ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   ساحة الأسرة (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   نزع الحياء.. ما وراء انتزاع الحجاب (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=11169)

tarafen 07-31-2010 06:18 PM

نزع الحياء.. ما وراء انتزاع الحجاب
 

بسم الله الرحمن الرحيم
"وقيل الحمد لله رب العالمين"

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

هذه رسالة طويلة نوعاً, وأعرف أن طولها قد يمنع من متابعتها بالقراءة حتى الختام, ومع ذلك فقد نزلت على نصح بعض أهل الفضل في أن وضعها أرجى من حجبها, عسى أن يستروح في ظلالها عابر منقب, فها هي مقسمة على حلقات, نسأل الله قبولها, ونحمده على ما كان من خير فيها ونستغفره مما كان فيها من زلل أوقصور.

-------------
وقفات محوريه:

نزع الحياء.. الحقيقة الخفية وراء انتزاع الحجاب
1- لم لا نسمي الأشياء بمسمياتها ؟
2- حين يكون نهج الله فلا نهج دونه
3- انتكاس فطرة الأمم عبر التاريخ
4- تأثير الزي والمظهر العام على شخصية الإنسان
5- أبجديات مفقودة
*الإسلام منهاج حياة متكامل
*روح التشريع في أحكام الحجاب
6- أدب الحجاب
*الحياء من الله تعالى
* القول المعروف بتستر وحياء وجدية ووضوح بقدر الحاجة
*غض البصر
* حين تختان النفوس لتحتال فترسل إشارات مشفرة لتدلل على زينتها الخفية
* ألا تبرز النساء للرجال دون حاجة
* قرار النساء في بيوتهن
* ماالذي يريده دعاة العلمنة المنحوسة من نسائنا
* هل هذه صورة الأمة الوسطى؟
* "لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا"
7- الانترنت ..ونوع جديد من التبرج من وراء حجاب!
* ردود منفلتة
8- المحجبات يدارين سوء خلقهن بحجابهن!
9- الحجاب حجر عثرة في السد ليس إلا, ويطّرد من بعده القياس
*الداعين للحجاب يصورون المسلمين كوحوش وذئاب مفترسة !
* هل يتوجب علينا الرد عليهم؟
* بعض الناس لا يمكنه التفريق بين الأحجار الكريمة وبين صخور الطين..
* قراءة الواقع أولى من التنظير
* من الذي لا تخفى في كل ءاثاره دلالات سوء الطوية؟!


---------


نزع الحياء..


أولئك الذين يريدون للمرأة المسلمة أن تنزع عنها حجابها وتنزل عن هيبة وقارها إنما يريدون في أصل الأمر أن ينزعوا عنها حياءها لا حجابها.. وهم لا يجتهدون كثيرا في إخفاء هذا الهدف الصريح والمباشر بل يبدو واضحا جلياً في جدول أعمالهم وزلل ألسنتهم, ويأبى الله إلا أن يخرج أضغانهم في لحون أقوالهم...

(1)


في البداية, لم لا نسمي الأشياء بمسمياتها ؟

في وسط كل هذا السواد المتغلغل فيما يحيط بنا تتبقى لدي أمنية وحيدة, فقط بأن نسمي الأشياء بمسمياتها الأصلية, وهي أمنية تبدو صغيرة في العيون العابرة لكنها والله أعلم هي الخطوة الأولى والأكبر على طريق الاستقامة, " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ " النجم 23, وما كيد الكائدين من بدء الخليقة على هذا الإنسان الضعيف المسكين لتزل قدمه من بعد ثبوتها إلا في تسمية الأشياء بغير مسمياتها ليستدرجه الزلل والانزلاق فيها دون وعي وبصيرة وحتى يعرى فيها عن كل حيلة, فالنفس بفطرتها الأولى التي فطرها الله عليها تأنف من كل شينٍ رديٍّ وتعاف كل إثم وخطأ وقبح وسوء خلق ودناية, أما حين تزيّن الأسماء سوأة الأفعال فلا تبدو في بشاعتها الظاهرة وتتسلل لها دون أن تصطدم بميزان الفطرة الأول, فتمرر وتمرّ, وتجرّ في مسلكها كل قبيح, هو كيد الشيطان بالتقزيح... والتقزيح, في أصل اللغة, من "قزح" وهو تزيين القبيح وتجميل الشنيع في العيون فلا تراه منكرا أو بغيضاً.
" قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ " الحجر39,
" فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " الأنعام 43,
" وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ" الأنعام 137,
" وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ " النمل 24,
" وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ ۖ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ " العنكبوت 38,
" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا " فاطر 8,
" وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ "فصلت 25.

وسبحان من علّم ءادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة, ولماذا كان أول عهد ءادم عليه السلام أن يُعَلَّم, ولماذا كانت الأسماء هي العلم, هذه لفتات قرءانية مضيئة كمشكاة على دروب القلب ليفقه, فلنضع كل أمر في نصابه ونسمي كل شيء باسمه ونتوقف عن التمييع والتلاعب والتقزيح والتزويق والتدليس على الحق بكل باطل, ليس في التنكب عن صراط العزيز الحميد ونهجه ومحاداة أمره ونهيه ومحاربة دينه خير يرتجى لراج، ولا مسلك مأمون لسالك، ولا راحة من حيرة لسائل..
" وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) " البقرة

فحين نسمي الأشياء بمسمياتها يرجع التحرر والتقدم والتكشف والاختلاط المفتوح على مصراعي باب الفتن لمسماه الأول "الانحلال" و"الإنفلات" و"تبرج الجاهلية", والانتكاس لما قبل عهود رقي البشرية بالستر والتهذيب والتأديب والتخلق بالحياء والمروءة والأدب, وترجع دعوى الأدعياء بتحرير المرأة من قيد حجابها المزعوم, ترجع لمسماها الحقيقي "المناداة بنزع الحياء", ونحن هنا لا نقول نزع الحجاب بل نزع الحياء, لتعرف كل مسلمة أنهم يريدون نزع حياءها كله قبل أن تشرع في كشف جزء جديد من حجابها في كل مرة, ولأن النفوس قد حجبت عن النور وتغلغلت فيها الظلمات لم تعد تستنكر ذلك ولا تستحيي فيه شيئا..

فلا والله ما في العيش خير – ولا الدنيا إذا ذهب الحياء




يتبع إن شاء الله...



http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=210780

tarafen 07-31-2010 06:20 PM



(2)


حين يكون نهج الله فلا نهج دونه..

لم أكن أريد أن أخط في هذا الأمر وسط هذه الدوامات الإعلامية التي تثور زوابعها في وجوهنا من حين لحين , كنت أقول دوما فليعبثوا حيث شاءوا وليعيثوا ويرتعوا في ظلماتهم فكل عبد ربانيّ قيّم على محارمه يخشى الله فيهم يزدريهم ببصيرة قلبه ويرى ميل دعواهم, وكل أَمَةٍ ربانيّة لا ترتضي بشرع ربها وورضى مولاها بدلا, يدرك عقلها ويطمئن قلبها إلى مراد الله تعالى فلا تشقى بالبحث عن منهج تنتهجه, وراحتها في ذلك يقينها الذي لاتزعزعه الزوابع أنه حين يكون أمر الله فلا أمر معه, وحين يكون دين الله فلا حياد عنه, وحين يكون نهج الله فلا نهج دونه, من كان لديه منهج ءاخر يحسُن في عينيه ويرتضيه, فليتبعه هواه غير مأسوفا عليه, أما نحن فلا مأرب لنا فيه ولا حاجة لنا فيما يسره ويرضيه ...



فإذا كان الحجاب في أعينهم خيمة سوداء, فنحن نقول لهم إن هذه الخيمة السوداء قد فرضها الله تعالى علينا، فهي في قلوبنا أنوارا بيضاء، وفي طاعة ربنا راحة ضميرنا، وسكينة أرواحنا, فماذا عليكم منها..

ألا يوشك أحدهم يتزيا بكل سواد لو صادف موجة أزياء دون غضاضة ويتبع سنن مصممي الخلاعة لونا بلون وكما بكم وقميصا بقميص لا تتأباه نفسه ولو عافت العيون رسمه؟ لا ينكره ولا يستهجن منه شيئاً؟..

ألا يتزيا كل شعب بزيه الشعبي الذي يبرز انتمائه لتراثه واعتزازه بثقافة قومه فلا ترى من ينكر عليهم ذلك بل لعلهم يجلّون في العيون أصالته وعدم تشبهه بغيره وعدم إنسلاخه من جلده ليتميع كالحرباء بكل لون زائر دون أن تكون له هوية تميزه عمن حوله, هل هناك من يستنكر ذلك في أولئك جمعاً؟

فنحن شريعة ربنا وأمره الذي فرضه علينا وتلك الخيمة السوداء, هي أحب لنا وأسمى لدينا وأغلى وأعز علينا من اعتزاز أولئك بتراثهم المتوارث عن أجدادهم الذي جبلت عليه نفوسهم وتطبعت به عاداتهم...

وليس في امتثال أمر الله تعالى والرضا بمراده والتسليم لحكمته العلية وقبول حكمه, ليس في هذا الهدي العليّ الذي يعلو بالروح في معارج السماوات والنور, ويرجع بالنفس مطمئنة متوازنة راشدة مستبصرة, ليس فيه ما يمحو ملامح المسلمة أو يطمس شخصيتها المتفردة التي تعرف بوعي تام طريقها الذي تسلكه على بصيرة, وتدرك معنى وجودها وتدرك القيمة الحقيقية لحياتها وغاياتها العليا, وتتجلى أمام عينيها الرسالة الكبرى والعهد الأول الذي عليها أن تؤديه في هذه الحياة, لا تشغلها الضوضاء ولا ينال منها التخبط ولا تشوش عليها الغوغاء كي تنصرف عما أراده لها الله عز وجل لما يريده منها كل من تعس وذل...

فإذا كان الحجاب يطمس شخصية المرأة – بزعمهم – فأين هي شخصية المرأة – السلعة – التي نراها في كل لفتة طرف في طرقات مدننا المبتلاة, وعلى كل رف من أرفف المتاجر, بدءا من أغلفة منظفات الأرضيات إلى ملصقات الدعاية للعروض السينيمائية التي صار العري والابتذال عملتها الموحدة ولغتها المدبلجة... هذه دعوة صريحة لتجريد المرأة من إنسانيتها, لإستعمالها بصيغة استهلاكية رخيصة, أية امرأة حرّة شريفة واعية عاقلة تأبى أن تعرض بتلك الصيغة المهينة المبتذلة, لكن, رحم الله العباد ورفع عنا البلاء وعافانا من سبق الشقاء, تبلدت الأحاسيس وصدأ فهم الفاهمين وانتزع شرف الحياء, فلا حياء ولا إباء ولا مروءة.. بل انقلب الميزان, أي ورب السماوات والأرض, انقلب في ضمائرهم المنخورة العفنة ميزان الرشاد, صارت الدنايا فتونا, والرزايا فنونا, وصارت التافهات الفارغات المنطفئات نجمات براقات ترنو لهن الصبايا والبنات بعين الإنبهار والتقدير والمحاكاة والتقليد ودخلت خيتبتهن المضاعفة إلى ليل الأحلام وسراديب التمني فكل غرة صغيرة تخلى عنها قيّمها الراعي ولم يتعهدها بالتقويم والتهذيب والتأديب, كل غرة مغبونة تتمنى أن تدخل دائرة الضوء المزعوم ولا أحد يشرح لها أنهن فراش النار تهافت على هاوية الفجار..



قلت بأني ما أردت أن أخط في الأمر وسط عاصفة الرمل التي أرمدت العيون والأرواح , غير أني وجدت أن تلك الدعاوى الفاسدة المفسدة تستقطب معها غثاءا من سفهاء الناس كغثاء السيل فإذ بهم تنبت لهم أجنحة مقت وألسنة سوء يحومون بها على حمى الحرمات ويتصدر كل سفيه منهم ويستمرئ الكلام فيما لا يحق لمثله أن ينطق فيه فيرددون مبادئ أعداء الله في محاداة دين الله ويسخرون من ربات العفاف والحياء والطهر والصون والحجاب فيؤذونهن ويتطاولون عليهن كلما سنحت لهم فرصة لينهسوا من ركب النور نهسة, وقد حقت عليهم كلمة الله إن لم ينتهوا عما خاضوا فيه ويرجعوا ويتوبوا, فترى منهم كل سفيه لسن يتبجح بزخرف القول غرورا يستنكر حياء المؤمنات وتؤذيه عفتهن ويتطاول على تمسكهن بالحجاب وبأدب الحجاب , وكذلك أبداً , حين تسوّد القلوب وتعمى, وتنتكس النفوس وتشقى, يؤذيها الطهر وتستقبح جلاء النور , " إنهم أناس يتطهرون" !! فأي شيء من بناتنا ينقمون ؟ هل صدّقتم أنهم ينقمون حبسهن عن التحرر المزعوم ؟ كلا والله.. "وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد الذي له ملك السماوات والأض والله على كل شيء شهيد" ..







(3)


انتكاس فطرة الأمم عبر التاريخ..

والعابر عبر بوابات التاريخ المشرعة لمن كان له قلب فقيه متأمل يرى ويدرك أن حياء الأمم إنما يستلب إستلاباً, وكل حجر صغير يسقط من السدّ يترك مكانه ثغرة تتبعها أخرى, فيوشك أن ينهار السد, ولاشيء ليوقف مدّ السيل بعد ذلك, بل تتغير النفوس وتنطمس الفطرة النقية، وترجع القلوب سوداء كالكوز المجخي المنكوس لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا ولا تقر حقا..


في ستينيات القرن التاسع عشر مَثُلَ الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير أمام المحكمة بتهمة الإساءة للأداب والأخلاق وللدين وخدش حياء المجتمع الفرنسي الذي لم يتقبل في حينها تلك الصورة المبتذلة عن المرأة التي قدمها في روايته "مدام بوفاري", وكان أن ابتلعت المحكمة طعم الدفاع الذي جعل منه كاتباً "شريفاً"! يشير إلى سوءات المجتمع ليصلحها وأديباً "رفيعاً"! يدافع عن الأدب والأخلاق... وبدأت المعول في هدم السد... وليخبرنا أحدكم أين هم الآن؟.. التقاط خبر عابر قد يترجم ما يعيه الناظر, في تقريرها السنوي للأدب تعد مجلة "لير" الفرنسية لائحة بأفضل 20 كتابا للسنة المنصرمة, وأحد المجالات التي يتم اختيار أفضل كتاب فيها, مجال الأدب الإباحي, في عام 2007 مثلا, تم اختيار "مذكرات امرأة زانية" للأميركي كورت لويان كأفضل كتاب في الأدب الإباحي، حول قصة امرأة عازفة كمان تعيش الخيانات في منظور مختلف... عفوا منكم, لكنه الواقع المر..

وفي حادثة مماثلة مثُلت أول سباحة استعراضية أمام المحكمة لأن عروضها تضمنت نزول البحر بزي فاضح لم يتقبله المحتمع الإنجليزي المحافظ وقتها, وظلت تحتال ونافخي أبواق الفتنة من ورائها حتى اخترعت زياً جديدا يغطي الجسم كله شبيها ببدلات الغطس فسمحت لها هيئة المحلفين الظهور به في عروضها, وتدحرجت أحجار السد بعد ذلك فلم يتبق على عاتق الكواعب على شواطئ اليوم شال ولا إزار..

علينا أن نتذكر ذلك جيدا ونستبصر ونحن نقرأ حاضرنا الصاخب كصداع الرأس والموجع كشوكة في القلب , من أيام نشرت صحفية "البنطال" السودانية التي جعلتها وكالات الأنباء الغربية بطلة في ركب الدفاع عن الحرية, نشرت كتابا!! تحكي فيه تجربتها الرائدة في تحدي "الرأي العام" وتحدي"تطرف ورجعية الشعب وتعصب القاضي" وتحدي "الأعراف البالية السائدة" التي جرمت ظهورها بالبنطال, قضية نضال مؤثر ومبشر بما لا تحمد عقباه, أبطال التحرر النكد الزائف الملعون.. يحادون شرع الله! ويتحدون بوجوه صفيقة ما بقي لدى بناتنا من حياء, فلأين يسيرون, وإلى أين يريدون أن يصلوا كي يضلّوا..



لم يعد التعري والابتذال والخنا شيئاً تنكره النفوس إجمالا, بل تبدل الجدل القائم لا ليناقش حرمة الخنا أو حلّه, بل تحول إلى المطالبة بحقوق الشواذ في الزواج بمباركة الكنيسة وإقرار حرمة الميثاق والعشرة والميراث!!, ولم يعد الجدل في قبح السفاح بل في حق النساء المسافحات في إجهاض ما خلق الله في أرحامهن ليستمتعن بحياتهن كالأنعام ويتحررن من مسؤولية الولد, ولو جاء الأبناء, فهم أبناء "خارج إطار الزواج" وليس "أبناء سفاح" ! أرأيتمم كم هي أسماء حضارية مزوقة ومستساغة لا تمجها الأنفس!..

وتصبح هذه هي الإشكاليات والخلافيات الأخلاقية التي تتصدر أجندة أعمال مرشحي الرئاسة في أمريكا ودول الغرب المتدحرج - بخطوة واسعة للوراء-, انظر على سبيل المثال كتاب جيمي كارتر "قيمنا المعرضة للخطر", الرؤية الكلية لتلك القيم,التي ينافح لحفظها أصحاب الأخلاق الباقين وسط الغوغاء, لم تعد تمت للنقاء والطهر والعفة وللشرف البشري الأصيل بصلة... لم تعد الحضارة المزعومة تفتش عن ورقة توت تواري بها سيئتها وسوءها...

وتسير مواكب العراة فيما يدعى "بأنصار الطبيعة", وفي إسرائيل تخرج مسيرة أخرى على رأسها رئيس وزراءها في تأبين أحد الشواذ الذي قتل -غيلة- على يد بعض المتشددين ليرفعوا جميعا شعار "نستمر بفخر"! فخر بماذا؟ عفا الله عنا, ويقولون "من حق كل إنسان أن يكون مختلفا" !! المسألة مسألة إختلاف الآن؟ لم يعد لدى تلك القطعان البهماء حاسة تستشعر القرف من التلطخ بالقذارات وروح تتطلع عيونها لنور الطهر.. مات فيهم الحس, ونحن في الطريق لذلك – إلا برحمة من العزيز الحكيم العليم الحليم – ولو دخلوا جحر ضب, لدخلتموه..



يتبع إن شاء الله..

tarafen 07-31-2010 06:23 PM

(4)



تأثير الزي والمظهر العام على شخصية الإنسان

هؤلاء قد احترقوا ولايزالون يحترقون من نار الفتن التي أذكوها, وحين يفيق فيهم عاقل تجده ينادي بشيء من احتشام وتريث قبل التمادي في هذا العهر المكشوف, الآباء يعلنون ذلك أكثر من غيرهم, وهم يرون بناتهم تشوههن حياة الانفلات المفتوح وتسلبهن كل القيم الجميلة ليتسلى بهن العابرون ثم يمضون لامبالين, وهناك تسمع من ينظم حملات لتغيير تلك الثقافة السائدة بدءا من ملابس الدمى والعرائس الغير محتشمة إلى أزياء الصغيرات القصيرة والعارية... نقلا عن أمريكا إن أرابيك:

"أشار خبراء في التربية وعلم النفس إلى أن طريقة ارتداء الفتيات في سن الطفولة يمكن أن يكون لها عواقب ضارة عليهن في المستقبل.‏

وقالت شبكة (ايه بي سي نيوز) الأميركية إن البعض يرى أن الفتيات الصغيرات السن في أميركا يتجهن بشكل كبير الآن نحو ارتداء ملابس عارية, وأن قدوتهن في ذلك الشخصيات الكرتونية وعرائس الأطفال مثل باربي وبوسيكات وبرانز دولز.?!!‏

وألفت الأم الأميركية سيريبا يفينبان كتاباً لمعالجة قضية موضة الملابس القصيرة الخاصة بالفتيات الصغيرات السن -الكتاب بعنوان (أوقفوا إلباس بنات ست سنوات مثل الراقصة).‏

وقالت: الأمهات يشترين (الملابس القصيرة) والآباء يشترون, وربما عند بعض المستويات يفكر الآباء قائلين (ياله من جميل) هذا غير مضر, هذا بريء لكنني اعتقد أنه ليس كذلك.‏

كما حذر عالم النفس الأميركي الدكتور جيف جاردير من أن طريقة الارتداء وهن في سن الثالثة يمكن أن تكون لها عواقب خطيرة فيما بعد: إنك يمكن أن تتسبب في ضرر حقيقي لطفلك, فهم يشكلون أذواقهم في سن صغيرة للغاية, ويمكن أن يتسببوا في الاضرار بمستقبلهم, ويمكن أن يضروا بسمعتهم ونجاحهم وفرصهم".


هذه رؤية عاقلة, تؤكد على تأثير الزي والمظهر العام على شخصية الإنسان, فمن نشأ على الاحتشام والتأدب تجده ينحو ذات المنحى في حياته من احترام الكلمة والعهد واحترام قيمة العمل وقيمة الإنسان وتحمل المسؤولية والتزام جانب الصدق والنبل والتنزه عن نقائص الانفلات والترفع عن حياة العربدة..

بدأوا يدركون متأخرا أن الإنحلال لا يصنع بشرا ناجحين, لايغذي قيم الصلاح والنبل والاستقامة, وأن إنسانا بلا خلق هو إنسان بلا قيمة, ليس لديه ما يدعوك لتقديره واحترامه, ولازال الجميع يدور في رحى النزاع النفسي والفطري للإنسانية القويمة في مواجهة ثقافة إمتاع الذات بالتفلت الذي يورث جلد الضمير المر..

الأمثلة لا حصر لها , والواقع صفحة مفتوحة فيها عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, فقط علينا أن لا ننظر للحظة الراهنة دون أن نفهم ونرى ما وراءها وأين هي في سياق التاريخ والمستقبل, وأن ندرك أن كل خطوة هي جزء من طريق, وكل طريق يلزمه أن يلتزم بمسار ما, فإما أن يكون سبيل الخير والحق والطهر والنور, وإما أن يكون أي شيء غير ذلك, وكل سبيل غير ذلك هو شتات وتيه وضلال ومعاناة وعتمة وعفونة .

طغى الماء من بحر ابتداع على الورى *** فلم ينج منه مركب و ركاب
نسائل من دار الأراضي سياحة ***عسى بلدة فيها هدى و صواب
فيخبر كل عن قبائح ما رأى*** و ليس لأهليها يكون متاب
لأنهم عدوا قبائح فعلهم *** محاسن يرجى عندهن ثواب..


يتبع إن شاء الله...

tarafen 07-31-2010 06:25 PM

(5)



أبجديات مفقودة

بقيت كلمات لابد أن تقال أو يشار إليها ولو إشارة عابرة, لكن لا غنى عنها, ومع أنها من البدهيات والمسلمات الأولى, غير أنك تفجع حقا حين ترى هذه المسلمات الأولى, والتي هي كالأبجدية مفروغ منها, تجدها غائبة مفقودة, وغيابها وفقدها يجعل كل الكلام بعدها بلبلة بلا معنى.

* فمن تلك الأبجديات الأولى أن الإسلام والقرءان دين وشريعة ومنهاج حياة متكامل , وأن الله تعالى الذي خلق البشر وذرأهم في الأرض هو وحده العزيز الحكيم الجليل الباقي الذي يرد إليه الأمر كله, والحكم كله, فهو سبحانه صاحب التشريع, ولا يتصور في العقل أن خالقا عظيما كاملا, متفردا بالخلق والإيجاد, والعزة والعلو, يترك خلقه هملا لا يشرع لهم ويبين لهم ما يتقون , ومن الانتكاس المزري حقا أن تتنكب جموع البشرية المستكبرة في الأرض بغير الحق إلى علمانية مبتدعة, تترك فيها كل ما أتاها من ربها الذي أوجدها ظهريا وتنبري لتشرع وتخطط, وتحذف وتوقِّع, بسفاهة أشبه بالجنون... ثم تأتي أمة الرسالة الوسطى لتتنكب في الأرض كل متنكب وتنتكس خلف كل منتكس, وتترك ما كتبه الله عليها, وتتخلى عن شرفها الذي شرفها الله تعالى به, خابت الهمم وخارت العزائم وتعست العقول ..
وليس في الإمكان قبول بعض من دين الله تعالى وترك بعض, ادخلوا في السلم كافّة, بل الاستسلام الكامل هو الشرط الأول في تحقيق شهادة الاسلام , فمن استبدل من دين الله شيئا فقد استبدل الكفر بالإيمان..



* ومن تلك الأبجديات التي تضيع وسط النقاش والجدل حول هل تكشف المرأة وجهها أو تستره فرضا أم ندبا أم درءا لفتنة, إحدى تلك البدهيات المفقودة هي روح التشريع في أحكام الحجاب, والتي يتم تهميشها في خضم الخلاف المضروب على ساحة المتكلمين, والذي يندس وسطه ويتسلل لاستغلاله فئة مجهولة الهوية تقدح ناره جدلاً وخلطاً وتدليساً على عباد الله, فتصبح نتيجة هذا التوهان هي نسيان روح الإسلام في مفهوم الحجاب..

والمنقب في كلام المختلفين فيه يحسب أن كشف الوجه وستره هو العقبة الوحيدة في توحيد الرؤى فيفترض أن من ستأخذ برأي الكشف ستكون ساترة لسائر بدنها عدا الوجه والكفين لكنها ملتزمة بنفس ضوابط الحجاب الشرعي: جلبابها واسع ساتر لايصف ولا يشف ولا يجتذب عين المتطلعين إليها, وحشمتها وحياؤها يقطعان تطاول الطامعين فيها. لكن الناظر في واقع أحوالنا وأحوال بناتنا ونسائنا ليأسف ويأسى مما وصلن إليه... وأهل الجدل لايلتفتون ولا يلقون نظرة إلى السفح ليروا أين وصل ببناتنا الحال ولو أبصرت قلوبهم لكفوا عن مزايدات الكلام ولالتفتوا لرأب الصدع في أصل البنيان.

فليس هناك خلاف في أي مذهب أن حجاب المسلمة الشرعي لابد أن يكون فضفاضا ساترا ليس بثوب شهرة وليس زينة بذاته ولا يسفر عن جسدها وصفاته , لكن المشاهَد أن السواد الأكبر من بناتنا بتن تتفنن في تزيين عباءاتهن بعناقيد الخرز وفصوص اللؤلؤ اللامعة والرسوم المطرزة, والعباءة ضيقة وشفافة لا تخفى من تحتها ملامح زينة ولا تصد عينا عن حصينة, لم تعد العباءة عباءة... هذا لمن لبسن العباءة, أما المصيبة التي عمت في أغلب أقطارنا فهي خلع العباءة بل خلع الخمار والجلباب, والنزول إلى طرقات المدائن بالتنورة الضيقة والبنطال المضغوط على الجسم وقد برزت الأرداف والخصور, والنهود والنحور, وانكشفت السواعد والسوق, وانحسر غطاء الرأس عن ناصية الشعر, فظهرت ناصيتها المصبوغة والمسرحة بعناية من يحسب لكل شيء حساب, وطاله الجزر من الخلف ليكشف عن أعناق تعرت مع كل هبة نسيم لاح, ثم تتالت العقود والسلاسل والأساور والخواتم والأصباغ والألوان من كل ماتستحليه العيون وتتوق إليه الأنفس, من الأصفر الكناري إلى الوردي المتواري إلى الأخضر القاني والأحمر الناري... فمن الذي يتحدث عن مشروعية كشف الوجه أو فرضية غطاءه في كل هذا الغياب... أين روح الحجاب من كل ما تشهده العين هنا أو هناك؟

أضحى يزخرفهن نوع ملابس *** في شكل عري فاضح فتان
وملابس أخرى تحدد جسمها *** في وصف تفصيل على الأبدان

ولعل أحدا لا يجهل أن الكثرة من بناتنا الصالحات لا يكدن يظفرن في كل أسواقنا المترامية الأطراف بغطاء أو جلباب يناسب حجابهن الشرعي فكل العباءات على الموضة وكل جلباب قد امتدت له أصابع "الفن الحديث" بالتطريز البراق والترقيع النشاز, مع فتحات وحركات تجعله لائقا بالمتبرزات المستعرضات, وكأنه لباس شهرة وتبرج لا لباس ستر واحتشام وعفة, وكل أغطية الرأس صفيقة متبهرجة الألوان مشذبة الحواف والأكناف.. حتى عباءاتنا وألبسة حجابنا يصممها لنا مصممون من إيطاليا وفرنسا وتغدق الصين بها على الأسواق دون تقصير أو إملاق.. فهل هناك سعة لنسأل أنفسنا كيف وصلنا لهذا وكيف عرفوا عنّا هذا؟ لو رفضناها لكسدت وبادت ولردت بضاعتهم إليهم, غير أنها... قد لاقت منا عيونا راضية وأيد متلقفة وأنفسا ضعيفة مهزومة وهمما خانعة فسادت وعم بها الفساد..

* لكن... لعل أصل الإلتباس أن كثيرا من الناس لم يعد للإسلام شيئا فيهم, إنهن لم يخلعن الحجاب, بل الدين, لم يعد لهذا الدين القويم حظ من أنفسهم, فما يغني عنهم لو توشحوا بكل حجاب, ولا يبدأ صلاحهم من ها هنا بل من حيث غاب عنهم الإيمان فيما غاب .. ولا يغني عنا لو استعادوا الحجاب ولم يستعيدوا نور الكتاب.. حين تيبس الأغصان لا يجديها ريها أي نفع مهما تعهدتها بالإصلاح, ليس إلا أن تتعهد جذورها الضاربة في الأرض فتصلحها وترويها حتى يمتد منها إخضرار الحياة رويدا رويدا لموات الفروع و الأغصان فتربو وتزهر.. كل محاولة في غير ذلك هي محض عبث لن يلبث أن تنثره الريح..



* انظرن هنا لكلام عائشة الصديقة ابنة الصديق خريجة مدرسة النبوة رضي الله عن أبيها وعنها , كيف تفهم الحجاب وتفهِّمه للمؤمنات بسلاسة وإحسان وشمول وفصل بيان, وقد دخل عليها نِسْوَة مِن بني تميم عليهن ثِيَاب رِقَاق , فَقَالَتْ عائشة : إِنْ كُنْتُنَّ مُؤْمِنَات فَلَيْسَ هَذَا بِلِبَاسِ الْمُؤْمِنَات , وَإِنْ كُنْتُنَّ غَيْر مُؤْمِنَات فَتَمَتَّعْنَهُ . وَأُدْخِلتْ اِمْرَأَة عَرُوس عَلَى عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا وَعَلَيْهَا خِمَار قُبْطِيّ مُعَصْفَر , فَلَمَّا رَأَتْهَا قَالَتْ : لَمْ تُؤْمِن بِسُورَةِ " النُّور " اِمْرَأَةٌ تَلْبَس هَذَا ...

فلله درك ياأم المؤمنين, أتسمع بناتنا هذا, إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات, وإن كنت غير مؤمنات فتمتعنه...

فأيكن تختار التمتع به؟ وتتركن إيمانكن, أو يترككن؟..

لم تؤمن بسورة النور إمرأة تلبس هذا...

فأيكن قد ءامنت بسورة النور قلباً؟..

و بـ النـُّـور اسْــتـَنِـيـْري إنْ أرَدتِ*** سَـوَاءَ صِـرَاطِ رَبـِّـكِ فـَـاسْــلـُـكِــيْـه ِ



* في دين الله تعالى, ليس ثمة سعة للمفاصلة, وليس في وسع أحد أن يبقى بين بين... من ءامن لزم ومن لم يؤمن فلا يزعم ذلك, ولا يسعين في نزع حياء بناتنا بإرجاف لكل فتنة بعد ذلك, ولا تتبعنه بناتنا ويفتتن بدعواه إن كن قد ءامنّ بما أنزل الله عزوجل على نبيه, عليه الصلاة والسلام..

في الحقيقة , إننا قد وصلنا إلى حال لا توصف, حال بئيسة مزرية, مريبة مخزية, وتقطعت في سطورنا أنفاس الكلمات, وقد انتشرت الفتن وعمّ التفلت وتلك حال تمنح الإمام حق إلزام الناس بما لا يلزم لسد هذا الباب الذي ءاذن الناس بالخراب.

فلنقرأ هنا في تفسير الإمام القرطبي عند ءاية الحجاب من سورة الأحزاب : وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ يَجِب السَّتْر وَالتَّقَنُّع الْآن فِي حَقّ الْجَمِيع مِنْ الْحَرَائِر وَالْإِمَاء . وَهَذَا كَمَا أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَعُوا النِّسَاء الْمَسَاجِد بَعْد وَفَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْله : ( لَا تَمْنَعُوا إِمَاء اللَّه مَسَاجِد اللَّه ) حَتَّى قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : لَوْ عَاشَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى وَقْتنَا هَذَا لَمَنَعَهُنَّ مِنْ الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد كَمَا مُنِعَتْ نِسَاء بَنِي إِسْرَائِيل .

رحم الله أم المؤمنين عائشة ورضي عنها, وهذا في وقت الرعيل الأول من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخير القرون طرا, "لو عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم لمنعهن من الخروج"... فكيف بزماننا .. والله إن تلك لآيات لمن كان له قلب منيب ليقف ويستعبر قبل أن يمر ويعبر سادرا في هوى العصر منفلت الزمام وراء كل ناعق بدعاية وكل مترصد لغواية..



يتبع إن شاء الله ..

tarafen 07-31-2010 06:27 PM

(6)



" أدب الحجاب "

أما ءاخر ما تبقى لي وأريده أن يقال, وهو أمر أهم ربما من كل ما سبق لأن فيه مفتاح القلوب النقية إن شاء الله, أنه قد غاب عنا فيما غاب عنا وقد عم بساحتنا البلاء, " أدب الحجاب ", هذا الأدب الذي لا يصح حجاب إلا به, وحين غاب عن قلوبنا وغابت عنها التقوى والمراقبة فيه تمزقت أغطية الحجاب غطاءا من بعد غطاء, وحتى لو بقيت الأغطية وغاب الأدب فلا خير يرجى فيه منا, وهو أدب لابد أن يتأدب به الرجال مع النساء, تماما كما تتأدب به النساء معهم, هذا الأدب الجميل والرائع الذي يجري فيه نهر الحياء فيرويه ويحيي القلب فيه ويبعث فيه الهدى والتقى والسناء..

* والحياء في حقيقته إنما هو الحياء من الله تعالى, وإن لم يكن الحياء من السميع البصير, الحيي الحليم, العالم بخائنة الأعين والخبير بما في الصدور, إن لم يكن الحياء من الله العزيز القريب الجميل فممن يكون؟..

*فمن أدب الحجاب أن يقرّ الحياء في القلب فيستحيي أن يتطلع لما كفّه الله عنه فيطلّع الله على خبيئته فيمقت ما بدر عنه وما دار فيه , فيعف القلب عما لا يرضاه مولاه منه, ولا أقرب من القرءان الكريم لقلوب المؤمنين, فهو عطاء غير ممنون, يهذبهم ويعلمهم, ويأخذ بأيديهم, ويؤدبهم ويربيهم ويهديهم, ولا أيسر من لزوم الصراط معه ولا أسلس من قياد النفس له إن أخبتت وأنابت, وهكذا يعلم القرءان المؤمنات هذا الأدب الكبير الجليل :
" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا" الأحزاب (32) ,
فلمّا يزل في الناس من يتشوف قلبه للفجور وإن لم يبده, فأنى وجد من الإناث دلا ودلالا ولينا في القول وتكسرا في الصوت انبرى لها بتشوفه لينال منها ما عرّضت له به, وتلك صورة لا تستوي في نفوس المؤمنين ولا تستقيم في قلوبهم فامتنع أن تميل لها فعالهم وأقوالهم, ولذلك كان الشرف والفضل في الآية الكريمة معلقا على التقوى , فمن يخش الله ويتقه يحول خوفه من الله وحياؤه منه سبحانه من الابتذال والترصد لضعف القلوب وهفواتها, وهذا حظ فطري في النفوس جبلت عليه الإناث من الأزل فهي تحب أن تبدو جميلة عذبة ويروق لها أن تروقها النفوس والأعين, والإسلام لا يتنكر لهذه الفطرة لكنها يطيبها لتطيب, وينقيها بالتقوى لتنقى وتزدد شرفا وفضلا, فيجعل لها مسلكا حلالا مباحا طيبا, مباركا بكلمة الله تعالى, لتكون كأجمل ما خلقت عليه مع زوجها وبين محارمها, ويحميها من التطلع لما وراء ذلك كي لاتؤذى وتشقى وكيلا تؤذي وتشغل غيرها عن المعروف. وهو لا يريدها أن تتكلف الجفاء والخشونة الفظة, بل يهديها لأن تقول قولا معروفا, والمعروف هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس.


* فالقول المعروف بتستر وحياء وجدية ووضوح بقدر الحاجة هو من أدب الحجاب..


* وكذلك, من أدب الحجاب غض البصر, وليست الأوامر مقصورة على النساء, بل على المؤمنين كافة ونقرأ في سورة النور :

" قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ"


" وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ..."الآية

فلا تحادث النساء الرجال ويحادث الرجال النساء وقد تعلقت عيونهم بعيونهن, وهذه صورة لا تكاد تمشي بين الناس إلا وتراها في كل قاعة درس وكل مضمار عمل أو زمالة وبكل سوق وطريق, وقد غاب عنهم سمت الشريعة, وقد نزع الحياء من وجوه نسائنا حتى ربات الخدور عفا الله عنهن برزن يجادلن هذا ويشارعن هذا دون ستر ولا غض لبصر ولارصانة في كلام, بل بتَّ ترى غاض البصر بينهم غريبا تستنكر العيون فعله ويخجل غيره من حذو حذوه, ولا عجب, فحين يتفشى التبسط والتكشف لا يعود المعروف عرفا..

* فمن أدب الحجاب غض البصر عن التطلع لغير حاجة مشروعة بالمعروف كغض الصوت عن الخطاب بدِّل وخضوع وميل إلا أن يكون خطابا لحاجة بستر ووقار ومعروف.



* ومن جديد لا يكفي أن يكون الظاهر مستورا وتتفلت النفوس بضعفها لتحتال في إبداء ما خفي وترسل إشارات مشفرة لتدلل بما بدر عما يخفى : "...وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ " .. وهنا يطرد القياس على كل ما يسعها ستره فتبديه لتشير به على ما خفي, كصوت حليها وأريج عطرها وما يظهر من متعلقاتها الخاصة, فسبحان الذي برأ النفوس وفطرها العليم بأمراضها الخفية العالم بها حين تختان لتحتال ربما دون وعي منها فلا يتركها هملا بل يصف لها دواء ضعفها ويهديها لسبيل رشدها حتى تستوي بيضاء مضيئة ككوكب دري باطنها كظاهرها لاخداع فيها ولا مراءاة وحتى تخلص وتتخلص من أدران النفوس وشواغلها فتلتفت لشرفها وخيرها , وعزتها وفلاحها, لكي تنصلح القلوب ظاهرا وباطنا فيحل فيها نور ربها وتسلم " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"..

وإنما أردت أن نتحدث عن أدب الحجاب لنتعلم ونرى بوضوح صورة الأمة الربانية التي ينبغي لنا أن نكون عليها, ولنقرأ واقعنا من جديد على ضوء تلك الصورة, ونقيس المسافة الفاصلة بيننا وبينها لنعرف أين نحن ولأين نسير وكيف الرجعة..

* ومن أدب الحجاب ألا تبرز النساء للرجال دون حاجة , وهذا من تمام الستر الذي أمر الله تعالى به: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ " الأحزاب 53, وإن كانت الكلام في الآية في حق أمهات المؤمنين عليهن السلام فأنما تدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة, فإن لم تدع الحاجة لبروز المرأة وأمكن أن تسد الطلب العارض بسؤاله من وراء حجاب فهو أولى..لاحظوا أن الخطاب هنا للرجال.. عليهم أن يأخذوا هذا التأدب سيرة لهم في التعامل مع النساء حذوا بحذو, فلو رأت نساؤنا اليوم حشمة الرجال في التعامل معهن, لتهذبت نفوسهن وانكسرت تطلعاتهن للتبرج ولرجعن للحياء فهن به أولى وهو أولى بهن..


ليست الأحكام في الشرع قيودا من دون حكمة, حاشا وكلا, بل يأتي بيان هذه الحكمة بخطاب قريب من القلوب المخبتة يقربها من الخير وينأى بها عن التشتت " ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" ونقرأ عن القرطبي رحمه الله كلاما طيبا عند هذه الآية الجليلة: " ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ " يُرِيد مِنْ الْخَوَاطِر الَّتِي تَعْرِض لِلرِّجَالِ فِي أَمْر النِّسَاء , وَلِلنِّسَاءِ فِي أَمْر الرِّجَال , أَيْ ذَلِكَ أَنْفَى لِلرِّيبَةِ وَأَبْعَدُ لِلتُّهْمَةِ وَأَقْوَى فِي الْحِمَايَة . وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَثِق بِنَفْسِهِ فِي الْخَلْوَة مَعَ مَنْ لَا تَحِلّ لَهُ ; فَإِنَّ مُجَانَبَة ذَلِكَ أَحْسَنُ لِحَالِهِ وَأَحْصَنُ لِنَفْسِهِ وَأَتَمُّ لِعِصْمَتِهِ "وَقُلُوبِهِنَّ " هذَا تَكْرَار لِلْعِلَّةِ وَتَأْكِيد لِحُكْمِهَا , وَتَأْكِيد الْعِلَل أَقْوَى فِي الْأَحْكَام .

سبحان الله " إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " 54



* ومن أدب الحجاب قرار المرأة في بيتها, " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ " الأحزاب 33, إن الآيات تعلم قلوبنا أنها بدخولها للإسلام قد تركت عهدا ما وراء ظهرها, لا يصح لها أن تتلفت إليه من بعد, فليست حالها اليوم به كحالها من قبل بدونه, وحقيقة التبرج هي إظهار ما ستره أحسن, وكانت النساء في الجاهلية يتمشين وسط الطريق بتغنج وتكسر يعرضن أنفسهن على الرجال, والآن لربما تصنع لها منصة ليكون العرض أوفى.

تبرجت بعد حياءٍ وخفر *** تبرُّجَ الأُنثى تصدّت للذكر

أذن لهن أن يخرجن في حاجتهن, فما يمنعهن أن يلزمن حدود الباري في ذلك..

يقول عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : مَا يَمْنَع الْمَرْأَة الْمُسْلِمَة إِذْ كَانَتْ لَهَا حَاجَة أَنْ تَخْرُج فِي أَطْمَارهَا أَوْ أَطْمَار جَارَتهَا مُسْتَخْفِيَة , لَا يَعْلَم بِهَا أَحَد حَتَّى تَرْجِع إِلَى بَيْتهَا .

* وكل دعاة العلمنة المنحوسة إنما يريدون أن ينزعوا عنا أدب الحجاب والحياء ويريدون أن يلقوا بنسائنا من جديد على قارعات الطرقات سافرات متسكعات يكابدن معترك الحياة اليومية بين رجال أغراب لامروءة لديهم ولا غيرة فيهم, لا يعلوهن حياء ولا يحفظهن ستر وقار ولا أدب حوار ولا يرقبن حدا... يريدون لهن أن يخضن كل مجال ويتنزلن في كل مضمار, ولو لم يوافق طبائعن التي فطرن عليها, وقد كان لهم ما أرادوا فكيف صرنا؟ وما هي صورة المرأة المسخ البشري التي تخرج لنا بها الحضارة المزعومة؟.. لازلنا نبتعد عن صلاح حالنا وإصلاح قلوبنا ولم نجن من تلك الفوضى شيئا ذا معنى, ولا من يعتبر ولا من يرجع..

أوهموا النساء بالحرية والمساوة, وحقهن في العمل والكد والكسب, وتحقيق الذات, وتفرد الشخصية, وإنطلاقها من قيد الرجل, وامتلاكها لزمام أمرها, لتتكسب وتنفق على نفسها, فلا يعوزها ضعف حال ولا فقر إلى عطف ذلك "العدو المفتعل" عليها!.. ثم أغروها بحمى الصراع, لتراهن على تحقيق مكاسب ونجاحات في مجالات احتكرها الذكور, بتسلطهم وذاتيتهم ومكرهم, فحرموها منها, فتطاولت همتها إليها حتى بلغتها, وما لها ألا تفعل؟ أوليست بشرا مثله؟ أوليست قد وهبت من العقل والفكر وكفاءة الذات ما ينزع بها لانتزاع سبقه فيما سبقها إليه؟ وقد كان.. فماذا جنت؟... أنا أقص عليكم طرفا من خبز الحصاد المرُّ, استمرئ –أشباه- الرجال, الذين صدعوا رؤوس العالمين عقودا بحقوق النساء, اللعبة, واستراحوا من مسؤولية رعايتها الإنفاق عليها, فتركوها ضالة ضعيفة غضة بلا ولي تستند إليه, لم تعد الحقوق حقوق ولا الواجبات واجبات, وما من امرأة عاملة إلا وهي تعرف كيف جنت على نفسها براقش, إلا من رحم ربي, فهي مطالبة بأن تكون رجلا في العمل والسوق والشارع وتتابع كل حاجات الخارج الملحة دون مساندة, تكتسحها عيون المارة وتدوسها عجلات المدنية دون رحمة, لم يعد ثمة من يفسح لها الطريق لتمر, أو يحمل عنها ثقلا ناءت يداها الضعيفتان بحمله, أو يترك لها مقعده لتجلس, أليست النساء كالرجال؟ أليست هذه هي المساواة؟.. ثم تعود المسكينة للبيت, لتكون أما ومربية وطاهية ومدبرة فيما بقي من ردح النهار, ثم هي مطالبة بأن تسترد شيئا من أنوثتها التائهة لتكون زوجة لهذا الزوج الخامل المهجن ما بقيت لها أنفاس لتفعل, من فجر النهار حتى غسق الليل في هذه الطاحونة المأفونة..

أظل أرعى وأبيت أطحن*** والموت من بعض الحياة أرحم

وهي في كل هذا لا يرافق يومها التسبيح ولا الذكر, ولا تندى روحها بآيات القرءان, ولا يشد من أزرها ويصقل إيمانها التفكر, بل غثاء الناس وغثاء الكلام, ولا يتحلق أهل البيت معا إلا حول تلفاز متلف يسرق الأبناء من ءابائهم والآباء من أبنائهم, قالها لي أحد المرضى جاء شاكيا من إجهاد عينيه "نحن لا ننظر في وجوه بعضنا البعض وأنا ما رأيت وجه أمي لأيام سوى الآن ... حتى حين نجلس معا تتعلق عيوننا بالتلفاز فلسنا نرى غيره!!".. وليته كان في خير, بل هي تربية منهجية على كل ما يصرف القلوب عن الاخبات للخير..


ثم نبتت أجيال من الرجال ليس فيهم رجل واحد, غابت المروءة عن صدورهم واندثر شموخهم وهجنت صفاتهم وذواتهم وحتى سمات وجوههم تخنث, وقد فتحت عليهم فتن النساء أبوابها من كل حدب وصوب, فلا تكاد تسير في شارع دون أن تؤذي عينيك ملصقات إعلانات عن نساء في أبهى حلل الزينة وأقلها سترا وأكثرها إثارة على كل سلعة متخيلة أو غير متخيلة, ولا يوشك يفتح أي قناة أو حتى يفتح بريده الخاص حتى تقتحمه الصور المتلاحقة في سباق مرصود للتميع... ونبتت أجيال من النساء لايصلحن لأن يكن أمهات أو مربيات أو حاديات لمواكب العزة والكرامة المهانة, ولا يعرفن كيف ينشئن أجيالا كريمة وقد فقدن المثال والبوصلة والقيم الرواسخ التي تعيدهن للجادة, ولم يسطعن أن يسددن خانة الرجال التي فرغت ولم يعد فيها سوى أشباه الرجال, صارت المرأة كالثور المجروح الذي يدور في ساقية جف نبعها, وصارت الرجال كالأسد العرجاء اللثغاء المهجنة والتي نشأت في أقفاص وهمية, كالقطط المدللة, فلم تتعرف على حقيقة ماهيتها بعد..

وما عجب أن النساء ترجلت *** لكن تخنيث الرجال عجيب!



هل بعد كل هذا سيبقى في يوم أحدهم فسحة ليلتفت لقلبه, ليصلحه ويداوي سقمه وهزاله ,فينصلح فيه حاله, ويسمو به قبل زواله؟..

* هل هذه صورة الأمة الوسطى؟؟

دعوني أقص عليكم طرفا من خبرها الجميل والكلام لاِبْن الْعَرَبِيّ : لَقَدْ دَخَلْت نَيِّفًا عَلَى أَلْف قَرْيَة فَمَا رَأَيْت نِسَاء أَصْوَن عِيَالًا وَلَا أَعَفّ نِسَاء مِنْ نِسَاء نَابُلُس , الَّتِي رُمِيَ بِهَا الْخَلِيل صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّارِ , فَإِنِّي أَقَمْت فِيهَا فَمَا رَأَيْت اِمْرَأَة فِي طَرِيق نَهَارًا إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهُنَّ يَخْرُجْنَ إِلَيْهَا حَتَّى يَمْتَلِئ الْمَسْجِد مِنْهُنَّ , فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة وَانْقَلَبْنَ إِلَى مَنَازِلهنَّ لَمْ تَقَع عَيْنَيَّ عَلَى وَاحِدَة مِنْهُنَّ إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى . وَقَدْ رَأَيْت بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى عَفَائِف مَا خَرَجْنَ مِنْ مُعْتَكَفهنَّ حَتَّى اُسْتُشْهِدْنَ فِيهِ ." تفسير القرطبي"

فك الله أسر أقصانا وفك أسر الأمة مما سرى عليها ..



* ترسم الآيات صورة لا يمكنها أن تفارق خيال المؤمنين الصادقين إن وعتها قلوبهم مرة " وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" أطعن الله ورسوله, وليس من حكمة ولا بيان ناصح مهذب ولا نور يهدي القلوب التائهة فتنشرح له الصدور كآيات ربنا جل في علوه " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" ليس الأمر والنهي والحدود والتوجيه الرباني السامي إلا لتطهر به النفوس ويذهب عنها الرجس فتعف وتصدق وتنشرح وتعلو, والوصية بالقرءان, والقرءان هو البرهان, وهي وصية الله الخبير بخبايا نفوسكم يدلكم بلطفه إلى ما فيه شفاءكم "وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا" .. هكذا نحب أن نرى المؤمنات, فالتزمنها, رضي الله عنكن وإيانا, صورة مضيئة مشرقة لمؤمنات تحويهن لؤلؤة مجوفة من لآلي الجنة, تنشرح لها القلوب ويمتد سنا نورها ليملأ أفق البصيرة المبصرة.. شغل قلوبهن القرءان وملء نفوسهن الحكمة, واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة...

كوني من اللائي ذكرن بسورة الـ***أحزاب في القرآن حتى تغنمي

المؤمنات العابدات القانتا***ت القائمات بجوف ليل مظلم



ثم تأتي البشرى لتسكن لها النفوس المتعبة وتستروح لديها الأرواح التي شتّ بها الجدب يوما , هو الوعد الجميل بمغفرة وأجر عظيم " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"

الإسلام, هو رأس الأمر دوما, ومن دخل في السلم, فعليه أن يدخله كافة..
والإيمان والقنوت, والصدق والصبر, والخشوع والتصدق, والصوم والعفة, وذكر الله كثيرا..
هذه هي صفات المجتمع الربّانيّ المؤمن ...
ولله أمة هكذا بنوها وهكذا بناتها, أين في علياء المجد والشرف تكون..



* ونستأنس بهدي الآيات وإن تكن نزلت في غير ذلك, النفوس ليست كلها سواء , وربما كان من لا تستحوذ عليه كل هذه البينات الهاديات ولا تداوي مرض قلبه فلا ترتدع بها نفسه, وهنا يأتي فصل الخطاب " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا" لا خيرة بعد أمر الله لأحد...ليس لك إن ءامنت أن تختار بين ما تريده نفسك وما تأباه, لو عقدت العهد فعليك الوفاء به فقد أمر الله ورسوله أمرا فلو خرجت نفسك من طاعة ما قضى به فقد ضللت ضلالا مبينا..

ولدعاة العولمة والعري والمتحينين لفتنة المؤمنين والمتتبعين النساء لريبة فلست تجد لهم خيرا من قول الله تعالى في الآية التي تلت آية الحجاب " لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا" ( الأحزاب60)

بلى ,لقد كانوا هناك منذ الأزل, جمع بينهم النفاق ومرض القلوب والإرجاف, والإرجاف هو التماس الفتنة, ولم يكن لهم دواء غير الردع بقطعهم من دابر إن لم ينتهوا عما يخوضون فيه..


يتبع إن شاء الله ..

tarafen 07-31-2010 06:30 PM

(7)

نوع جديد من التبرج من وراء حجاب!..


* والمتأمل في روح الشريعة في أمر الحجاب يمكنه أن يقرأ الواقع من جديد برؤية مستبصرة, فنحن نرى بيننا من لم ينزعن الحجاب ظاهرا لكنهن قد اختلعن من أدبه باطنا فلم تتأدب قلوبهن بأدبه , وغيرهن في هذا الخسران أوفر حظا, لم تعد ترى - إلا من رحم ربي – من يعلو محياه وسمته الحياء من الله عز وجل في كل حركاته وفعاله , فلا قرار في البيت ولا غض للبصر ولا جدية في الكلام بل تكسر وتدلل وهوان, ولا إخلاص في التستر بل ضرب بالأرجل والألحاظ هنا وهناك, ولا جدية في الشخصية ولا وقار بل ميوعة ومزايدة على حب الظهور وتلمس للمديح والثناء والاستحسان من العيون والأنفس, وتلمس لميل القلوب للقلوب..

ولعل إحدى التطبيقات الملموسة بيننا في العصر الراهن مع وجود شبكة الانترنت ودخول النساء والرجال معا في حوارات أدبية أو حتى شرعية في المنتديات الحوارية لا يكاد العابر يحظى بمكان لا تتوالى فيه السقطات , وقد ظهر هاهنا نوع جديد من التبرج من وراء حجاب!.. فتجد الأخوات الطيبات, عفا الله عنهن, يتبرجن, من حيث لا يدرين ربما, في خطواتهن المكتوبة وتعليقاتهن المقروءة.
فتلك تضع صورة معرفها وردة حمراء أو صفراء وتلك تضع صورة طفلة جميلة عارية الكتفين وتلك تضع صورة عين مكتحلة وأخرى قلب منقوش عليه شيء من الكلمات الآسرة, وتلك تكتب باللون الوردي أو الأرجواني وتلك ترد على من مرّ على صفحتها من الأخوة الرجال بترحاب مبالغ أو بكتابة حمراء زاهية وبخط عريض أو تمر هي لتعلق عليه بمثل ذلك وتفرط ويفرطون في كلمات الإشادة والإعجاب والتأييد وما الله به عليم, وتراها تضع في ردها على أحد الأخوة ايقونة ابتسامة, أو وجها يغمز بعين, أو وجها محمر الخدين!, وأشياءا نحو ذلك..

ويقع من الإخوة في ذلك مثل ذلك , فتجده يخاطب الأديبة باسمها مفردا من غير لقب والواجب ألا يصل التبسط لذلك بحال أو يقول لها "لك من اسمك نصيب" و"هيه يا فلانة... أحاسيس منسابة"... ولأخرى"ليتني كنت شاعرا لأكتب لك قصيدة شعر", "ما أبدع بيانك ياأختاااااااااااااااه", "تأكدي أننا ننتظرك كل ساعة فلا تتأخري طويلا علينا", وأمثال ذلك مما يؤذي بعض الأديبات ويؤذي أزواجهن ومحارمهن وقد يمتنعن أو يمنعن بسببه من الكتابة تحفظاً وأدباً..


كل ذلك فيه غياب مفجع لروح الإسلام ولأدب الحجاب والذي حين نتفهمه بعمق ندرك أين هي حدوده بين المتاح المباح وبين مالا عذر لنا باقترافه فيه...

كنت قد وضعت مفكرة بعنوان "ردرود منفلتة", جمعت فيها ردودا منفلتة من أصحابها الذين أحسب لهم في الخير سبقا, وفي مكان طيب, لكنه ءالمني ما رأيته منهم كلما عبرت بين الصفحات, وأردت أن أكتب في ذلك وفي روح الحياء المفقودة في منتدياتنا الإسلامية, وليس غيرها, لكن ضاق الوقت عن الكتابة فلعلنا قد أشرنا لها هنا في عجالة, ربما هي غفلة لم نتنبه لها من قبل, وكلنا كذا إلا أن يهدينا الله بفضله, وربما لأننا لم نستحضر ضوابط الحياء وروح الحجاب وأدبه, حتى ولو من خلف ستار.. ولو بدون صوت للكلام, ولا صورة للوجوه, لكن تبقى الشخوص هي الشخوص, وتبقى النفوس هي النفوس, وتبقى الحدود هي الحدود, هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرتضيه...

والمفاسد واحدة دوما, وليست الشبكة حجابا وليست أمنا من المعصية, والواقع الرقمي الافتراضي ليس افتراضيا في الحقيقة, فالرقيب هو الرقيب سبحانه عز وجلّ, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, والمؤمن الأمين الصادق تعرفه من يقظة قلبه في سر وعلنه.. " بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ معَاذِيرَهُ " (القيامة)

إن هذا الواقع الجديد يؤكد لنا من جديد أن الحجاب ليس أقمشة وأردية ظاهرة, لكنه أدب عال وقيم متينة في نفوس الصادقين.. تنضبط بها سلوكياتهم عامة, تنبع في أصلها الأول من منظومة قيم الدين القيم.. الفطرة الربانية النقية التي فطر الله تعالى الناس عليها.. ومن ضمن هذه الفطرة الهدي الظاهر, السلوك والزي والسريرة, ولا يغني هذا عن ذاك, ولا ذاك عن هذا, من ترك أيهما فهو عاص لأمر ربه.


يتبع إن شاء الله..



tarafen 07-31-2010 06:32 PM

(8)


المحجبات يدارين سوء خلقهن بحجابهن!

* ثم يأتيك من يقول: الأخلاق والقلب أهم..

الطهارة في القلب..

والمحجبات يدارين سوء خلقهن بحجابهن..

يا رب فالعن جاحدي الشرائع * * * وارمهم بأفجع الفجائع
والعن إلهي من يرى الإباحة * * * بلعنة فاضحة مجتاحة

ولا أدري والله كيف يرد المرء عليهم, لأن ظاهر قولهم يخالف باطن قصدهم جملة وتفصيلا, ولا يدل استهجانهم للتمسك بالحجاب إلا على تناقضهم وجهلهم بحقيقة نقاء القلب ونوره, وحقيقة حسن الخلق وفضله...

بلى... إن طهارة القلوب أولى, ولا يغني الرداء إن تلبست القلوب بالنفاق.. لا تغني الفروع إن كان الأصل فاسدا منخورا, لا تغني المظاهر إن لم ينبع فضلها وخيرها وصدقها من صفو السرائر... فماذا لديكم في هذه؟..
ما هي الأخلاق؟ وما هي طهارة القلوب..
أليست طهارتها في عبوديتها لمولاها الواحد, أليست في إخلاصها له وحده لا يستدرجها الهوى لرفض أمره ولا تشغلها تطلعاتها عما يرضيه, لا تتشوف لحياة إلا وفق منهاجه وعلى صراطه المبين القويم, أليست في طاعتها وهداها وتوازنها واطمئنانها للحق الأحد, لا تقدم رغبة إثر رغبة ولا تتبع شبهة إثر شبهة لترضي نزق النفس وتخدع بزيف الظهور والمدح وهي في قرارتها بائسة منخورة مقفرة مهجورة...

هل من طهارة القلوب تركها لشرائع ربها المعبود؟ هل محاداة دين الله وإنكار المعلوم منه بالضرورة وتحوير الآيات والأدلة ليخرج منها كل دعيّ بائد بما يتوافق وهواه المائل, هل هذه هي طهارة القلوب؟.. هل صون ربات الخدور لعفافهن بسد كل باب منظور للتبذل والسفور وحفظهن للغيب بما حفظ الله هل في شيء من كل ذلك ما يدنس طهر القلوب أو يقدح فيها؟..
أليس الله تعالى يقول "ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن".. " ذلك أزكى لهم".." إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"... فما وجه التعارض هنا بين طهارة قلب العبد وطاعته لمولاه؟..

فإن قالوا لا تعارض لكن نحن نؤكد على أن المظهر لا يغني عن المخبر.. قلنا بلى, لا يغني مظهر عن مخبر, فلماذا ترون أن النتيجة المنطقية لذلك هي الجنوح لبوهيمية المظهر ولا ضرر في ذلك طالما حَسُنَ المخبر.. شاهت وجوهكم, لا أباً لكم ولا شفيع, فكيف يكون ذلك؟.. ومن أين يجيء حسن المخبر بعد كل ذلك؟... بل كان الأولى أن تقولوا يلزم ضبط الظاهر بأحكام الله تعالى مادام أحدا لا يملك زمام السرائر فيشق الصدور عن القلوب ليرى أيها صدق وأيها دلس, فالواجب لانضباط الأمة وردع الفتن ولجم أهلها أن ينضبط ظاهرهم فلا يتفشى فيهم التفلت ولا يغدو هو سلعتهم الظاهرة وتجارتهم السافرة, وحين يكون الاحتشام سمتهم الظاهر سيتوراى ضعاف النفوس ويرتدع مرضى القلوب ويندحرون ضعفا وخشية من استهجان العيون لمجونهم وميلهم..
ثم... المحجبات يدارين سوءهن بلباسهن.. وكل المصائب تأتي من المنتقبات.. وأحدهم تنكر في ثياب منتقبة ليدخل الامتحان مكان زوجته – بلغ من كذب بعض الصحف وتحاملها أن ساقوا قصة مشابهة ثم اتضح أن الفتى تنكر في زي متبرجة وليس منتقبة بل ارتدى ملابسا نسائية وشعرا مستعارا , مع أنهم الآن يرتدون نفس الملابس البنات كالأولاد والأولاد كالبنات يصعب عليك التفريق, والبنات يجززن شعورهم إلى ءاذانهن والأولاد يرخين , عفوا يرخون, شعورهم على أكتافهم – وأحدهم تنكر به ليدخل سكن الطالبات, وأحدهم, وأحدهم... أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو وأتوب إليه..
بلى حدث كل ذلك.. فماذا تريدون بعد ذلك؟!... فيظهر لك خبث النوايا..
والله إن الكلام من التهافت في المنطق المفهوم إلى الحد الذي يربأ فيه المرء بنفسه من الرد عليه.. كأنهم جميعا يعانون من انخفاض حاد في معدل الذكاء.. أسيت لذلك.. ثم تأسيت بسنن الله تعالى في الملكوت,
" مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا" الزخرف..
" قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّي ۖ لَوْ تَشْعُرُونَ " الشعراء ..
لماذا لا يرى الناس الحق مجردا وهو أسطع من الشمس دليلا على بزوغ النهار؟ لماذا لا يتجردون من تلكؤ النفوس وميلها ليقرأوا ويقرّوا.. لماذا يعللون لشرك قلوبهم بأخطاء الناس كي يبرروا لها تنكبها عن الصراط وافتقارها للإخلاص.. ليس هذا من الإيمان في شيء.. الإيمان الحق يعني أن تترسخ في قرارة قلبك عقيدة التوحيد عروة وثقى لا إنفصام لها, لا جدال حولها ولا مفاصلة فيها, هي الحقيقة التي يقاس عليها ولا تقاس هي على أحوال الناس.. هل رأيتم بناءا بغير قاعدة؟..


لماذا لا يفهم هؤلاء أننا لا ندعو إلى المحجبات ولا إلى المنتقبات ولا إلى الملتزمين.. كي يتركوا هذا الأمر جانبا ويمضوا.. نحن لا ندعوا لأشخاص بأعيانهم ولا بعنوانهم الذي يندرجون تحته.. نحن ندعوا إلى دين الله عز وجل إلى طاعة الخالق المعبود وإلى تطبيق شرعه ولزوم أمره, لو فسد كل الناس وهم يزعمون انتمائهم لهذا الدين فسيبقى هو الدين الحق لا يتبدل في حقيقته شيء.. لو ضلوا جميعا فأنت, أنت, ستظل مطالبا به وحدك, لا يضرك فسادهم إن صلحت, ولا يغنون عنك شيئا إن تركته نكاية فيهم أو جحودا لحالهم وتنكبت له ومضيت, لا تبرر لنفسك اعوجاج حالك... بينك وبين ربك الخبير البصير لا حجب ولا وسطاء, وحده سبحانه يطلع على خبيئتك, ووحده سبحانه هو الديان الذي ستعرض عليه في يوم الحساب, ووحده سبحانه من عليك أن تطيعه في قرارة قلبك, وفي كل سرك وجهرك وسكونك وعملك وسكوتك وقولك... فهل في هذا فصل الخطاب..

بل لابد من تعرية الحقيقة.. أنتم.. لا تريدون الإسلام.. لا يعجبكم.. لا يروق لذائقتكم.. فدونكم.. لماذا تلصقون به الدعاوى وتتمسحون بأعتابه وتتربصون بأحكامه الدوائر؟.... اخلعوا أقنعة المصلحين فهي لا تناسب وجوهكم والله.. لم لا تعلنوها صريحة لستم من الإسلام في شيء وتمضون لحالكم وتعرضون عن أذية أهله.. لماذا تصرون على تمرير أفكاركم العصرية المزعومة وتحشرونها حشرا تحت ستار الإسلام, بل وتزعمون لنا بكل ما أوتيتم من فصاحة ولسان أن هذه هي حقيقة الإسلام وتلك هي أصوله وأنتم من ينافح عنها ويعيد الأمة التائهة إليها..

الفروض ليست فروضا بل لا تعدو كونها عادات, أعرافا , باليات تالفات, والأحكام لا إجماع عليها, بل, لا مشروعية لها, بل, تتعارض مع المصالح العامة, بل هي لذلك محظورات شرعية .. الآيات لا تصرح بالحكم, بل لا تشير إليه, بل نزلت في حال خاصة, بل نسختها آيات أخرى, بل,, لا تتحدث عن هذا بالمرة بل عن حكم ءاخر وقد كان العلماء السالفين واهمين , بل كان العلماء, متعصبين لعادات عشائرهم, فانتزعوا لها الأحكام وليست هي بحق!!.. الله أكبر.. إنا لله وإنا إليه راجعون..


يتبع إن شاء الله..

tarafen 07-31-2010 06:34 PM

(9)


الحجاب حجر عثرة في طريق السد ليس إلا, ويطّرد من بعده القياس...

إن التوابع الفعلية لخلع الحجاب لا تطال فقط أهل الخلاعة بل تؤثر على عامة الناس.. والتساهل في الاختلاط, أعني التبسط الناشيء عن اعتياد الخلطة والذي يتسرب للنفوس تدريجيا بعد وقت يسير مع اعتيادها, في غياب مراجعة النفس وفي غياب منظومة القيم الإسلامية الأصيلة التي تنظم حياة المسلمين وتهذب جنوحهم وتسمو بهم, إن التنكب لهذه القيم, بما ينتج عنه من الإنفلات من ضوابط الشرع, يقود إلى الإفلات من ضوابط العرف كذلك..
فمن الذي يقول حين نترك الدين جانبا, من الذي يقول ماذا تغطي المرأة وماذا تكشف, ومتى تحتجب ومتى تتبرج, ومتى تتبسط مع الغرباء ومتى تحتشم معهم, وما حدود كل هذا وقيوده, المجتمعات التي وقعت ضحية لنزع الانتماء لأوامر الشرع وقعت ضحية تخليها عن هويتها وانتحاب قيمها وأعرافها الطيبة بذات الوقت, في البداية كشفت النساء الوجوه, ثم الشعور, ثم الأكتاف, ثم ... لم يبق شيء.

قرأت نقاشا جادا في مكان ما بين بعض الليبرالين الصغار,"البريئين جدا", وجدتهم يقولون: (كل شيء في وقته ومكانه المناسب مناسب!! فالبكيني على الشاطئ جميل, والماكسي في السهرات جميل...)!! ... لم يعد هناك مرجعية للمعروف الطيب, ولا استنكار لظاهر المنكر.. هناك عبارة مأثورة لدى هؤلاء, أعتذر منكم لوضعها هنا: (نحن نريد أن نربي الرجل الذي يسير وسط شارع من العرايا ولا تتحرك مشاعره إلا أمام المرأة التي يحبها..) ! عجب معجب..

ثم يأتي مفكر تعلو سيماه الجدية والوقار والأهمية البادية فيقول: (بعض الداعين للإسلام يشعروني أننا نحن المسلمين لسنا إلا وحوشا وذئابا مفترسة تتحين الفرصة السانحة للإنقضاض على أي ضحية.. بينما تشعره المرأة العصرية الجاحدة لحقيقة الحجاب جملة وتفصيلا والداعية لتبرئة ساحة الصداقة الجادة بين الأولاد والبنات, هذه تشعره بأن الدنيا مليئة بالزهور والفراشات الملونة والعلاقات البريئة والبشر الناضجين الذين يحترم كل منهم الآخر ويتحدون معا في كل عمل بأخوة وصداقة نظيفة طاهرة...).. أي وربي, وجدت من يقول ذلك, وليس فردا, بل يعبر عن فئة عريضة من أدعياء الفكر المتقدم.. تعس وانتكس, وإذا شيك فلا انتقش..


هل يتوجب علينا الرد عليهم؟..


قراءة الواقع أولى من التنظير.. لم يعد للأولاد والبنات همّ يحكى إلا في قصص الغرام والتعلق والإعجاب والإستلطاف و"التعليق", عناوين عابرة في مجلات الشباب تحكي المأساة وخطوات قصيرة في ممشى الجامعة تريك قدر التخبط والتفلت والارتباك المستولي على أولادنا, حال محزنة مفجعة..

عنوان قصير في مجلة سيارة: كيف تجعل البنات تحبك, نصائح لعلاقة عاطفية ناجحة, كلمات تحب البنات أن تسمعها.. صفحة المشاكل: خان حبي ولم يرحم دموعي, منحته كل السعادة فطعنني بكل بلادة, الوعود الوردية, من أين يأتي بقسوة قلبه...
وعلى شاكلتها تليفون الفضفضة في قنوات الإذاعة الشبابية, التي هي بالمناسبة قنوات موسيقى وغناء محض, لها عند الشباب تاريخ محفوظ وواقع مدروس, تافهة وسمجة لحد التقيؤ.. أهدي لحبيبتي ألبوم "بهلول زيادة" الجديد!..
كل المشاكل والدموع والتأوهات تحكي عن واقع مرير وعلاقات عجيبة وحكايات غريبة ومفاهيم مشوهة, هي في الحقيقة الثقافة السائدة بين فئة لا يمكن الاستهانة بها من شبابنا, أمل الأمة, عصبها, حلمها المنشود الضائع..
ولا يقتلك شيء وأنت تتابع كما تقتلك ردود المستشار العاطفي الغير متخيلة بحال.. إنه غارق معهم فيما هم فيه يعمهون..
إلى الله المشتكى..



بعض الناس لا يمكنه التفريق بين الأحجار الكريمة وبين صخور الطين..

بأي حال, ذكرني هذا المفكر المعجب بالفراشات الملونة بسطور عابرة قرأتها لصحفية أمريكية قضت عدة أسابيع في السعودية لتجري بحثا ميدانيا, ارتدت خلال تلك الفترة الحجاب توافقا مع طبيعة البلاد, ثم عبرت عن تلك التجربة بكلمات مختزلة في الصميم , تقول تانياسي هسو: "رأيت لأول مرة كيف يعاملني الرجال باحترام وتقدير دون أن يكون لجسدي كأمرأة أثر في ذلك الاحترام والتقدير"



لنوفر جواً من التوازن والحيادية والتجرد في كثير من مناحي الحياة, يتوجب علينا أن نلغي بعض المؤثرات, كي لا تنشغل بها النفوس وتشوش على الهدف المشترك الذي نسعى إلى بلوغه.
وحين نفكر بهذه الطريقة الواعية والمنضبطة ندرك في أفق جديد كيف أن الحجاب يحل كثيرا من المعضلات ويقطع التشويش الناتج عن بروز النساء للرجال وميلهم المحتمل إليهن, قطع سبيل الشبهات وحده هو الذي يوفر طاقة كلا الطرفين لمسيرة الحياة الناجحة والمثمرة والبناءة.. إن تلك الحصانة التي نريدها للمجتمع المسلم ليست اتهاما لأفراده بالتفاهة أو سوء الطوية, بل هي برهان أكبر على سلامة النفوس من أي ريبة وحماية لها من الفتن والظنون..

إن المسلمة المتزنة تقدم لهذا المجتمع رسالة متحضرة مختصرة, مفادها: لا تنظر لزينتي وأساوري, ولا لمظاهر أنوثتي, بل تعامل معي كإنسان راق, بتجرد واحتشام, لنحقق معا الجدية المرتجاة من هذه المعاملة قدر الحاجة.. لننصرف معا عما يعوق أحدنا أو يشغله عن مهامه ورسالته الجادة..

وهي بهذه الرسالة لا تلغي أنوثتها ولا تجحدها, ولا تكبتها, بل ترتقي بها وتؤكد عليها, وتؤكد معها على أنها أعلى شرفا وأعز قدرا من أن تتركها معروضة مبتذلة في طريق الريح, فهي تعرف قيمة ما وهبها الله إياه تعالى من جمال ورقة, فلا ترضى بإقحامها في كل شأن لتتحصل بجمالها أو دلالها على ما لم تتحصل عليه بجديتها ووقارها, إنها لا تستسيغ هذه المعادلة المقلوبة, ليست تلك شيمة لأي حرة, إنها لا ترضى أن تمنح منها شيئا يسيرا لأي عابر..

وما العجب في ذلك؟.. ألم تكن الملكات والأميرات في كل الثقافات تحتجبن عن عامة الناس كنوع من تقرير العزة والشرف.. أعني أنها صورة تعترف بها ثقافة الحضارات المختلفة, كلما عزت النساء في أمة كلما حجبن عن أن تبتذل محاسنهن للعيون العابرة..باستثناء حضارة الغرب الراهنة, ولا عحب, لأنها في الحقيقة انتكاس كبير للإنسانية في مدارك البهيمية, فيما يخص شئونها وأخلاقها وقيمها الأصيلة, وهذا الأمر من الوضوح والشيوع بحيث لا يحوجنا لبرهان..

وبنظرة موجزة أخرى للواقع الذي تمتلئ بها صفحات حياتنا كل يوم نستطيع أن نميز ببساطة ودون جهد يذكر من الذي يريد أن يستهلك أنوثة المرأة وجمالها للترويج لمكاسبه المتعددة تجاريا أو فنيا أو حتى فكريا.. من الذي لا يرى في المرأة إلا جسد جميل يصلح للفرجة والعرض قبل أي شيء ءاخر.. من الذي لا تخفى في كل ءاثار أنامله دلالات سوء الطوية..ومن الذي يدعو للتجرد من كل تلك المطامع في المقابل..


فما هي صورة المرأة المسخ البشري التي تطل بها علينا حضارة التغريب في نهاية المطاف , وما هي ثمرة خلع التربية الإسلامية الشمولية من أعماق البنات المهدومات من الداخل قبل خلع العباءة, فأين صفات الفتاة التي رباها الإسلام ؟


أين أم ترضع العلم بنيها ** دون وهن في الليالي النَيِّرات؟
تغرس المجد وتُحيِي العزم فيهم** ترشد الركب لدرب المكرُمات
ليس يغريها بزيف الذلِّ عيشٍ ** لا ولا ترضى بسُفْهِ الراغدات
ما بوهمٍ..ذاك عهدُ الخير فيها ** كم على درب الهدى من رائدات
أين هذا من رجال المكرُمَات ** أظهروا الجِدَّ وعافوا الترهات
نفضوا الدنيا متاعاً وامتطَوْا ** صهوةَ العزم وساروا في ثبات
أفردوا الله إلاهاً وارتَضَوْا ** دينهُ حكماً لكُلِّ النازلات
أخلصوا العهد ولم يستبدلوا ** وضَوْا بالحق في كل الجهات



الحمد لله الواحد الوهاب الذي وسع حلمه وسبق علمه وعمت رحمته العباد..

والصلاة والسلام على نبيه الأواب, وعلى ءاله والأصحاب, ورضي الله عنهم وأدخلهم الجنة من كل باب..

tarafen 08-02-2010 06:22 AM

لعل إحدى التطبيقات الملموسة بيننا في العصر الراهن مع وجود شبكة الانترنت ودخول النساء والرجال معا في حوارات أدبية أو حتى شرعية في المنتديات الحوارية لا يكاد العابر يحظى بمكان لا تتوالى فيه السقطات , وقد ظهر هاهنا نوع جديد من التبرج من وراء حجاب!.. فتجد الأخوات الطيبات, عفا الله عنهن, يتبرجن, من حيث لا يدرين ربما, في خطواتهن المكتوبة وتعليقاتهن المقروءة.
فتلك تضع صورة معرفها وردة حمراء أو صفراء وتلك تضع صورة طفلة جميلة عارية الكتفين وتلك تضع صورة عين مكتحلة وأخرى قلب منقوش عليه شيء من الكلمات الآسرة, وتلك تكتب باللون الوردي أو الأرجواني وتلك ترد على من مرّ على صفحتها من الأخوة الرجال بترحاب مبالغ أو بكتابة حمراء زاهية وبخط عريض أو تمر هي لتعلق عليه بمثل ذلك وتفرط ويفرطون في كلمات الإشادة والإعجاب والتأييد وما الله به عليم, وتراها تضع في ردها على أحد الأخوة ايقونة ابتسامة, أو وجها يغمز بعين, أو وجها محمر الخدين!, وأشياءا نحو ذلك..

ويقع من الإخوة في ذلك مثل ذلك , فتجده يخاطب الأديبة باسمها مفردا من غير لقب والواجب ألا يصل التبسط لذلك بحال أو يقول لها "لك من اسمك نصيب" و"هيه يا فلانة... أحاسيس منسابة"... ولأخرى"ليتني كنت شاعرا لأكتب لك قصيدة شعر", "ما أبدع بيانك ياأختاااااااااااااااه", "تأكدي أننا ننتظرك كل ساعة فلا تتأخري طويلا علينا", وأمثال ذلك مما يؤذي بعض الأديبات ويؤذي أزواجهن ومحارمهن وقد يمتنعن أو يمنعن بسببه من الكتابة تحفظاً وأدباً..

tarafen 05-13-2012 01:38 PM

رجاء القراءة بتأنٍ

وتحميل الكتاب من الرابط

http://www.alukah.net/Sharia/0/10226/



الساعة الآن 03:09 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir