ساحات وادي العلي

ساحات وادي العلي (http://www.sahat-wadialali.com/vb/index.php)
-   ساحة الأدب الفصيح (http://www.sahat-wadialali.com/vb/forumdisplay.php?f=87)
-   -   قرأت لك (http://www.sahat-wadialali.com/vb/showthread.php?t=6864)

رفيق الدرب 03-06-2009 05:14 PM

قرأت لك
 
كانت مشاركتي في الفترة الفارطة قصيدة للشاعر محمود غنيم استحسنتها لانها تحاكي الواقع الذي يعيشه العرب وقد تكرم الأخ / سعيد راشد بأن وضعها في برواز جميل كما تكرم الأخ / نجم سهيل بأن صحح بيتا كتب عن طريق الخطأ فشكرا جزيلا لهما .

ماذاك من آلة صماء بـــــروزها **** لكن من الحب بروزها ببرواز
مِنا له الشكر والعرفان مؤتزرا **** بالحمـد ونعيذه من شر هماز



قرأت لك

محادثة بين ابن دينار وهو أحد سلاطين السودان سابقا وقد كسا الكعبة في زمانه ، وابن منظور من أهل مصر عرف بمعجمه ( لسان العرب ).
قال ابن دينار : حبا بكم عشرة ( مرحبا بكم عشروات ) نحن أهل السودان ظئر الكلمة الحلوة ، ومنبع الرقة والطرفة ، أوسع صدرا ، وأعلى قدرا ، فقولوا ماشئتم ولكم بكل قصيدة صحن عصيدة ، وبكل فكرة رقائق كسرة ، وجزاء كل بيت جديد كوب كركديه جديد .
قال ابن منظور سلِمتَ من الداء العاصف والوباء الجارف . قال ابن دينار : ماهذا الداء العاصف والوباء الجارف .
قال : ياابن دينار هو وباء الحداثة !
قال ابن دينار : ألم يجد الأطباء دواءً لهذا الداء ؟
قال ابن منظور :
لكل داء دواء يستطب به **** إلا الحداثةأعيت من يداويها
قال : انهم يعنون بها التمرد على القيم والشيم في حياة الأمم والثورة على التراث والتاريخ وكسر الشرائع وإلغاء العقيدة والتحلل من المحرمات والمقدسات ، وسحق الأدب العربي وتشويه مضامينه وبناءه التعبيري .
قال ابن دينار : هذا _ والله _ لهْوَ الحديث الخبيث ثم تلا قوله تعالى ( ومن الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم )
وقال : ما الذي حمل الحداثيين على ترويج هذه البضاعة الفاسدة ؟
قال ابن منظور : الانبهار بكل ماهو غربي .
قال ابن دينار : وهل لديك دليل على ماتقول ؟
قال ابن منظور : قصائد كثيرة ، منها المقطوعة المثيرة لأدونيس .
1930 الشمس قدم طفل .
عرفت أقل من امرأة .
عرفت أقل من رجل .
لأنني تزوجت بأكثر من رجل .
الجسد أطول طريق إلى الجسد.......

قال ابن دينار : وأين يكمن خطر الحداثيين على الأدب والدين ؟
قال : في التطاول على الذات الإلهية .
انظر إلى مايقوله صلاح عبدالصبور :
كان لي يوم إله وملاذي كان بيته ....
ورقصنا وإلهي للضحى خدا بخد ....
ثم نمنا وإلهي بين أمواج وورد ....
وإلهي كان طفلا وأنا ، طفل عبدته ....
قال ابن دينار : أعوذ بالله ماهذه الحرب الشعواء على الحق والفضيلة ياابن منظور ؟
قال : هدموا الوزن والإيقاع ، وهاجموا البلاغة والبيان ، وطعنوا في النحو والصرف وابتدعوا الشعر الحر وقصيدة النثر المر .
قال وأي شيء قصيدة النثر ؟ !
قال : فصيلةمن الضفادع والبرمائيات وقيل : نبت دخيل يشبه الحنظل .
قال ابن منظور : إذا كان الأمر كذلك سأمدحك ياابن دينار بقصيدة تبزُّ لامية العرب والعجم .
قال ابن دينار : ولكل بيت ملء كفيك من الفول السوداني ، وملء فيك من شراب العرديب.
قال ابن منظور :
ألا يافاضل الأخــــلاق إني **** رأيتك عاشــقا للإديوكيشن ( التعليم )
فدم للفضل والأمجاد ذخرا **** كما قد كنـــت للآداب أوشن ( المحيط)
تلم بكل ألســنة البــــرايا **** وتحفظــــها بغير ترانزليشن ( ترجمة )
رعاك الله سلـطانا كريمـــا **** فأنت أعز أهل الأرض نيشن ( أمــــة )

قال ابن دينار: كفى ياابن منظور . فما البديل عن هذا الغثاء ؟!
قال : الأصالة والحصانة ثم قال :

أدب التائهين ليـــــل وخمـــــر **** بين كــــــأس محـــطم أو غيد
أدب ذل في الفـــــجور ونامت**** بين أحضـــــــانه جفون العبيد
سوف يبلى مع الزمان ويبقى**** أدب الحق شعلة في الوجود

نكتفي بهذا القدر وإلى لقاء يتجدد مع الحرف ان شاء الله

أنس العبادي 03-14-2009 12:23 AM

أستاذي القدير / رفيق الدرب ..

عندما أجد لك موضوعاً ، أعرف أنّني على موعدٍ مع الجمال ،

وأعرف أنّني لن أستطيع الردّ بمستوى ما سأقرأه مهما تكلّفت ..


لذا أكتفي بشكرك على إمتاعنا بما تطرح ،


وأسأل الله لك العفو والعافية ،

ودمت بألقٍ غير مسبوق ..

علي ابوعلامه 03-15-2009 11:49 AM


أستاذي الفاضل / رفيق الدرب

رفيق الحرف والكلمة الرنانة
رفيق الأدب شعرا كان أو نثرا
ماذا أقول عن ذائقة أدبية تجلت في اختيارك لمنقولك
أقف لك معلمي تقديرا واحتراما
واعتذر لان كلماتي لا ترقى لمتسوى ما كتبت

دمت بـــود

سعيد راشد 03-15-2009 05:12 PM

أخي الكريم :

رفيق الدرب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلم بنانك وارتفع شأنك
قرأتَ لنا فأجدتَ ، وكتبتَ فأبدعتَ


أنا من الناس الذين لا يرتاحون للحداثة عموماً < خاصة ما يتعلق بالأدب العربي وبالذات الشعر الحر - شعر النثر - >،.
وقد أستشففتُ من قراءتك لنا من خلال هذا الموضوع أنها لا تروق لك أيضاً.

ولكن يظل لها المحبون والمعجبون ، والمسألة تتوقف على الاقتناع والميول وما تهوى الأنفس
" ولولا اختلاف الاذواق لبارت السلع في الاسواق"

أتمنى لفكرك وقلمك التألق الدائم المستمر.
سأعود ثانية بإذن الله فموضوع الحداثة كبير وشائك يستحق المناقشة والإضافات.

ولك أطيب سلامي ، وأزكى احترامي
.

سعيد راشد 03-17-2009 06:07 PM


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

_________________________________________
سلسلة : أفكار في مواجهة الإسلام
أولا : تيار الحداثة

المقال السابع : خصائص الحداثة

د/ أحمد محمد زايد

للحداثة عدة خصائص نذكرها فيما يلي:

أولاً: الانحراف العقدي
في الفكر الإسلامي الأصيل لا ينفك الفكر عن السلوك، ولا تنفصل العقيدة عن العمل، وعمل الإنسان أيا كان نوعه ترجمة لعقيدته، ودعوة إليها، وحراسة لها، فالشاعر يعبر بشعره عن فكرته وعقيدته، والفنان يترجم عن فكرته الإسلامية بريشته، والمعماري يبدي الملامح الحضارية الإسلامية في شكل عمارته، هكذا المسلم على اختلاف عمله ومهنته تبدو لديه روح الإسلام، لكننا نجد الحداثيين يبثون سموم إلحادهم وانحرافاتهم العقدية من خلال أعمالهم ومكتوباتهم وخاصة في مجال الأدب والشعر, فهم يستهزؤون بالله ورسله وشريعته، وهذه نماذج تدل على بعض انحرافاتهم العقدية:
* أدونيس راهب الحداثة يعلن عن كفره في بعض ما يسميه شعرا قائلا:

أسير في الدرب التي توصل الله
إلى الستائر المسدلة
لعلني أقدر أن أبدله.

وفي موضع آخر يعلن عن وثنيته قائلاً:
أنا المتوثن والهدم عبادتي([1])
* وهذا قدوة الحداثيين رشيد بو جدرة الجزائري يبين توجه الجزائر نحو العلمنة ويشيد جدا بهذا التوجه، وكيف أن مظاهر الإفطار في رمضان بدأت تظهر في شوارع الجزائر معتبرا هذا نوعا من التسامح ثم يقول بعد هذا: "صحيح أنه لا يمكن للملحدين وغير المؤمنين اليوم المطالبة بشيء لكن هناك محاولة حاليا لتشكيل اتحاد ملحدين جزائريين يمكنهم الدفاع عن أنفسهم كجماعة، يكفيها شيء من الإقدام والجرأة لتفرض احترامها... نحن الأقلية المظلومة – يقصد الملحدين – يعتري التباعد علاقاتنا مع السلطة خلافا للمسلمين المؤمنين، فمن السهل أن تكون مسلما في هذه البلاد، ولكن من الصعوبة بمكان أن تكون ملحدا، وعندما أتكلم عن أقلية غير مؤمنة أقصد أناسا من فئة المثقفين معروفة بتوجهاتها الماركسية"([2]) هذا إعلان صريح لبعض إلحاد الحداثيين، وهو كثير مكرور، وليس البحث خاصا هنا باستقصاء أقوالهم الإلحادية، ويكفي أن نحيل القارئ إلى الرسالة الجامعية القيمة "الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها" للدكتور/ سعيد بن ناصر الغامدي وهي في ثلاث مجلدات كبار أتت على فكر الحداثيين من القواعد، وأظهرت عوارهم الفكري والأدبي والعقائدي.

ثانياً: الغموض واحتقار عقلية الجماهير:
أبر ما يميز فكر الحداثة الغموض، بدءا من مفهوم الحداثة والوقوف على ماهيتها، وانتهاء بما كتبه أهل الحداثة في كثير من إصداراتهم كتبا كانت أو مقالات أو حتى أشعار- إن صح لهم شعر- والعجيب أنهم يعتبرون أن حياة الحداثة في غموضها, وموتها في ظهور حقيقتها.
فأنت ترى في هذا الفكر كثيرا جدا من الألفاظ الطنانة، والتراكيب المعقدة الغريبة التي لا تحمل معنى، ولا تفيد شيئا خذ مثلا من كتاب أركون "تاريخية الفكر العربي الإسلامي" حيث يستعمل مصطلحات لا عهد للعرب ولا للمسلمين باستعمالها، وهي تحتاج إلى قواميس أجنبية فلسفية وغير فلسفية لحل لفظها والوقوف على معانيها فمن ألفاظه مثلا: أثولوجيا، الميتولوجيات، التيولوجية, التشظي، المعاني المتشظية, البسيكولوجي, الإكراهات اللغوية،الإنطولوجي، السوسيولوجية, المنهجية الفللوجية، المخيال،التوترات التثقيفية، أسطورة العصر التدشيني، الانتروبولوجيا، البسيكولوجيا, التصور الميثي، المناقشة الابستمولوجية، الدوغمائية، التحليل الثيمي، اليقين العلموي، أركولوجيا الحياة اليومية, الثقافة الحضرية العالمة([3])، إلى غير ذلك من عشرات الكلمات الغريبة الموحشة، والتي تتكر في عشرات بل مئات المواضع من كتابه وكل كتبه.
أوردت مجلة "فصول" تعريفا للحداثة أوردته الموسوعة العالمية الفرنسية تحت عنوان "الحداثة في العالم الثالث" فتقول: إن الحداثة جدلية انفصال تتراجع أما دينامية دمج " وفي مكان آخر منها نقرأ: "إن الحداثة إجراء أيدلوجي موسع أو أنها متناقضة وليست جدلية"([4]) كلام غريب غير متناسق وغير مفهوم.
في مقال بعنوان "العلماني عندما لا يفهم العلماني" تقول كاتبة المقال: سوسن الأبطح، وهي تتحدث عن مؤتمر للحداثيين انعقد في بيروت، وتصف كيف جاء الحداثيون إلى المؤتمر "بمصطلحاتهم المعقدة، نظرياتهم التجريدية، وأساليبهم الإنشائية، ومشاريعهم الأفلاطونية... وكأن المسألة هي تيار في الاستعراضات الكلامية... حيث لا يتسنى للحاضرين سوى السماع من دون القدرة على التمعن والتدقيق، لغة تكاد تحتاج إلى مترجمين من العربية إلى العربية" ثم تقول – وكانت هي إحدى الحاضرات في هذا المؤتمر – "وصادف أن جلس إلى جانبي كاتبة معروفة، فإذا بها بعد ربع ساعة من إنصاتها لإحدى المداخلات تهمس في أذني متعجبة ومتسائلة: "عما يتحدث هذا الرجل، إني لا أفهم شيئا" ثم تقول "فإذا كان الكتاب يعجزون ويتأففون فما بمقدورنا أن نقول عن الإنسان البسيط الذي لم يتمرس في القراءة وملاحقة التحليل"([5]) والعجيب أنك تجد عند الحداثيين تبريرا لمثل هذا الغموض "تفسيرا يتناسب مع غرورهم الثقافي، إذ يبررون ذلك بأن العقل العربي لا يزال وفق آليات ومنطلقات لا تستوعب هذه المصطلحات والمناهج النقدية التي يبثونها في دراساتهم النقدية، إذ الكتابة العالية لا تتوجه إلى جمهور شعبي من القراء بل تستهدف النخبة المثقفة القادرة على قراءة هذا النهج من الكتابة".([6])
وهكذا يحتقر الحداثيون عقل الجمهور ويرونه عقلا أدنى من أن يفهم ويستوعب الطرح الحداثي، والحقيقة أن هذا الغموض في تصوري مقصود وذلك ليتلاعبوا بالألفاظ وليخفوا وراءها مكرهم وإلحادهم، فإذا ما حاكمهم الجمهور الرافض لفكرهم لاذوا بالتأويل والتماس المخرج، والغموض كذلك مقصود لأمر آخر وهو: أنهم أتوا بفكر غريب عن فكر الأمة ودينها، وبالتالي فهو لا يلبي طموحات الأمة، ولا يسهم في حل مشكلاتها، ومن هنا فلابد من محاولة إبقائه أكبر فترة داخل الجسد الإسلامي ولا يكون ذلك إلا بإحاطة هذا الفكر بضباب كثيف يحجب معناه، ويغطي مقصد أصحابه فإنه لو أفصح عنه لقوبل بالرفض من أول وهلة وبالتالي فلا بد من الغموض.

ثالثاً: الولع بالنماذج الشاذة
لكي يجد الحداثيون مبررا تاريخيا لوجودهم في الحياة الإسلامية والعربية، فإنهم يلجأون إلى التاريخ ينتقون منه النماذج الشاذة يتعلقون بها ويقتدون، ثم يقولون هذا هو التاريخ الإسلامي يحمل في طياته حركات حداثة وانقلاب على الماضي، فلسنا إذاً بدعاً في التاريخ.
إنهم يتحدثون عن نماذج شاذة في تاريخ الأمة يبررون بها عملهم فهذا أدونيس في كتابه الثابت والمتحول يقول: "ومبدأ الحداثة هو الصراع بين النظام القائم على السلفية والرغبة العاملة على تغيير هذا النظام، وقد تأسس هذا الصراع أثناء العهدين الأموي والعباسي، حيث ترى تيارين للحداثة: الأول سياسي فكري، ويتمثل من جهة في الحركات الثورية ضد النظام القائم بدءاً من الخوارج وانتهاءً بثورة الزنج ومرورا بالقرامطة، والحركات الثورية المتطرفة، ويمثل من جهة ثانية في الاعتزال والعقلانية الإلحادية وفي الصوفية على الأخص".([7])

رابعاً: الارتحال الفكري (الالتقاء مع كل الأفكار والتيارات المنحرفة)
تقول الموسوعة الميسرة "تبنت الحداثة كثيراً من المعتقدات والمذاهب الفلسفية والأدبية والنفسية أهمها:
1- الدادائية: وهي دعوة ظهرت عام 1916م، غالت في الشعور الفردي ومهاجمة المعتقدات، وطالبت بالعودة للبدائية والفوضى الفنية الاجتماعية.
2- السريالية: واعتمادها على التنويم المغناطيسي، والأحلام الفرويدية، بحجة أن هذا هو الوعي الثوري للذات، ولهذا ترفض التحليل المنطقي، وتعتمد بدلاً عنه الهوس والعاطفة.
3- الرمزية: وما تتضمنه من ابتعاد عن الواقع والسباحة في عالم الخيال والأوهام، فضلاً عن التحرر من الأوزان الشعرية، واستخدام التعبيرات الغامضة والألفاظ الموحية برأي روادها".([8])
فالقارئ لفكر الحداثة يجدها فكرة تعيش في كل بيئة غير نظيفة فكريا وأخلاقيا ودينيا، فهي تلتقي مع الماركسية، والوجودية، والعقلانية، والرأسمالية، والعبثية، والنصرانية، وكل فكرة تتنكر للدين، وتحارب الخلاق، وتنبهر بالفكر الغربي والثقافة الغربية، والسبب في ذلك فيما أظن أن الفكرة تقبل كل جديد، وتلهث خلفه ولو أدي ذلك إلى التناقض والاضطراب، ومن هنا نجد فيها النصيري كأدونيس، والماركسي كحسن خنفي ونصر أبي زيد وجابر عصفور وأجمد عبد المعطي حجازي، ومحمد أركون، ومحمد شحرور، وسعيد عشماوي، والنصراني كلويس عوض وخليل حاوي وأنطون سعادة وسعيد عقل، والفكرة تضم في طياتها كما بينا آنفاً الفكر العقلاني الذي يؤله العقل، والفكر العلماني الذي يقلص دور الدين بل يحاربه، والفكر المادي الذي لا يؤمن إلا بالمحسوس، والفكر الوجودي الذي يؤله الإنسان إلى غير ذلك، ورأينا كذلك أن الفكرة عاشت في بلاد مختلفة الأفكار والأديان والاتجاهات الفكرية والأنظمة الاقتصادية كألمانيا وفرنسا وروسيا وأمريكا وغير ذلك.

خامساً: الاضطراب والقلق والفوضوية
تعبيرات الحداثيين تفصح عن هذه السمة فهذا الحداثي كمال أبو أديب يقول: "وعي الزمن بوصفه حركة تغيير... والحداثة اختراق لهذا السلام مع النفس ومع العالم، وطرح للأسئلة القلقة التي لا تطمح إلى الحصول على إجابات نهائية، بقدر ما يفتنها قلق التساؤل وحمى البحث، والحداثة جرثومة الاكتناه الدائب القلق المتوتر، إنها حمى الانفتاح"([9]) وحداثي آخر يقول عن الحداثة: "إنها فن اللافن، كما يقول التعبيريون، الفن الذي يحطم الأطر التقليدية، ويبنى رغبات الإنسان الفوضوية التي لا يحدها حد".([10])
ولو تتبعنا أقوال الحداثيين وأفكارهم لرأينا الفوضى والاضطراب حتى في تصوير مفهوم الحداثة، وأي فوضى أكبر من الانقلاب على الدين والأخلاق، وهدم التاريخ والتراث، ماذا يبقى للأمة أن هدمت لغتها فنطقت بأحرف ورموز غير مفهومة؟, وما قيمة الأمة إذا انقطعت عن تاريخها وبدأت من الصفر؟ وماذا يبقي للأمة لو تركت دينها وارتمت في عفن الأفكار والتيارات الحداثية التي نبتت في بيئة الانحلال والإلحاد.

سادساً: الإباحية
الإباحية من أبرز سمات أهل الحداثة، يظهر ذلك على الخصوص في شعرهم وآدابهم، ففي مقطع من مقاطع هراء الشلمغاني([11]) الذي يسميه شعراً يقول فيه:

"اتركوا الصلاة والصيام وبقية العبادات
لا تناكحوا بعقد
أبيحوا الفروج
للإنسان أن يجامع من يشاء"([12])

ولعل نزار قباني وشعره أدل دليل على الإغراق في الإباحية والتحلل، فشعره تفاخر بالزنى والجنس، والغناء والموسيقى "يصرح الملحد نزار قباني بأنه قد قرأ آيات من القرآن مكتوبة بأحرف كوفية عن الجهاد في سبيل الله، وعن الرسول e، وعن الشريعة الحنفية، لكنه لا يبارك في داخل سريرته إلا الجهاد على نحور البغايا، وأثداء العاهرات، وبين المعاصم الطرية، فيقول في ديوانه "لا" صفحة 57:

أقرأُ آياتٍ من القرآن فوق رأسه
مكتوبةً بأحرف كوفية
عن الجهاد في سبيل الله
والرسول
والشريعة الحنيفة
أقول في سريرتي:
تبارك الجهاد في النحور، والأثداء
والمعاصم الطرية..." ([13])

وهو يُعلن أيضاً أنه يـحترف عبادة النساء، فيقول:

أنا لا أحترف قتل الجميلات
وإنما أحترف عبادتـهن. ([14])

ويقول هذا المجرم الملحد: كل كلمة شعرية تتحول في النهاية إلى طقس من طقوس العبادة والكشف والتجلي... كل شيء يتحول بالشعر إلى ديانة، حتى الجنس يصير دينا، والسرير يصير مذبحا وغرفة اعتراف، والغريب أنني أنظر دائما إلى شعري الجنسي بعيني كاهن، وأفترش شعر حبيبتي كما يفترش المؤمن سجادة الصلاة"([15])
وكثيرا ما يصرح هؤلاء العابثون الملحدون بأنهم يعبدون المرأة، فهذا يوسف سعدي يتحدث عن عشيقته قائلا لها: "فديتك إن عبدت الجمال وغير جمالك لن أعبدا"، ويتحدث أمل دنقل عن إحدى عشيقاته فيقول: "قالت: سأنزل، قلت:يا معبودتي لا تنزلي".([16])
وهكذا لو تتبعنا أقوالهم سنجد أنهم عصابة إباحية غارقة في الخمور والجنس، وتترجم عما هي فيه بما يسمونه شعرا.
هذه بعض خصائص الحداثة، ومن خلالها يتبين لنا مدى خطورة هذا الفكر على عقائدنا، وأخلاقنا، ولغتنا بل وحياتنا جملة، ويكفي في خطورتها أن وراءها دول بمخابراتها وأجهزتها تحاول أن تضعف الأمة، وتقوض بنيانها.

ويمكن بعد هذا التفصيل أن نجمل مجموعة خصائص الحداثة فيما ذكرته الموسوعة الميسرة في الآتي:

"أهم خصائص الحداثة:
1 - محاربة الدين بالفكر وبالنشاط.
2 - الحيرة والشك والقلق والاضطراب.
3 - تمجيد الرذيلة والفساد والإلحاد.
4 - الهروب من الواقع إلى الشهوات والمخدرات والخمور.
5 - الثورة على القديم كله وتحطيم جميع أطر الماضي، إلا الحركات الشعوبية والباطنية.
6 - الثورة على اللغة بصورها التقليدية المتعددة.
7 - امتدت الحداثة في الأدب إلى مختلف نواحي الفكر الإنساني ونشاطه.
8 - قلب موازين المجتمع والمطالبة بدفع المرأة إلى ميادين الحياة بكل فتنتها، والدعوة إلى تحريرها من أحكام الشريعة.
9 - عزل الدين ورجاله واستغلاله في حروب عدوانية.
10- تبني المصادفة والحظ والهوس والخيال لمعالجة الحالات النفسية والفكرية بعد فشل العقل في مجابهة الواقع.
11- امتداد الثورة على الطبيعة والكون ونظامه وإظهار الإنسان بمظهر الذي يقهر الطبيعة.
12- ولذا نلمس في الحداثة قدحاً في التراث الإسلامي، وإبرازاً لشخصيات عرفت بجنوحها العقدي كالحلاج والأسود العنسي ومهيار الديلمي وميمون القداح وغيرهم. وهذا المنهج يعبر به الأدباء المتحللون من قيم الدين والأمانة، عن خلجات نفوسهم وانتماءاتهم الفكرية".([17])



د/ أحمد محمد زايد
جامعة الأزهر –كلية أصول الدين – قسم الدعوة والثقافة الإسلامية .
جامعة الملك خالد -كلية الشريعة وأصول الدين – قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة.

----------------------------------------
([1]) الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها دراسة نقدية شرعية د/ سعيد بن ناصر الغامدي ج1/521 نقلاً عن الأعمال الشعرية لأدونيس 1/1.5
([2]) السابق ص 523.
([3]) انظر كتاب أركون/ تاريخية الفكر العربي الإسلامي - تجد الكتاب محشوا بهذه المصطلحات وغيرها الكثير والكثير.
([4]) انظر: نظرية تقويم الحداثة ص 42.
([5]) .................................................. ......
([6]) مأزق النقد في الفكر الحداثي د/ أحمد بن محمد العيسي ص 2.
([7]) الثابت والمتحول لأدونيس (1/9- 10).
([8]) الموسوعة الميسرة (2/877-880 ).
([9]) تقويم نظرية الحداثة ص 38.
([10]) السابق ص 35 نقلا عن كتابه (الحداثة في منظور إيماني).
([11]) هو محمد بن علي الشلمغاني, شيعي من غلاة الشيعة, كان إمامياً ثم تحول إلى النصيرية, وادعى أن الألوهية حلت فيه, ودعى إلى شريعة إباحية اخترعها من عند نفسه في أيام المعتمد العباسي, فأفتى العلماء بقتله, فقتل وحرقت جثته سنة 322 هـ انظر الأعلام 6/273.
([12]) الانحراف العقدي في فكر الحداثة ج1/ 583 نقلا عن الأعمال الشعرية لأونيس 2/547-548.
([13]) السيف البتار في نحر الشيطان نزار ومن وراءه من المرتدين الفجار ممدوح بن علي بن عليان السهلي الحربي ص 16- 17 الطبعة الثانية - 142.ه‍ - 2...م -دار المآثـر- للنشر والتوزيع والطباعة -المدينة النبوية.
([14]) السابق 24.
([15]) الانحراف العقدي في شعر الحداثة 1/375- 376.
([16]) السابق 1/384 نقلا عن الأعمال الشعرية لأمل دنقل ص 75.
([17]) الموسوعة الميسرة (2/881-882).

منقوووول بتصرف

سعيد راشد 03-17-2009 06:23 PM


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


موضوع الحداثة أخذ من المد والجزر الكثير الكثير
وما يهمني شخصياً هو الجانب الأدبي وشعر الحداثة - النثر - خاصة
ولذلك نقلت لكم مايلي :

__________________________________________________ _
سلسلة : أفكار في مواجهة الإسلام
أولا : تيار الحداثة

المقال السادس : أدباء العربية وشعر الحداثة

د/ أحمد محمد زايد

نقف في هذا المقال الوجيز وقفة مع أحد النقاد العرب المصريين وهو د/ كمال نشأت أستاذ الأدب العربي في الجامعات العربية، والشاعر والناقد الأدبي وهو يحلل شعر الحداثة وخطورته على اللغة والذوق بل على العروبة والدين حيث يقرر في كتابه الأخير الذي أصدرته مكتبة الأسرة بمصر تحت عنوان "شعر الحداثة في مصر" عدة أوصاف لشعر الحداثة وشعرائها في صورة شهادات حتى لبعض أدباء الحداثة والمفنونين بها، فهذا د/ عبد القادر القط يقول في شهادته على شعراء الحداثة: إن شعراء الحداثة بعيدون كل البعد عن قضايا المجتمع الذي يعيشون فيه وعن مشاكل الإنسان الذي يعيشون معه.
ويقول د/ أحمد هيكل: إن هذا الإنتاج الشعري الذي يأخذ هذه الوجهة الانغلاقية الألغازية الإبهامية قد عزل نفسه في نطاق خاص جدًّا، وهو نطاق هؤلاء الشعراء.
ومن النقاد العرب إلى شاعر من أمريكا الجنوبية ينتقد شعراء الحداثة (لتجميعهم الكلمات عشوائيًّا وفق آخر موضات باريس)
ويرى د/ كمال نشأت أن أبيات الشعر الحداثي التي يسمونها "قصيدة النثر" بتسمية أدونيس تخلو من الجمال، فهي لا ترسم لوحةً جماليةً، ولا تعكس دلالةً فنيةً مثلما نرى في الشعر الحق، ذلك أنها مكونةٌ من عناصر بعيدة لا انسجامَ بينها، أُكرِهَت على النزول في غير مواضعها فكان هذا التشتت المعيب.([1])

قصيدة النثر تناقض حقيقتها
من الكوارث التي حلت على الأدب العربي في الفترة الأخيرة ما يسمى "قصيدة النثر" التي تتناقض في تسميتها مع حقيقتها؛ حيث يثور السؤال كيف تكون قصيدةً وكيف تكون نثرًا في آن واحد؟
يشير الدكتور كمال نشأت إلى أن ما يسمى "قصيدة النثر" قد عرفه الأدب العربي فيما يسمى "النثر الفني" الذي كان يكتبه مصطفى صادق الرافعي ومي زيادة وأمين الريحاني وحسين عفيف، وكان هذا إبداعًا في أعلى مراتب الأدب، وهذا على خلاف ما يكتبه الحداثيون من نثر يسمونه قصيدةً وهو في حقيقته تقليد لقصيدة النثر الفرنسية، والتي مر كتَّابها بظروف قاسية شكلت حياتهم.

وهنا يتساءل الدكتور كمال نشأت: هل انتقل التشويه النفسي من نفس الشاعر إلى قلمه؟! ويؤكد الناقد الكبير الدكتور كمال نشأت أن ما يسمى "قصيدة النثر" يدعو إلى نفور المتلقي أو إهماله؛ بسبب استغلاقها وعبثها باللغة وتعتيمها الذي لا يسمح بنقطة ضوء تنير كهوفها المظلمة، وهو الأمر الذي حال بينها وبين الوصول المؤثر في نفس قارئها.

ويورد في هذا الصدد أمثلةً كثيرةً، منها:
(من ضلع صحراء قد اشتدت- سما- إذ مر رضقت به حرية من وحدة ما- مخمية - صدأ يتناسل حتى فرع نقطة أبيض كمخاضة- برق فراغ ما لم يعلمه ضل- راكد كسماء في مداخلها سراب- ليس عرضةً لهدف- إنما صار- احتمل زمانه فخرج تبت إليك من إشراكه- وشيشها بجسدي- إلحاحًا لأنسي - بكلتا يديه على عرصات الهواء مسقوفًا بما اشتهى.. إلخ.
ويعلق الدكتور كمال نشأت على الأمثلة التي أوردها، ومنها المثال السابق بأنها نوعٌ من العبثية والخروج على المعقولية؛ مما يشي بفساد الفطرة الذوقية، وهي تقليد لتعبيرات الأدب الغربي الذي لا يناسب بيئتنا ولا ثقافتنا.
ويرى الناقد التشكيلي محمود بقشيش أن بعض الرسامين الأوروبيين استعملوا "البراز" الآدمي في رسم بعض لوحاتهم، وهذا نوع من العبث يشبه ما وصل إلى حياتنا اليومية؛ حيث نرى رءوس الشباب التي حلقوها بأشكال قبيحة مستفزة، وفي شعور النساء المنكوشة، وفي تقطيع قماش البنطلون الجينز فوق الركبتين وفي ترك رباط الحذاء مفكوكًا.. إلخ. ([2]) هذا هو شعر الحداثة في عيون النقاد وهذه هي خطورته.

أما اللغة وكلماتها والأدب وفنونه
فكما قلنا قبل ذلك إن الحداثيين نقلوا حداثة الغرب إلى بلادنا, وهي البيئة التي كانت تعج بالمتناقضات، فكان الأدب: "بابا واسعا للتعبير عن كل هذه المتناقضات، هنا في ساحة الأدب والفنون كانت ملامح الحداثة أوضح، لا لأن الحداثة مختصة بها، ولكن لأن الأدب والفنون أقرب للناس عامة، وأوسع انتشارا.([3]) لقد وجد الإنسان نفسه في أوربا وسط هذه المتناقضات، وفي البلاد العربية وبعد هزيمة 1967م وبعد أن هزم المشروع القومي، أحس جيل القوميين العرب بالهزيمة الكاملة لمشروعهم، فأخذوا يهربون من بلادهم إلى أوربا ومن لم يستطع هرب من فكره وانسلخ من هويته إلى ما يسمى بالحداثة, وفيها وجدوا الأدب مهربا لهم يعبرون فيه عن نفسياتهم المنهزمة، يقول الدكتور عدنان رضا النحوي: كان الهروب إلى الرمز ليخفي وراءه شعوره وفكره المتأزم، فظهرت الحركة (الرمزية) ([4]) في صورة انحطاطية، كما سموا أول أمرهم، وحملت الرمزية معها وقاحة التعبير واضطرابه على صورة تخلخل المعنى أو تحطمه، وأصبح الرمز هو الصنم الجديد، ثم تطورت الرمزية إلى بعد أعمق في الغموض، فكانت الحركة (الانطباعية) ([5]) التي تلجأ إلى أسلوب تعبر به عن الانطباع الموحد للمعنى في اللون أو الضوء، إنهم يعتقدون أن الأشياء ذاتها تتحطم وتزول، فليست هي المهمة ولكنها تترك آثارها وانطباعها، فهم يرون ضرورة إحياء قوة اللون كتجربة حضارية، وقد مثلت هاتان الحركتان (الرمزية والانطباعية) بداية الهجوم على اللغة، وهي تحاول التخلص من جزئيات اللغة كالحروف.
ثم ظهرت الحركة (المستقبلية) في إيطاليا 19.5 م لتوغل في الغموض والاضطراب، حيث أعلن أصحابها أنهم سيبتكرون (الخيال اللاسلكي) الذي سيتمخض عن توليف متجانس لعناصر الكون التي يمكن احتواؤها بنظرة خاطفة، وضع "مارينيتي" في مقدمة كتابه المسمى"زانك تم تم" عنوانا هو: تحطيم النحو – خيال لاسلكي – كلمات حرة" فكانت من أشد الحركات تحطيما للغة، ودعو إلى الشعر الحر والكلمة الحرة المتفلتة من معانيها وقواعدها، ولتتحول إلى مقاطع صوتية غامضة هيستيرية مثل (سي سي سي سي سي سي) ثم تتحول الكلمات إلى رموز رياضية ( +-+-+-+-x) هذا في إيطاليا، وفي روسيا كانت التعبيرات في منتهى الغموض والعبث اعتمدت الحركة الكلمات الصوتية مثل الحركة في أوربا مثل قصيدة دربل إشكل، ابشكر, سكم، مي سوبو, رل ينر" مقاطع صوتية لا معنى لها في أي لغة، ولكن هذه المدرسة مع كل عجائبها وحربها على التراث والدين واللغة، حاربت الرمزيين، وأصدرت هذه الحركة بيانها سنة 1912م وأسموه (صفعة في وجه الذوق العام) وجعلت همها غسل الكلمات وتطهيرها من طلاء التراث الأدبي، وهذه المهمة دعا إليها أدونيس وكمال أبو أديب من رجال الحداثة في إجماع يدور كله مهما اختلف اللفظ، حول قول أحدهم "إن الشاعر يحرر الكلمة من معانيها ومما علق بها من غبار السنين فيطهرها ويغسلها " ويقول أدونيس في كتابه (مقدمة في الشعر العربي): "يصبح الشعر في هذه الحالة ثورة مستمرة على اللغة"... إجماع حداثي واضح على حرب اللغة والمعاني والتراث، ويلتقي من أجل ذلك حداثيو العالم الإسلامي مع حداثيي أوربا، في ساحة واحدة، وفي تبعية ذليلة وتقليد مهين، ليرسموا خصائص واحدة للحداثة. ([6])

عرضنا في مقالاتنا السابقة أبرز مبادئ الحداثة عرضناها وبينا بنظرة نقدية مدي التخبط والعبث، والعداء والحقد على اللغة والتراث والدين، والجرأة على ثوابت الأمة وإجماعاتها،
وهكذا "كانت الحداثة وصمةً في جبين الأدب العربي، خاصةً بعد أن كشفت الباحثة الإنجليزية فرانسيس ستوز سوندرز أن المخابرات الأمريكية كانت وراء محاولات نشر الحداثة وتمويل مجلتي "شعر" و"حوار"([7]) وكلتاهما لسان حال الحداثيين في مجال اللغة والشعر والأدب.


د/ أحمد محمد زايد
جامعة الأزهر –كلية أصول الدين – قسم الدعوة والثقافة الإسلامية .
جامعة الملك خالد -كلية الشريعة وأصول الدين – قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة.


----------------------------------------
([1]) من عرض أ/ عمرو محمود لكتاب ( شعر الحداثة في مصر ) للدكتور / كمال نشأت منشور في موقع إخوان أون لاين بتاريخ 15/9/2..5 م
([2]) السابق نفس المقال.
([3]) تقويم نظرية الحداثة ص99.
([4]) الرمزية مذهب أدبي فلسفي ملحد، يعبر عن التجارب الأدبية والفلسفية المختلفة بواسطة الرمز أو الإشارة أو التلميح. - والرمز معناه الإيحاء، أي التعبير غير المباشر عن النواحي النفسية المستترة التي لا تقوى اللغة على أدائها أو لا يراد التعبير عنها مباشرة. - ولا تخلو الرمزية من مضامين فكرية واجتماعية، تدعو إلى التحلل من القيم الدينية والخلقية، بل تتمرد عليها؛ متسترة بالرمز والإشارة. - وتعد الرمزية الأساس المؤثر في مذهب الحداثة الفكري والأدبي الذي خلفه. انظر/ الموسوعة الميسرة ( 2/874)
([5]) الانطباعية هي: الانطباعية مذهب(*) أدبي فني، ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا، وهو يعتبر الإحساس، والانطباع الشخصي الأساس في التعبير الفني والأدبي، لا المفهوم العقلاني للأمور. ويرجع ذلك إلى أن أي عمل فني بحث لابد أن يمر بنفس الفنان أولاً، وعملية المرور هذه هي التي توحي بالانطباع أو التأثير الذي يدفع الفنان إلى التعبير عنه. انظر/ الموسوعة الميسرة (2/895).
([6]) نظرية تقويم الحداثة ص 99 – 1.2 بتصرف واختصار.
([7]) عرض عمرو محمود لكتاب "شعر الحداثة في مصر" مصدر سابق.

__________________________________________________ ______________
لمن يرغب في الاطلاع على موضوع
" الحداثة في ميزان الإسلام " للدكتور : عوض محمد القرني
أو قراءة " فكر الحداثة في مواجهة الإسلام " للدكتور : أحمد محمد زايد

فليفتح الرابط التالي
http://www.saaid.net/mktarat/almani/h.htm



بنت الوادي 03-27-2009 07:57 PM


«®°•.¸.•°°•.¸¸.•°°•.¸.•°®»
http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1238172428.gif
http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1231431683.gif
ننتظر , ننتظر , ننتظر
طالت الغيبه يا رفيق الابداع

http://sahat-wadialali.com/vb/upload...1231431683.gif
«®°•.¸.•°°•.¸¸.•°°•.¸.•°®»

رفيق الدرب 03-27-2009 10:59 PM

اضافة رد على موضوع قرأت لك
 
بسم الله الرحمن الرحيم

كانت مشاركتي في الحلقة الفارطة عما يسمى بأدب الحداثة (حوار بين ابن منظور وابن دينار )
وقد تلقاه بعض كتاب الساحة بين مادح وقادح . وعلى كل حال أشكر الجميع .
لقد استأنست بتلك الحوارية فأردت أن اشرككم معي ، ولكن يظهر أني أحفظت بعضكم وقد سعدت بإثارة هذا الغبار ، حيث تولد عنه مقالات ومداخلات هي في غاية الروعة والجمال من أبي ناهل وعبدالرحيم وعلي أبو علامة وأنس العبادي ونجم سهيل وبنت الوادي وأخيرا من الأروع والمتألق دائما (سعيد راشد) ، الذي أشبع الموضوع بحثا وأحاط به إحاطة السوار بالمعصم فليس لي بعد ما دبجه من القول الحسن من إضافة حيث لا عطر بعد عروس إلا هذه الإضمامة والمداخلة البسيطة فأقول :أنا لست ضد الحداثة بمفهومها الشامل ، فالحداثة والتحديث في مناشط الحياة مطلب حضاري وفي الأدب خاصة مطلب بياني ، ويعلم الله أني أحب رموز الحداثة في بلادنا وتأسرني كلماتهم كتابة كانت أو شفهية .
ولكن مالا يروق لي تلك التي يدعونها بالقصائد الحداثية والمبهمة والموغلة في الرمزية والمنغلقة على الأفهام سواء أكانت موزونة ومقفاة أو قصائد نثرية .
أعتسفوا الكلمات اعتسافا ووظفوها في غير سياقها .
في ليلة شعر من ليالي النادي الأدبي بجدة استمعنا إلى كثير من ذلك الإسهال اللفظي وعجبت لذلك التصفيق فظننت أن الجميع قد فهموا معانيها وأحاطوا بمبانيها ، عندها احتقرت نفسي فملت يمنة ويسرة أسائل جليسيّ عما إذا كانا فهما شيئا فأجاباني بالنفي ، فسألتهم ولماذا تصفقان إذن ؟
قفالا: (الموت مع الجماعة رحمة ) . بعد الانتهاء من ذلك السيل الجارف مما يدعونه ــــ زورا وبهتانا ــــ شعرا ، أنهالت الأسئلة على كبيرهم والذي أحبه وأقدره كثيرا .
س/عرّف القصيدة الحداثية؟
أجاب:هي المعاني في أحسن تجلياتها .
س/ولكنا لا نفهم شيئا فأين هذا التجلي مما سمعنا ؟!!
فأجاب:على الإنسان أن ينقّب ويغوص على استجلاء المعاني وقد يخرج بدون أن يفهم شيئا مما قيل وربما حتى قائلها لا يستطيع إفادتكم بشيء .
كان معنا في تلك الليلة شاعر مشهور إذا رأيناه يصفق صفقنا ظنا منا أنه فهم مااستغلق علينا فهمه
وما أنا إلا من غزيّة إن غوت *** غويت وإن ترشد غزيّة أرشد

سئل أيضا عما إذا كان قد راقته تلك الأمسية فأجاب بأن ماسمعناه هو غثاء من رخيص القول .
فلا يغرنكم أيها الأخوة تطبيل المطبلين وتزمير الزامرين .
أكرر مرة أخرى أنا لست ضد الحداثة في الشعر ، القصيبي يقول شعرا حداثيا جميلا ونزار قباني له شعر حداثي في غاية الروعة والجمال وغيرهما كثير نفهمه ونتماهى معه ، فلمن يكتب صرعى التغريب هؤلاء إذا كان الكل لا يفهم ما يقولون؟!!
ليتهم وظفوا طاقاتهم الإبداعية في تبسيط قواعد اللغة العربية للطلاب والطالبات والتي هي (أعقد من ذنب الضب) .
ليتهم أتحفونا بنظريات استشرافية تحل مشاكل الأجيال المقبلة والآلاف من العاطلين عن العمل والفقر الذي يزداد يوما بعد يوم .
والليالي من الزمان حبالى *** مثقلات يلدن كل عجيب

أليست هذه أيضا حداثة أم أن الحداثة عندهم تقتصر على هذا الغثاء من زبد القول وهذه الهجمة الشرسة على لغة أهل الجنة (القرآن ) الذي أنزله رب العالمين (… بلسان عربي مبين )
وفي الختام أعتذر عن الإطالة فسامحونا
وإلى لقاء يتجدد مع الحرف إن شاء الله
.

أبوناهل 03-27-2009 11:59 PM

أستاذي الفاضل والقدير
رفيق الدرب
عندما سألتني لماذا لم أتداخل
بموضوعي (عن الحداثة) في موضوعك
قلت لك حينها مايلي :
موضوعك الذي طرحت جاء بصيغة أدبية رفيعة
وعنوانه لايوحي بموقف منك ضد الحداثة
كما أن معرفتي الوثيقة بك وبمنهجك الفكري
تجعلني أدرك أنك لست ضد الحداثة بل ضد
الغموض المبالغ فيه وأكدت لك أنني معك
في ذلك بل وأتفق معك أن كلينا ضد كل
ماينافي عقيدتنا الإسلامية وأعرافنا
هذا من جهة ومن جهة أخرى بينت لك
أن رؤانا متقاربة ولذلك فوضع موضوعي
كمداخلة أو تعقيب سيفسد جمال موضوعك
لأنني أكتب رأيآ لايتناسب مع نسق ماطرحت
(أقصد رأيآ جافآ وكتابتك إبداعية )
وهوعبارة عن حلقات فكيف يكون التعقيب
أكثر من مضمون صاحب المشاركة ؟!
وقلت لك أخشى أن يفسر البعض أن ماأكتبه يعد
ردآ على ماتناولته أنت في موضوعك ..
......... عمومآ هاأنت قد أزحت عن كاهلي كم كبير
فما ذكرته من حيث إعجابك برموز الحداثة وضروة
الحداثة لحياتنا لايتنافى مع ماأطرحه في موضوعي
.......... تبقى أستاذنا الذي تتلمذنا على يديه ياأباصالح
ورفيق الدرب في النادي والمناشط الثقافية وكذلك
على الصعيد الإجتماعي لاعدمناك .....

منسدح ومسوي ميت 03-28-2009 12:12 AM

كبير كما عهدناك يارفيق الإبداع فمع كل إطلالة تزف لنا أروع وأجمل الموضوعات

وعندما تنقد فنقدك هادف بناء بعيد عن المجاملات والانجراف مع تيار الحداثة بكل

ما فيها من عثرات وسقطات سواءا في العقيدة أو هدم القيم ومبادىء الشعر والنثر

العربي ومحاولة خلط الغث بالسمين .

ولعل في اسطرادك الأخير وتعقيبك على موضوعك مايدل على موقفك من هذا الغثاء

الذي يدرجونه تحت مسمى الشعر ( شعر الحداثة ) وهو من الشعر براء كبراءة الذئب.

ولعل في القصة التي دبجت بها حديثك دليل على أنه يوجد كثير ممن يصفقون ويطبلون

( مع الخيل يا شقرا) لهؤلاء الشعراء .

سأورد لكم قصيدة للشاعر عبدالرحمن بن مساعد بعنوان ( حلوة الحياة )

ولو جلست طوال الليل أهذي بما يتشابه مع هذا الطرح لألفت منه دواوين وسموها دواوين المنسدح .

وأخيرا وليس آخرا اتمنى لمن فتح لنا بابا لهذا الحوار دوام الصحة والعافية .

كلمات الشاعر عبدالرحمن بن مساعد





المشهد الاول

وحدة مزيونة بالحيل.......و حبيبة ...

بس تخون!!!!

وش اسوي بجمالها؟؟

بياخذها الزمان و تبقى عجوز.....

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة



المشهد الثاني

ملتزم ......

يصلي كل الفروض........

و اذا تعب..... فوت صلاة الفجر

واذا شبع راحت صلاة العصر ......

و عنده دش.......و يكذب كثير

و اذا صحى الصبح .....مشط اللحية

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة



المشهد الثالث

غني و ظالم .........

يطرد المساكين......و يستغل الضعوف

مغرور و فاسق......

و مجلسه عامر .......

كلٍ يبهر له........

و مع ذلك يجمع حسنات.......من كثر اللي يسبونه

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة



المشهد الرابع

يكد يدرس و يشتغل.........

لاجل يبني مستقبله.......

تزوج و جاب عيال......ثم تقاعد

صار يسكن في مكان.....و أم عياله في مكان

والسبب العيال......

صار دار المسنين بيتهم............

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة



المشهد الخامس

تغازل و تاخذ ارقام...........

و تطلع مع هذا.....و تواعد هذاك........

و يوم طاح الفاس في الراس.......

بكت ........

و راحت تشكي لامها غدر الزمان.......

طبطبت عليها امها وقالت:

ولا يهمك .....سفرة لمصر.... وشوية سيولة

و ترجعين بنت......

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة

المشهد السادس

مرفوع الكفن أبيض ......

وصاحبه وسط البياض.........

بعضهم يبكي.......و بعضهم عادي

دفنوه.....و تبكبكوا شوي

و اخر الليل سكارى.........

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة



المشهد السابع

سيارة مسرعة ........

و تدعس لها واحد........

مسكين هندي..........

و العسكري صديق الطايش .......

والخطا نصه على الهندي......

والباقي على أبو الطايش ..........

و في الليل.....الطايش يلعب بلوت

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة

المشهد الثامن

قارورة مويه ......

ما تضره .......طايحة في السيارة

يناظرها بغضب.......زعلان منها

و يفتح الشباك .....و رماها وسط الطريق

واذا اجتمع مع الشباب قال:

متى بنتحضر؟؟؟؟؟؟

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة

المشهد التاسع

اهم شي الثوب نظيف.......و الشماغ مكوي......

و القلم ماركة......والساعة تضوي......

و الجزمة جلد.......والسيارة عجب ......

و تلفونه ما يسكت......

إما بنات.....

أو البنوك تبي فلوسها.......

.عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة



المشهد العاشر

سطحية .......و مغرورة

غبية......و متكبرة......و يا ريتها حلوة

تبي زوج مواصفات......

ما يقول لا.......ويكره الاستراحات

لازم وسيم.....و انيق.....و متعلم.....و دخله ممتاز

و يحب السفر.........

و بعد سنين......تلاقي نفسها في الانترنت

تدور واحد يقبل بها.......

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة



المشهد الحادي عشر

فتح الكمبيوتر......

و دخل للمنتدى......و كلامه ما يتعدى ان الموضوع روعة و رهيب

و هو ما قراه و لا يعرف كاتبه........

بس يبي يزيد المواضيع موضوع ........

ويزيد همومنا هم.........

علشان يصير صاحب الألف موضوع......

و يتميز........

والمشكلة انه يتميز ...........

عادي........طاح الحطب.......... و حلوة الحياة

علي ابوعلامه 03-28-2009 01:24 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رفيق الدرب (المشاركة 59651)
بسم الله الرحمن الرحيم

:أنا لست ضد الحداثة بمفهومها الشامل ، فالحداثة والتحديث في مناشط الحياة مطلب حضاري وفي الأدب خاصة مطلب بياني ، ويعلم الله أني أحب رموز الحداثة في بلادنا وتأسرني كلماتهم كتابة كانت أو شفهية .
ولكن مالا يروق لي تلك التي يدعونها بالقصائد الحداثية والمبهمة والموغلة في الرمزية والمنغلقة على الأفهام سواء أكانت موزونة ومقفاة أو قصائد نثرية .
أعتسفوا الكلمات اعتسافا ووظفوها في غير سياقها .

أكرر مرة أخرى أنا لست ضد الحداثة في الشعر ، القصيبي يقول شعرا حداثيا جميلا ونزار قباني له شعر حداثي في غاية الروعة والجمال وغيرهما كثير نفهمه ونتماهى معه ، فلمن يكتب صرعى التغريب هؤلاء إذا كان الكل لا يفهم ما يقولون؟!!
ليتهم وظفوا طاقاتهم الإبداعية في تبسيط قواعد اللغة العربية للطلاب والطالبات والتي هي (أعقد من ذنب الضب) .
ليتهم أتحفونا بنظريات استشرافية تحل مشاكل الأجيال المقبلة والآلاف من العاطلين عن العمل والفقر الذي يزداد يوما بعد يوم .
والليالي من الزمان حبالى *** مثقلات يلدن كل عجيب

أليست هذه أيضا حداثة أم أن الحداثة عندهم تقتصر على هذا الغثاء من زبد القول وهذه الهجمة الشرسة على لغة أهل الجنة (القرآن ) الذي أنزله رب العالمين (… بلسان عربي مبين )
.




استاذي رفيق الدرب

لا اضافة على ما قلت
فقد وضعت النقاط على الحروف ...

ما لا يروق لك ... لا يروق لنا ليس تبعية ولكن منهج وقناعة

سلم الفكر يارفيق الحرف والكلمة

دمت بخير


سعيد راشد 04-02-2009 09:58 PM


بسم الله الرحمن الرحيم

نقلتُ لكم مقالة من صحيفة عكاظ للاستئناس وكمدخل لمشاركتي


زكي الميلاد

العالم العربي وثنائية الأصولية والحداثة

حاولت بعض الخطابات الفكرية العربية المعاصرة مقاربة مصائر العالم العربي في إطار ثنائية الأصولية والحداثة, وهي ثنائية سجالية وتصادمية بطبعها وسياقاتها الفكرية والسياسية. وتميل هذه الخطابات إلى هذه المقاربة وترغب إليها نفسياً وذهنياً, وكأنها لا تريد أن تحيد عنها, أو تخرج عليها, أو تتوقف عندها وتعيد النظر فيها, وفيما إذا كانت بحاجة إلى فحص ومراجعة.
وأظن أن هذه المقاربة لم تعد فعالة في تكوين المعرفة بطبيعة المأزق الخطير الذي وصل إليه العالم العربي, وفي انتشاله من أزماته الخانقة, وإخراجه من الانسداد الذي يغلق عليه أبواب الأمل بالمستقبل.
ويتجلى في هذه المقاربة ويتكثف الطابع الأيديولوجي, الذي يحكمه منطق التعالي, والتظاهر بتملك الوعي, والميل إلى تكريس التفاضل, والرغبة في تصنيف الناس إلى حداثيين وأصوليين, بغض النظر عن صدقية هذا التصنيف الفعلية والواقعية.
في حين أن النظر لهذه القضية, بعد كل ما جرى ويجري في العالم العربي من تحولات وتغيرات جعلته في قلب العاصفة, يتطلب منا أن نتجاوز ونتخلص من منطق التبسيط, ومنطق الاختزال الشديد والمريح, الأمر الذي يعني أننا بحاجة إلى قراءة غير أصولية من جهة, وغير حداثية من جهة أخرى نسبة إلى الحداثيين, مع شرط الاستحضار المعرفي لهاتين القراءتين, وذلك لأننا بحاجة إلى قراءة لا ينبغي أن تتسم بالأحادية والنهائية, وبمنطق الغلبة والانتصار.
فهل مصائر العالم العربي معلقة فعلاً بين الأصولية والحداثة؟ وهل يجوز أن نعلق هذه المصائر في نطاق هذين الخيارين, ونضيق استشراف المستقبل بالدوران بينهما؟ وهل كانت حركة التاريخ تصعد وتهبط, تتقدم وتتراجع دائرة بين هذين الخيارين فحسب؟.
لفحص هذه القضية والنظر فيها, يمكن التساؤل هل الأصولية كما تجلت في المجال العربي هي ظاهرة خالية ومتجردة تماماً من الحداثة؟ وهل الحداثة كما تجلت في المجال العربي هي ظاهرة خالية ومتجردة تماماً من الأصولية؟ أم إننا أمام أصولية فيها من الحداثة ما يمكن أن نختلف على نسبتها صعوداً وهبوطاً؟ وإننا كذلك أمام حداثة فيها من الأصولية ما يمكن أن نختلف على نسبتها أيضاً صعوداً وهبوطاً؟.
والسؤال كيف يمكن لنا أن نتوثق من هذه الجدلية ونبرهن عليها؟ وما الفائدة منها؟.
لا شك أن تحديد مفهوم الأصولية هو الذي يقربنا من توثيق هذه الجدلية, وإمكانية البرهنة عليها, فما هو مفهوم الأصولية وكيف نفهمها؟ من الممكن القول أن الأصولية والأصوليات عموماً مهما تعددت وتباينت في صورها وأنماطها أنها تستند على منطق يتصف بالصرامة التي لا تقبل المرونة, وبالنهائية التي لا تقبل المراجعة, وباليقين الذي لا يقبل الشك, ولا مجال في هذا المنطق إلى المساءلة والتعدد والاختلاف, ومن السهولة في هذا المنطق الادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة والتامة وحرمان الآخرين منها, وبالتالي فإن أصحاب هذا المنطق هم الذين يمثلون الطرق المستقيمة, والآخرون في نظرهم يمثلون الطرق غير المستقيمة, وأنهم على هدى وغيرهم في ضلال مبين.
واستناداً على هذا الفهم, أليس من الأصولية محاولة فرض الاتجاه الأحادي الصارم والثابت, والادعاء بأن ليس أمام الأمة من خيار للتقدم والمدنية إلا عن طريق اتباع النموذج الأوروبي وبشكل يقيني وكامل, وبدون تردد أو مناقشة! على طريقة ما ادعاه فرح أنطون في كتابه (ابن رشد وفلسفته), من الدعوة إلى مجاراة تيار التمدن الأوروبي الجديد, وإلا جرفنا هذا التيار جميعاً, وجعلنا حسب رأيه مسخرين لغيرنا!
وعلى طريقة ما ادعاه سلامة موسى كذلك, حين يرى أن علة الأقطار العربية, ورأس بلواها أننا مازلنا نعتقد أن هناك مدنية غير المدنية الأوروبية, وليس هناك حسب رأيه حد يجب أن نقف عنده في اقتباسنا من الحضارة الأوروبية!
وفي الجهة الأخيرة, يرى الباحث الألماني فريدمان بوتنر أستاذ العلوم السياسية ومدير معهد سياسات الشرق الأدنى بجامعة برلين الحرة في ألمانيا, أن الظاهرة الأصولية كرد فعل مضاد للحداثة هي جزء من هذه الحداثة, وبالتالي فهي تاريخياً ظاهرة حديثة. ومثلت هذه الفكرة الفرضية المركزية لدراسة أنجزها بوتنر بعنوان (الباعث الأصولي.. ومشروع الحداثة), نشرتها باللغة العربية مجلة المستقبل العربي الصادرة في بيروت, أبريل 1997م, وهي الفرضية التي يرى بوتنر أنها لم تحظ بالاهتمام في الدراسات السابقة بصورة لائقة.
ما أردت قوله في هذه المسألة, أننا في المجال العربي أمام أصولية لا تخلو من الحداثة, وأمام حداثة لا تخلو من الأصولية.
المصدر : صحيفة عكاظ الخميس 6/4/1430هـ


أخي الكريم :
رفــــــــيق الــــــــدرب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صح لسانك وسلم بنانك وارتفع شأنك.

في الحقيقة أشكرك على عبارات المدح والثناء الذي لستُ أهلاً له، وهذا من لطف أخلاقك الراقية.
أنا معك في الرأي تجاه الحداثة إذا كان يقصد بها التطوير والتغيير نحو الأفضل .
ولكن لي تحفّظ على عنوان " عن الحداثة " الذي اختاره أخي أبو ناهل إذا كان يقصد به الحداثة بالمفهوم الذي أخذ من الجدل والتعارض والحوار والنقد والنقاش شيئاً كثيراً من المنادين به وبين المؤدين للأصولية في عالمينا العربي والإسلامي .
فطرح أخي أبي ناهل لا يمت للحداثة الحقيقية بخصائصها المعروفة بصلة ، فهو يقصد التطوير والتغيير -التجديد - نحو الأفضل في طرحه ، ونحن جميعاً معه في الرأي ، فالحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ...... إلخ من مظاهر ؛ تتغير عبر العصور ويجب أن يواكبها تطوير وتغيير مناسبين - تجديد - لكل مناشطها بحيث ألا يتعارض مع ثوابتنا الدينية وما يوافقها من عادات وتقاليد المجتمع الإسلامي .
ولذا ؛ استخدام عنوان " عن الحداثة " لا يتناسب مع طرح أبي ناهل. فتركيزه جاء على الشعر الجنوبي ، وما طرأ عليه من تغيير نحو الأفضل ، وذلك يعود لثقافة الشاعر ومقدرته على تطويع مفرداته اللغوية لرسم صور الإبداع الشعري المتجدد بطريقة مختلفة عن ذي قبل . وكذلك الأمر بالنسبة للشعر الشعبي ( النبطي) الذي امتزجت فيه الألوان المختلفة وتلاقحت الأفكار والأساليب وبرز المبدعون بنتاجٍ متطور ومتجدد يتلاءم مع تغير العصر . - ( هذه وجهة نظري الخاصة ,وقد أكون مخطئاً ) - .

وإلا ماتفسير الحادثة التالية ؟
وهل التغير في شعر الشاعر علي بن الجهم يُعتَبر حداثة؟!


------------------- إليك الحادثة كمثال ---------------------------

عَلِمَ علي بن الجهم - و كان بدويًّا جلفاً ، جافياً - أن المتوكل يهب الأعطيات للشعراء الذين يلقون القصائد أمامه ، فاتجه نحوه وأنشده قصيدة كان منها :


أنت كالكلب في حفاظـك للـود =و كالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمنـاك دلـواً =من كبار الدلا كثيـر الذنـوب

فعرف المتوكل قوته الشاعرية ، و رقّة مقصده النبيل و خشونة لفظه الجاف ، وذلك لأنه وصف المتوكل كما رأى بمنظوره البدوي ، لملازمتة للبادية و‏لعدم مخالطة المدنيّة . فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة فيها بستان يتخلله نسيم ‏لطيف والجسر قريب منه ، فأقام ستة أشهر مخالطاً الشعراء والأدباء ومتشرباً المدنيّة بمظاهرها الاجتماعية المختلفة مما أثرى ثقافته عموماً ،
ثم استدعاه الخليفة لينشد أمامه ، فقال هذه القصيدة التي تجلت بأرق المفردات الراقية التي طوَّعها لرسم ووصف أروع الصور الجمالية الرائعة :‏

عيون المها بين الرصافة والجسر= جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن= سلوت ولكن زدن جمراً على جمر
سلمن وأسلمن القلوب كأنما =تشك بأطراف المثقفة السمر
وقلن لنا نحن الأهلة إنما =تضيء لمن يسري بليل ولا تقري
فلا بذل إلا ما تزود ناظر =ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري
أحين أزحن القلب عن مستقره =وألهبن ما بين الجوانح والصدر
صددن صدود الشارب الخمر عندما =روى نفسه عن شربها خيفة السكر
ألا قبل أن يبدو المشيب بدأنني =بيأس مبين أو جنحن إلى الغدر
فإن حلن أو أنكرن عهداً عهدنه =فغير بديع للغواني ولا نكر
ولكنه أودي الشباب وإنما =تصاد المها بين الشبيبة والوفر
كفى بالهوى شغلاً وبالشيب زاجراً =لو أن الهوى مما ينهنه بالزجر
أما ومشيب راعهن لربما =غمزن بناناً بين سحر إلى نحر
وبتنا على رغم الوشاة كأننا= خليطان من ماء الغمامة والخمر
خليلي ما أحلى الهوى وأمرّه =وأعلمني بالحلو منه وبالمر
بما بيننا من حرمة هل رأيتما =أرق من الشكوى وأقسى من الهجر
وأفضح من عين المحب لسره =ولا سيما إن أطلقت عبرة تجري
وما أنس من الأشياء لا أنس قولها= لجارتها ما أولع الحب بالحر
فقالت لها الأخرى فما لصديقنا =معنَّى وهل في قتله لك من عذر
عديه لعل الوصل يحييه واعلمي =بأن أسير الحب في أعظم الأمر
فقالت أداري الناس عنه وقلما= يطيب الهوى إلا لمنهتك الستر
وأيقنتا أن قد سمعت فقالتا =من الطارق المصغي إلينا وما ندري
فقلت فتى إن شئتما كتم الهوى= وإلا فخلَّاع الأعنة والعذر
على أنه يشكو ظلوماً وبخلها =عليه بتسليم البشاشة والبشر
فقالت هجيناً قلت قد كان بعض ما= ذكرت لعل الشر يُدْفَع بالشر
فقالت كأني بالقوافي سوائراً =يردن بنا مصراً ويصدرن عن مصر
فقلت أسات الظن بي لست شاعراً =وإن كان أحياناً يجيش به صدري
صلي واسألي من شئت يخبرك أنني =على كل حال نعم مستودع السر
وما أنا ممن سار بالشعر ذكره =ولكن أشعاري يسيرها ذكري
وما الشعر مما أستطل بظله= ولا زادني قدراً ولا حط من قدري
وللشعر أتباع كثير ولم أكن =له تابعاً في حال عسر ولا يسر
وما كل من قاد الجياد يسوسها =ولا كل من أجرى يقال له مجري
القصيدة منقولة من موقع شبكة الإسلام

فهل التطور والتغير في ثقافة الشاعر
وطريقة تناوله للشعر بطريقة متجددة نحو الأفضل يعتبر حداثة ؟

إن هذا ما حدث للشعر الجنوبي في عصر التجديد والتطوير الذي لمسناه عند الشاعرين الأعمى ودغسان - رحمهما الله - ومن عاصرهما ومن سبقهما ومن خلفهما - ( عفواً لاتحضرني الأسماء كاملة ) -
وكذلك بالنسبة للشعر الشعبي وما طرأ عليه من تطور وتجدد وتمازج بين أنواعه المختلفة ، وما قدرة الشعراء على طرق فنونه المتنوعة ؛ إلا دلالة على براعتهم وتمكّنهم بما يحملونه من ثقافة عالية على التنويع.
وهذا لا يعتبر حداثة بمفهومها الذي عرفناه سابقاً من خلال خصائصها المذمومة ، بل تطوير وتجديد للشعر بتطويع المفردات والكلمات لإيصال الفكرة بصوَر جديدة متطورة ويتوقف ذلك على مدى ما يتمتع به الشاعر من شاعرية وثقافة عالية وعلم ودراية ببيئته بجميع جوانبها المختلفة .

متمنياً لأفكاركم جميعاً التألق الدائم ، ولأقلامكم التميز المستمر.
ولكم أطيب عبيرالسلام ، وأزكى أريج الاحترام.



رفيق الدرب 11-01-2010 11:30 PM

الآخوة والأخوات : سعيد راشد ، أبو ناهل ، علي آبو علامه ، بنت الوادي ، أنس العبادي ،
المنسدح ومسوي ميت ، حياكم الله جميعا ،
سامحوني أيها الأحباب على تأخري في الرد عليكم لعدم معرفتي بالكومبيتر
وانشغال ابني بدراسته وعدم وجود من يكتب لي
اشكركم جزيل الشكر .


الساعة الآن 12:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir