم مفر من التسامر ليلا لقضاء الوقت وتداول أخبار المجتمع في ظل عدم وجود وسائل الاتصالات المتوفرة حاليا وعندها قال دغسان :-

لابد تشرب من الأعداد يا ضامن {1}
من سد حبس(ن) وله ممضى عتل جبه {2}
حبس(ن) صليب(ن) وراه الجم يتجمّل {3}
يسوق زرعٍ(ن) ورا أسوار(ن) طال بناها {4}
يمــون حـبّه وفي وقـت الشّتــــي حنـدر {5}


معاني الكلمات :-
( 1 ) الأعداد – جمع عِِِِذّ وهو البئر ، والضامن ( الضامئ ) .
( 2 ) من سد :- من خلف ، حبس :- المكان الذي يحبس فيه الماء سواء أكان قُفّ البئر اوالبِرْكَة التي كانت تحفر بجانب القف لتجميع الماء .
الممضى هو الطريق الذي يمضي منه الماء أو ينتقل عبره من البئر إلى المزرعة ويسمى الفلج ،
العتل _ جمع ( عتله ) وهي أداة حديدية تستخدم لقطع الصخر .
َََََجبَّه :- بفتح الجيم أي قطعه . .والمعنى أن ماء البئر الذي يشرب منه الضمآن محبوس في ممر أستخدم العتل في قطعه أو شقِّه
( 3 )صليب : قوي ، والجم هو الماء . . ويتجمل : يصبح جميلا في نظر العطشان .
( 4 ) يسوق : يروي ( من الري ) ورا _ أي خلف
اسوار(ن) _ جمع سور ، طال بناها _ أي طال بنيانها والمعنى أن الماء يروي زرعا خلف أسوار استغرق بنيانها وقتا طويلا
( 5 ) يمون حبه _ أي تتكاثر حبوبه
في وقت الشتي حندر _ الحندرة _ فتح العين بقوة والقصد ان عذوق الحب ( حب الذرة ) تتفتح في فصل الشتاء بسبب وفرة المياة حتى يخيل لمن يراها أنها محندرة .


( الرد _ من ملاسي )

والله لتشكي النّدم والبرد ياضامن
لولا الضمانه يكن ماضاعت الجبة
لكن هذا جزا من عاد يتجمّل
صٌفَّه قبيحه تداوس لا طلبناها { 1 }
بـعــد الجمــيلة تقــل لي ياشتيــح أُنـــْدر

معاني الكلمات :

( 1 ) صُفّة _ ( بضم الصاد وتشديد الفاء ) أي الجيل الذي كان على قيد الحياة آنذاك ، والضامن هو الكفيل .

رحم الله ملاسي ودغسان ورحم تلك الأرملة التي أخّرت ابنا بارا بها وبأبناء قريته وبالقرية نفسها فقد عاش مع والدته تلك الظروف الصعبة لكنهما أي ( الوالدة والظروف ) خلقا منه رجلا مكافحا خلوقا محبوبا حفر الصخر بيديه وتعلم في وقت لم يكن فيه التعليم متيسرا وتسنّم بعد ذلك مركزا هاماً في الدولة لم يصل إليه على حد علمي أحد من أبناء قريته حتى الآن وهو المثل الأعلى لكاتب هذه السطور، أسأل الله له دوام الصحة والعافية وأن يجازيه عن والدته خير الجزاء فقد عوضها عن كل لحظة حرمان وامتد خيره بعد ذلك ليشمل البعيد قبل القريب .

عبدالحميد بن حسن 07-18-2009 12:24 AM

وفقت كثيرا يا ابا عبد الله في العرض والشرح والتوضيح بل والتنسيق فجعلت القارئ لا يستطيع صرف عينيه عن الموضوع ناهيك عن انتقاله إلى صفحة اخرى ، واعجبني ايضا انتقالك من موضوع إلى موضوع آخر لالتقاط دليل او مثل يوضح صورة في الموضوع الأول ثم تعود بحرفية ادبية كبيرة تزيد من اشتياق القارئ للنتيجة ثم تخرج ثانية وتعود وهذا الاسلوب يبعد الملل عن القارئ فكأنه يتنقل بين حدائق ذات بهجة لا يرغب الخروج منها كما انك تطرقت للوضع الاقتصادي في ذلك الزمن الاغبر واسبابه ومعاناة الناس منه واشرت في ثنايا حديثك إلى ما يتمتع به رجل ذلك العصر من الكرم والوفاء ومساعدة الآخرين رغم حاجته هو للمساعدة والعون... زادك الله من فضله وجزاك الله خيرا على ما قدمت للشاعر الحكيم محمد ملاسي وهو يستحق منك هذا الجهد بارك الله فيك وكثر من امثالك .

علي ابوعلامه 07-18-2009 02:04 AM


ليس لي تعليق أبا عبدالله الا أنني قرأت هذه القصائد أكثر من مرة ولكني قرأتها معك بشكل مختلف وكأنني في حديقة غناء أتنقل بين جمال الأسلوب ما بين نقد وتحليل ووصف وشرح للمفردات في عرض شيق وجميل ... زادك الله علم على علم ورفع شأنك وجزاك الله خير ...

محمد عجير 07-26-2009 06:11 AM



تنويه


مساء يوم السبت الموافق 3ـ4/8/1430هـ قابلت عمي الفاضل مسفر بن عطية أبوعالي في مدينة جدة في معرض جهدي لتوثيق ديوان الشاعر محمد ملاسي رحمه الله فعرضت عليه جزءا مما اوردته فيه فصحح لي جزاه الله خيرا خطأً وجده في الجزء الذي إطلع عليه، ومن باب الأمانة ورد الفضل لأهله ورغبة مني في حفظ تراث الشاعر نقيا من التشويه فإني أورد ملاحظة العم مسفر كما هي مرددا قول الله تعالي ( وفوق كل ذي علم عليم ) :


في البيت الثالث من رد الشاعر على قصيدة ( الغبن ) ـ في شارع المدّعى لا مر ضي ماغبن ـ أوردت البيت كما وصلني :

ياكل محزون ما صيرت حزن الصدر

والصحيح حسب رواية العم مسفر ـ وكل محزون يبقى سد حُزْنََه صَدَرْ

ومعنى البيت على هذا يكون كما ذكر العم أيضا أن كل حزين صَدَرَهُ حُزْنُه عن الناس أي صدّه وابعده عنهم فبقى محبوسا خلف اسوار حزنه قابعا في ثنايا همه وغمه بعيدا عن مخالطة الآخرين ومشاركتهم افراحهم ومثاله ( كمن غيب الموت عزيزا لديه ) وخاصة في ألايام الأولى من فقدان ذلك العزيز، أ.هـ

ولهذا فإني أجزم أن صحة البيت هو ما أورده العم مسفر لأن الشاعر لايمكن أن يبدأ بكلمة ( يا كلَّ ) في البيت الثالث ويبدأ البيت الذي يليه مباشرة ب( ياكم ) كما أن ذلك يدعونا لمراجعة مايقابل هذا البيت في البدع وهو ـ درجت في الأرض ماشي مثل حزن الصدر ـ ليتضح لنا أنه لايستقيم إلا كما يلي :

درجت في الأرض ماشي مثل حُزْنَة صُدُر

وهو ما يوافق إسم القرية ( حزنة ) وصُدُرُها الذي عرف ب( صُدُرِ حزنة ) ويتماشى أيضا مع ما جاء في الرد .

جزى الله أبا سعيد عني خير الجزاء فله يعود الفضل بعد الله في فهمي لكثير من مفردات تراثنا الشعري وخصوصا ما جاء في موروث والدي العزيز علي دغسان رحمه الله وهو الذي الجأ إليه كثيرا عندما تشتد بي كربات تفسير بعض أقوال شعراء المنطقة الجنوبية من المملكة فله الشكر وعظيم الإمتنان .

البدع

يقــل محــمد ملاسـي من رضي ما غبن
لا تعــذلون العــرب كــلاً برشـــده يعيـش
درجت في الأرض ماشي مثل حـزنه صدر
تطـــلـع فــواكـه و فـيـدتـها لغـيـر أهلـــها


الرد

فـي شــارع المـدعــى لامـرّ ضي ما غبن
يعـيونه الحضر واللي فالبر أشده يعي ايش
و كـل محـزون يبقى سد حــزنه صَـَدرْ
يـا كـم قـلـوبـاً عـيال إبليس غـيـره لـهــا

أبوناهل 07-27-2009 03:25 AM

بارك الله فيك ياأباعبدالله فحرصك على دقة الرواية
والتوثيق السليم يحسب لك وجزا الله العم مسفرأبوعالي
خير الجزاء فهو دقيق فيما يروي ولايذكر شيء إلا إذا
كان يعرفه جيداً ومن دقته حفظه الله يقول ( هاذي برواية فلان)
يعلم الله كم تعلمت من أباسعيد وكم احب هذه الشخصية ..

محمد عجير 07-28-2009 10:46 AM



منين لي كل جمال(ن) ملاسي معه



قصة هذه القصيدة تظهر مدى ما كان يكابده الشاعر ومعاصروه من صعاب في سبيل الحصول على القرش فضلا عن الريال وتوضح حجم المعاناة التي كانوا يحتملونها لتوفير لقمة العيش فضلا عن تحقيق الحد الأدنى من متطلبات الحياة الأخرى كالمسكن والمركب والزوجة وما في حكمها وقد أشرنا فيما سبق إلى أن ملاسي شأنه شأن معظم من كان يتردد على مكة من آهالي وادي العلي وغيرهم من أهالي الجنوب لم يكن يتقن حرفة يدوية يتكسب منها سوى نقل البضائع من المستودعات أو ما يسمى ( بالمغالق ) إلى المتاجر أو من الأمكنة التي يضع فيها الجمّالة حمولة جمالهم إلى مستودعات التجار، وبالمناسبة فإن الجمال كانت هي الوسيلة الوحيدة لنقل البضائع من ميناء جدة إلى مكة المكرمة وإلى سوق المدعى بالذات بصفته السوق الوحيد تقريبا في مكة في ذلك الوقت ولذا فإنه ( أي المدعى ) كان مقر تمركز الحمالين وما أكثرهم فقلما تجد بيتا في قرى الجنوب لم يمتهن أحد أفراده التحميل في سوق المدعى أو ( الجُواد ) لدى المطوفين وأبنائهم اثناء موسم الحج لخدمة الحجاج ونصب الخيام وهو ما يطلق عليه ( بالطلعة ) نسبة إلى الطلوع إلى المشاعر .

لم يكن يسمح لأصحاب الجمال بالدخول إلى المدعى لإنزال حمولة جمالهم إلا بعد أن يقفل السوق أبوابه أمام المتبضعين وذلك منتصف الليل أو دونه بقليل وله شاهد في عصرنا الحاضر وهو عدم السماح لسيارات النقل أوقات الذروة بالدخول إلى الأماكن المزدحمة داخل المدن.

كان لدى كل تاجر من كبار التجار في ذلك الوقت عمالته الخاصة به والتي يستخدمها في تنزيل وتحميل بضائعه ولها رئيس يقال له ( مقدم ) ومنهم تاجر التمور ( الصنيع ) الذي سيرد ذكره وذكر المسؤل عن عمالته ( بن عمر) في قصيدة ملاسي وبما أن لكل تاجر كما قلنا عمالته الخاصة فإن معظم أولئك التجار لم يكن في حاجة للاستعانة بعمالة أجنبية إلا فيما ندر وهذا ما جعل سوق ملاسي وسوق أكثر الحمالين في المدعى في كساد إذ قد يمر على بعضهم بضعة أيام دون أن يحتاج لخدماته أحد ، فمن أين له حق أكله وشربه ؟ وكيف له توفير ما يستأجر به سريرا ينام عليه في أحد المقاهي القريبة من المدعى ومنها ( قهوة الكندرة ) ؟ وكيف له أن يشتري ملابسه وحذائه وبقية متطلباته ؟ ثم من أين له بعد ذلك أن يوفر مصروفا لأهله الذين تغرب عنهم وتركهم ينتظرون ما يبعث به إليهم أو يعود به بعد سفر قد يمتد لعدة شهور ؟!


رئيس العمال أو ( المقدم ) كان يتقاضى قرشين تسمى ( بِرَازة ـ من التبريز والفرز ) عن كل طرد يشرف على إخراجه من مغلق التاجر أو متجره وتسليمه للزبون فكم ياترى كان يتقاضى العامل الذي يحمل الطرد ؟! لاأعتقد أنه يتجاوز ما يحصل عليه المقدم بأي حال من الأحوال .



في ظل هذه الظروف كان محمد ملاسي يقضي عدة أيام لا يجد فيها من يطلبه أو يحتاج لخدماته فهل يمد يده يستجدي الناس فإما أن يعطى وإما أن يمنع ؟!
لم يكن ملاسي ليفعل ذلك ولم تكن أخلاقه لتسمح له بمجرد التفكير فيه ! إذا فهل له أن يسرق ليسد رمقه ثم يعلن التوبة بعد ذلك ؟!
هذه أكبر من الأولى وما كان لأقل منه تديُّنا وشهرة أن يلجأ لمثل ذلك فما هو المخرج ياترى ؟


لم يكن لملاسي إلا الحيلة ولا أرى إلا أنه كان محقا فيما فعل، فكيف فعل ؟!


جاءت قافلة بضائع من جدة آخر الليل لتاجر من تجار المدعى فلما وصلت منتهاها لم تجد في ذلك الشارع سوى محمد ملاسي فسأله قائدها بصفته غريبا عن المنطقة عن مغلق ذلك التاجر لإنزال الحمولة أمامه فأشار له ملاسي إلى مغلق تاجر آخر وذلك لكي يضطر صاحب البضاعة لإستئجار من ينقل الحمولة في الصباح الباكر إلى حيث مغلقه قبل أن تقوم البلدية بتغريمه، وهذا يعني أنه لا مفر للتاجر من الاستعانة بحمالين آخرين غير العاملين لديه في سباق مع الزمن لنقل البضاعة قبل حضور موظفي البلدية وحينئذ سيجد ملاسي فرصة عمل تكفيه مؤنة ذلك اليوم .


هذا كلما في الأمر وسواء أكان ملاسي محقا أو لم يكن محقا فيما فعل وسواء أكرر ذلك أم لم يكرره فليس هذا موضوع نقاشنا , موضوعنا يتلخص في أن الخبر وصل إلى دغسان فلم يدعه ليذهب ولم يكن ملاسي في شجاعتة التي عرف بها ليتجنب صراحة القول أو الإبتعاد بالرد عن الهدف الذي من أجله أنشئ البدع فهو أعمق فهما ممن يعذله على التصريح ويحثه على التعريض حتى قال ذات مرة لناصح يعد نفسه أمينا
( يا ولد أنا شاعر وأفهم ماذا يطلبه مني الشاعر الآخر وأعرف ماذا أقول )

وصل الخبر كما قلنا إلى دغسان فمهّد لملاسي ببدع خلد من خلاله فصول تلك الحادثة فماذا قال :

بعض العرب لو تحطه شار علم ادعا
ولوتحطه على كرسي ملك اندره
لو كان يعرف يكن على الحق يابا بقي
لكن ما يعرف المعروف هو والصنيع
يجهر بسده على روس الملا سيمعه


يقول من الناس من يحمل لؤما قد تبلغ به درجته إلى أن يداعيك في المال أو الشئ الذي طلبت منه وضعه أمام عينيه وحراسته لك مدعيا أنه صاحبه، ومن شدة مكره أنك لو أجلسته على كرسي مسؤول لأبعده عن كرسيه وادعى أنه له وأن المنصب منصبه حتى وإن كان ذلك الكرسي لملك من الملوك، وفي معرض لومه لذلك الشخص يقول دغسان لو أنه يعرف الحق يا أبي لبقي عليه ولم يحد عنه لكنه لايعرف معروفا ولا يشكر صنيعا والدليل أنه لايحتفظ بسرّه بل يجاهر به على رؤوس الخلائق ويسمعهم إياه وهو ممن ينطبق بحقه قول الشاعر :

إذا المرء افشى سرّه بلسانه * * * ولام عليه غيره فهو احمق


وفي الرد يقول محمد ملاسي :


امسى ملاسي يساهر شارع المدعى
والرزق ماقد ظهر من قهوة الكندره
ولا معي فايدة لا عزَّل البابقي
ولا معي مصلحة من بن عمر والصنيع
منين لي كل جمَّال(ن) ملاسي معه


قضى ملاسي ليله ساهرا ينتظر الرزق ويبحث عنه في شارع المدعى فهو على يقين أن من يقضي ليله في قهوة الكندرة يدخن الشيشة ويلعب الضومنة ثم ينام وقت توزيع الأرزاق ( بعد صلاة الفجر ) لن يأتيه الرزق فقد روى الإمام الترمذي بإسناده عن صخر الغامدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم بارك لأمتي في بكورها )، قال وكان إذا بعث – أي النبي صلى الله عليه وسلم – سريةً – أي طائفة من الجيش - أو جيشاً بعثهم أول النهار، وكان صخر رجلاً تاجراً وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار فأثرى وكثر ماله، قال الإمام الترمذي: - حديث صخر الغامدى حديث حسن. ولا نعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. سنن الترمذي 3/517.

ويضيف ملاسي قوله : ستنقطع فائدتي إذا عزّل البابقي أو أفلس وهو أحد تجار المدعى ، أما تاجر التمور ( الصنيع ) وهو من القصيم ومقدمه أو رئيس عُمّاله ( بن عمر ) وهو بالمناسبة من قرية ( عراء ) فليس لي عندهما مصلحة لأن تحميل التمور يحتاج إلى متخصصين يجيدون التعامل مع أوعيته التي توسخ خياش العمال بالرّب وهو السائل اسفل وعاء التمر،والصنيع عنده من أولئك ما يكفيه . وفي آخر بيت يقول ملاسي من أين لى مع كل جمّال يقدم إلى المدعى بمثل ملاسي يدلُّه على مستودع غير الذي يسأل عنه لنسترزق من ورائه ؟!!!!! .
.

أحمد بن فيصل 07-28-2009 03:43 PM

كنت أود الاستمتاع بالقراءة دون أن أفسد على القارئ بهكذا مداخلة
لكن المجهود الذي بذل في إخراج هذه القصائد والشرح الجميل الممتع
يجبرني على أن أقول شكرا أباعبدالله على الملأ كما قلتها مستمتعا وكما قلتها صامتا
إن كتابة الديوان بهذه الصورة أوقد في داخلي الرغبة بقراءة الموروث بصورة أخرى
فعلا أنت بهذه الطريقة تكتب التاريخ ولا أقول تعيد كتابته

واصل أبا عبدالله فنحن جد مشتاقون

أبوناهل 07-30-2009 01:59 AM

ها أنت تؤكد يا أبا عبدالله أن المفردات لايتم وضعها
إعتباطاً فلكل كلمة هدف ومغزى ..
كثيرون يسمعون (منين لي كل جمال ن ملاسي معه)
ولايعرفون القصة فلك الشكرعلى هذا الجهد المميز
ومااعجبني أيضاً أنك اكدت مقولة ملاسي الشهيرة
(أن الشاعرمايصيف عن القارعه ) رحم الله الشاعرين
الكبيرين دغسان وملاسي وجزاك الله خيراً .

أحمد بن قسقس 07-30-2009 03:49 PM

أخي الحبيب
 
أخي الحبيب محمد عجير :
في كلّ مرّةٍ تُضيفُ إلى معرفتي معرفة ، وإلى معلوماتي معلومة ، وإلى متعتي ذوقيّة ، فكم من لفتةٍ جميلةٍ أفدتُها من خلال استشهادك بأية كريمةٍ أو حديث شريف أو مثل قديم . أو من خلال وصفك لمشهدٍ أو حدثٍ أو مكانٍ أو زمن .
أخي العزيز : ما زلتُ متابعا لما تكتبُ ، مستمتعا بما أقرأُ ، متلهفا لما سيأتي .


الساعة الآن 05:41 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir