ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   ساحة الأدب الفصيح (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=87)
-   -   شتي ايلول (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=15656)

ابوميس 11-08-2011 09:55 AM

شتي ايلول
 
في كل أيلول يسرق أيلول القلم مني ويكتب قصيدة للورق الثائر خلف السياج..لحقائب التسوق المحلّقة في زوبعة ..لعاشقين مختبئين خلف ستائرهم ينفثان دخان الحب بسرية، لراعٍ يعود بأغنامه عند المساء بعد ان يفرغ في المدى كل الحداء..

في كل ايلول، يطرق شباكي أيلول بغصن دالية عارٍ..بهديل حمامة بحّ صوتها خريف الفصول..يخربش اللون البرتقالي على زجاج الغروب..يمسح عين الشمس بكّمه الطوّيل..ثم يجلس بفضول على شرفة القلوب..

في كل ايلول..اشعر ان للجدار قشعريرة تنفر مع كل هبة ريح، مع صوت «عجلات» حقائب المسافرين على أرض المطار ..مع انكفاء « لقن غسيل « أسندته أمي آخر النهار..مع صوت «تجليد» الكتب بعد العشاء ..ونزق الممحاة فوق حرف «الحاء»، مع غرزة ناعمة في زرّ قميص، مع آخر سيارة تنطلق من مجمع الباصات، و آخر راكب ينزل بخبزه وجريدته من باب السرفيس، مع صوت راديو يطل من نافذة مفتوحة، مع رقصة نسمة مراهقة فوق أرجوحة..

في كل أيلول أذكر اني لي قلباً كان يخفق في أيلول..كان ينمو مثل «المدّيدة» على صوت فيروز والذهب الساقط من خزينة الصيف، كان يتأبط مساءات الخريف ويغني (ورقو الأصفر شهر ايلول..تحت الشبابيك ...تذكرني ورقو ذهب مشغول ذكرني فيك..) ..فيزهر احلاماً وشعراً..ويورق أيلول ..

في ليل أيلول، أحرث أوراقي بأصابعي و ابذر صمتي بين الفواصل، وانتظر «شتي ايلول «، مثل المسافر بين العواصم .. ارقب كل غيمة تمر من سماء بيتنا، أطارد وطن القطن من قطيع الغمام الماشي شرقاً فوق محطة وحدتي ..ارمي لها قلق عيني وعطشي..

في ليل أيلول..انتظر «شتي ايلول» ليغسلني من عوادم العيش وغبار المواسم.. ليعيدني صافياً صادقاً كدمعة.. ليهديني للقصيدة «قفله»..ويجعلني دمية غافية على ذراع طفلة..

في كل ايلول ..انتظر «شتي ايلول» لأنه فقط...»بيشبه عينيك»!!

مشرف عام3 11-09-2011 10:48 PM

الفاض / أبوميس

نقلت لنا جمال وروعة شتي أيلول
لأحمد حسن الزعبي
شكراً للناقل على جمال المنقول

وإن كنّا نرغب في قراءة من بوح أناملك

دمت بود ونقاء روح

مشرف عام3 11-09-2011 10:56 PM


سأخلع "نعليّ" قلقي

5-11-2011 السبت

مثل دخان السجائر ، احتل مطر تشرين تفاصيل الاشياء فجأة ؛ بصمات الأصابع ، مسامات الطريق ، دفء "بلايز" الصوف ، كتب العائدين من مدارسهم في اليوم الأخير ، ومثل معلم مناوب ، قرع جرس الصمت فوق المدينة ليعلن قدومه.. نقر مثل العصفور الزجاج العالي ، وركض لاهثا في "المزاريب" العطشى .. عطّر أحبال الغسيل بقارورة بللِه، رمى منشوراته المائية فوق الأرصفة ، توارى عن الأنظار..ومضى..

***

مثل دخان السجائر، بقيت رائحة مطر تشرين عالقة في ملابسنا ،نحبه ونهابه كعشاق مبتدئين، نختبئ خلف شبابيك الوقت ننتظر قدومه لنهرب ، نشتهي النار التي تنضج سكينتنا، ولسعة برد تأتي قبل موعدها ،ورقصة سرو على حافة السياج ،نذاكر معه منهاج الشتاء: رائحة الخبز، و فنجان القهوة..وفيروز التي تصحو من تخت الصيف ، لتغتسل "تحت شجر الشربين"...

**

مضى الليل وانا أراقب سطور تشرين الواصلة بين صفحتي السماء والأرض، اقرأ كل ما يكتب وما لا يكتب ، ما يسكب وما لا يسكب، شعرت كم انا ضعيف وسخيف ..خلعت "نعليّ" قلقي مثل مسافر متعب،وقررّت منذ تلك اللحظة ..أن أطفىء كل اجهزتي المضيئة "تلفون،لاب توب، منبّه، تلفزيون" ، و أسوي كل افكاري تحت جسدي كسرير، أتوسّد ذراعي وأنام في قاع قاع سفينة الوطن..فلن يفزعني صفير الريح ، ولن يقض مضجعي ، صرير الخشب كلما زادت الحمولة أو تصارع الطاقم او ارتفع الموج..ما دمت ملتصقاً في قاع الوطن..ولا يفصلني عن الغرق أو النجاة سوى طمأنينتي وضميري وأكفّ الله..

وهذا وشيٌ آخر من أنامل أحمد حسن الزعبي
يحرك فينا مكامن الدفء على أعتاب تشرينه القارس بالبوح الجميل


الساعة الآن 08:58 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir